العلاقة مع إسرائيل.. حسابات الربح والخسارة!!

 

تقرير: زمزم خاطر

على خلاف الدول الأفريقية لم تربط السودان وإسرائيل أيّة علاقات خارجية، وقبل 53 عاماً وفي 29 أغسطس من العام 1967م عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم قمة (اللاءات الثلاثة) – لا صلح، لا اعتراف ولا مفاوضات مع إسرائيل – بل شارك السودان مع (مصر، سوريا والأردن) في حرب 1967م ضد إسرائيل.

قِمّة 1967م كانت بمثابة خارطة سياسية لكل الحكومات التي تَعَاقَبت على السودان، لم يتم التعامُل مع إسرائيل بصفةٍ دوليةٍ رسميةٍ، بل كان عبر أشخاص حتى سُقُوط حكومة الإنقاذ.

لقاء عنتيبي

في الثالث من فبراير الحالي، حملت وسائل الإعلام العالمية والمحلية خبر لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح  البرهان مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وأعلنت الرئاسة الإسرائيلية أنّ اللقاء تَمّ برعاية الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في العاصمة الأوغندية كمبالا.

وأثار اللقاء جدلاً عالمياً ومحلياً، وتباينت الآراء بين مُؤيِّدين ورافضين، كثرت المُبرّرات لكلا الفريقين، جانب يرى أنّ هناك مكاسب قد تتحقّق بهذه الخطوة التي يحسبوها أتت مُتأخِّرة، والجانب الأخر يرى أنّ هذه الخطوة ليست من مصلحة السودان ولا شعبه من شئ.

خطوة مُتأخِّرة

يقول المحلل السياسي، الخبير في العلاقات الدولية د. عبد العزيز سام، إنّ السودان ليست لديه مُشكلة مع إسرائيل تأريخياً كدولة في القارة الأفريقية إلا بعد دخوله إلى جامعة الدول العربية، ومُشكلته  معها تكمن في أنها دولة عربية منضمة إلى جامعة الدول العربية في الصراع المعروف مع دولة إسرائيل. وبغض النّظر عن وجهة نظرنا الشّخصية نستطيع القول إنّ السُّودان تأخّر جِدّاً في هذه الخَطوة والتي  يُقال عنها تَطبيعٌ وهي ليست كذلك، السودان ليست لديه علاقات مع إسرائيل، وبهذا الفهم إذا أردنا الحديث عن التّطبيع، فهذا يُفسّر أن هُناك عِلاقات قائمة وتَعكّرت ونُريد إرجاعها إلى طبيعتها، ولكن الأصح أن نقول إنّنا نُريد إقامة علاقات مع إسرائيل باعتبارها دَولة بحسب قانون الأمم المتحدة التي ننتمي إليها، وتأخّرنا كثيراً في إقامة هذه العلاقة.

مكاسب اقتصادية وسياسية

ويضيف سام: بالنظر إلى المكاسب في ظل العلاقات الطبيعية مع أية دولة تُؤسّس هذه العلاقات على المنافع وعلى الاحترام المُتبادل وليست على الخصومة والتوتر.

فتح الأجواء السودنية أمام الطيران التي تعبر إلى تل أبيب ستُساهم في رفع الاقتصاد السوداني عن طريق أدرار العملات الصعبة،  وتُساهم كذلك في تحسين العلاقات بين السودان والدول الأخرى، باعتبار أنّ هناك دولاً أخرى ستعبر إلى إسرائيل عبر الأجواء السودانية وليس إسرائيل فحسب.

أمّا المكاسب السياسية، هو أنك تكون خارج هذا التوتُّر، إسرائيل دولة متقدمة جداً، مُقارنةً بين أنك تقيم علاقات مع دولة فيها حرية وديمقراطية وعلم ثقيل جداً وفيه جامعات تُصنّف الأولى عالمياً، وبين علاقاتك مع دول لم تُقدِّم لك شيئاً في الأصعدة كَافّة.

وإذا استطاع السودان تعليم خمسة فقط من السودانيين في جامعة زراعية إسرائيلية، بالتأكيد سيُطوِّرون السودان زراعياً، لأنّ الإسرائيلي يستطيع أن ينتج طماطم من أصيص الزهور.

صفقة القرن

يقول السِّياسي والمُحلِّل المصري خالد الغرابلي، إن السودان يُعاني من أزمة اقتصادية حادةّ جرّاء العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليه في العام 1997م، وكذلك وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب والتي بدورها أوقفت دُخُول المُستثمرين الأجانب الذين يمثلون أَحَد عَناصر الاقتصاد في أيّة دولة والتطيبع مع إسرائيل يُعتبر فاتحة لرفع هذه العقوبات.. رأت الخرطوم أن الدخول إلى عقل وقلب الولايات الأمريكية هو في طريق تل أبيب، وهذا ما يراه الكثير من الدول وليس السودان فحسب، ومن هنا جاءت الرغبة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على أمل أن يرفع اسم السودان من دائرة الإرهاب.

جنوب السودان نموذجاً

ويَقُول المُحاضر بجامعة بحري – شُعبة العلوم السياسية د. عمر عبد العزيز: دولة جنوب السودان منذ العام 2013م دخلت في حرب والى الآن، وكل مباحثات السلام لم تنجح حتى الأخيرة التي قادها  السودان ممّا أثّرت في اقتصادها، لذا ليست هناك مكاسب جنتها من علاقاتها مع إسرائيل إلى الآن، ولم تستفد لا اقتصادياً ولا تكنولوجياً ولا استقرّت سياسياً أو اجتماعياً.

ومن ناحية سياسية، قد نكون تخلينا عن إخوة تربطنا بهم العقيدة والدين وتخلينا عن قضية سياسية، حارب فيها السياسيون السودانيون منذ الاستقلال ومن قبل اللاءات الثلاثة. وقضية القدس كانت من النقاط المُشرقة في السياسة السودانية، والحكومات عبر تاريخها الكبير “المدنية والعسكرية” وبمختلف أحزابها، حافظت على القدس من هذا المنطلق، وإذا حصلت نكسة وتراجع لا قدر الله ستكون مُشكلة كبيرة جداً في السياسة السودانية.

المُعاداة ليست من مصلحتنا

يتساءل الكاتب الصحفي ضرغام أبو زيد في فاتحة حديثه ويقول: لماذا نحن كسودانيين قراراتنا السياسية مُباشرة ويصحبها الكثير من الغباء السياسي وعدم الحنكة؟ نحن كدولة، مُحاصرون وحالتنا الاقتصادية مُتردية، وكان بإمكاننا أن نترك أعداءنا يحتارون فينا هل نحن معهم أم ضدهم؟! علينا دائماً أن نتّخذ القرارات الحكيمة التي تحفظ لنا حقوقنا في المقام الأول، وعلينا كشعب أن نُقارن بين ما لدينا وما نحتاج اليه. إسرائيل ستمسحنا في خمس دقائق إن أرادت وهي قد ضربت مواقع كثيرة مع أمريكا (مصنع الشفاء واليرموك) وما زلنا مُحتفظين بحق الرد.. لماذا؟ لأنّنا لا نملك القدرة على الرد أصلاً، علينا أن نترك العَدَاء السَّافر الذي لم نَجنِ منه غير الحسرة والندم بغباء سياسيين حكموا السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى