(أبيي).. القنبلة الموقوتة

 

 

وُصِفت بأنها قنبلة موقوتة، لأنها وضعت كي تتفجر في أي وقت رغم الحلول الأخيرة التي وضعت لها لتحكم المنطقة عبر برتكول محدد تم الاتفاق عليه في اتفاق السلام 2005.

ورغم المعالم التي حُددت لتنفيذ الاتفاقية بواسطة الأمم المتحدة، إلا أنها ـ أي الأمم المتحدة ـ اكتفت بإرسال قوات دفاعية للمنطقة، دون أن تتمكن من فرض الأمن وحماية المواطنين، وتكررت الاشتباكات، وأصبحت كما تسمى قنبلة موقوتة.

أجراها: صلاح مختار

رئيس المجتمع المدني بـ”أبيي” أحمد بيونق أروب لـ(الصيحة)

كلا الطرفين مُشتركيْن في أحداث أبيي و(اليونسيفا) ضعيفة

أبيي شمالية، ولكن لا مانع أن ننضم لإحدى الدولتين

 

*في أي سياق تقرأ تجدُّد الاشتباكات في منطقة أبيي؟

مشكلة أبيي عميقة، وكل الشعب السوداني يعرف ذلك بعد توصل الأمم المتحدة إلى الاتفاق بشأن أبيي أن تكون المنطقة منزوعة السلاح، وقامت بنشر قواتها لحماية المدنيين بالمنطقة، وحيّدت الدولتين بالدخول في المنطقة بأي سلاح، بالتالي الأمن بيد اليونسيفا. ولكن من هنا وهناك الناس غير ملتزمين باتفاق المنطقة منزوعة السلاح.

إماذا تعني بهنا وهناك؟

من الطرفين المسيرية ودينكا نوك لم يُطبّقا الاتفاق وخاصة من جهة غرب كردفان حتى الآن لديهم قوات داخل صندوق لاهاي بحجة البترول.

*تعني أن غرب كردفان بها مليشيات؟

غرب كردفان كولاية لا، ولكن جنوب السودان يدعي أن أبيي تابعة لهم لولا قرار الأمم المتحدة بتحييد الدولتين كان لدولة جنوب السودان وضع في المنطقة خاصة أن القضية لم تًحسم حتى الآن, ويرى الطرف الآخر أن أبيي تابعة للشمال، ولكن بقرار الأمم المتحدة يصبح هنالك تدخل غير مرئي للناس، وخاصة من غرب كردفان لديهم قوات وهي مليشيات موجودة داخل المنطقة.

*لأي جهة تتبع تلك القوات؟

هي مليشيات، رغم أن حكومة الثورة عندما جاءت أكدت عدم وجودها أو قوات نظامية في المنطقة، وأي قوات يتم نزع السلاح منها، لأن قوى الحرية والتغيير عندما جاءت قالت ذلك، إلا أن المليشيات ما زالت موجودة، والمواطنون يعانون من الوصول من وإلى أبيي، وهنالك عمليات نهب وفرض رسوم حتى تصل المجلد أو بابنوسة.

*هل المليشيات تابعة لمعارضة الجنوب؟

لا، ليست تابعة لمعارضة الجنوب، وإنما لقبائل عربية في حين أن هنالك قراراً من الثورة بعدم وجود مليشيات في المنطقة ابتداء من أبيي تتعرض لمجموعة من المليشيات.

*هل أعدتُم تشكيل المؤسسات الإدارية في المنطقة سبب الأحداث؟

هذا صحيح، حيث كان الاتفاق في عام 2011 ينص على قيام سلطة مشتركة وإدارة مشتركة، هذا الاتفاق مع الأمم المتحدة، ولكنها بعيدة كل البُعد عن الواقع ولا يتم تطبيقه على الأرض وأصبح كلاماً على الورق.

*ولماذا تكليف الإشرافية القيام بذلك الدور؟

تم تشكيل الإشرافية في الشمال والجنوب، ومهمتها المفاوضات مع الاتحاد الأفريقي وليس لديها أي عمل تنفيذي، وإنما إشرافي، وبالتالي الإشرافية الموجودة في الشمال عملت جناحاً تنفيذياً في الخرطوم ولديها مال غير مستخدم في المنطقة، وإنما لجهة واحدة فقط هم المسيرية وهو رئيس الإشرافية، وبالتالي إذا كان الرئيس منهم ماذا تنتظر كل الجهات تجاه المسيرية، رغم أن الإشرافية كجهة إشرافية وليست تنفيذية، وكثيراً ما تحدثنا مع الحكومة بهذا الشأن ومع كل رؤساء الإشرافية ولكن لم يحدث شيء، وقلنا إذا كان هناك جسم تنفيذي من المفروض أن يكون دينكا نوك جزءاً منه.

*تعني ليس هنالك تمثيل عادل في جسم الإشرافية؟

نعم، لم يكن هنالك تمثيل عادل بين مكونات المنطقة وتحدثنا كثيرًا، ولكن لا أذن صاغية، ولم يستوعبوا أحداً من أبناء نوك، وبالتالي نحن نتهم الإشرافية بأنها تشرف على المليشيات.

*البعض يتحدّث عن ضعف قوات (اليونسيفا) لعدم تدخّلها لمنع الاحتكاكات بين الأطراف؟

بالضبط، كما قلت “اليونسيفا” ضعيفة كل الضعف، ولم تقم بعملها وبواجبها بشكل كافٍ ومنذ شهر نوفمبر وحتى ديسمبر الناس تُقتَل في أبيي، ولا تتدخل تلك القوات، أما المجزرة التي حصلت اخيراً فليست الأولى، وإنما هنالك (9) أطفال قُتلوا في الشهرين الماضيين، و”اليونسيفا” هي المسؤولة ولا نقول الحكومة ضعيفة، لأن كل الصلاحيات في يد القوات الأممية رغم أن لديها كل الآليات للإمساك بالمُجرمين من الطرفين.

*ولكن هناك اتهام بوجود مليشيات جنوبية بالقرب من أبيي؟

صحيح، الجزء الغربي من أبيي به مليشيات بقيادة ضابط جنوبي يُدعى توماس لديه مليشيات ليست تابعة لدولة الجنوب، ولا تابعة للسودان، هي مليشيات قابعة في الوسط ولا أعرف من الذي يحتضنها، ولكنهم موجودون و شترك في ارتكاب الجرائم في أبيي.

*ولكنها مليشيات جنوبية؟

إذا كانت جنوبية الآن الجنوب انفصل، الآن ما في جنوبي عنده حق في الشمال إلا دينكا نوك في أبيي لديه حق وطني ودستوري، لأن أبيي تابعة للشمال, وليس من المفروض يكون هنالك وجود لأي قوات جنوبية في المنطقة.

*كيف تنظر لمستقبل المنطقة وآفاق الحل؟

أبيي مشكلتها محلولة من خلال تحكيم محكمة لاهاي، وأبيي محددة حدودها بنص الاتفاق، ولذلك بعد هذا على الأمم تنفيذ الاتفاق، وحلُّنا أن نكون لوحدنا لا تابعين للشمال ولا تابعين للجنوب طالما لدينا أحقية والمنطقة محددة بواسطة محكمة بخطوط عرض وطول، إذا تعذّر ضمها للشمال أو الجنوب، لماذا لا نكون محمية مستقلة (لوحدها) ونحن لا نلوم الشمال لأنهم قالوا إذا كانت حدود أبيي على حدود (56) تتبع للشمال وللسودان له الحق على تلك الحدود 56 ولا أحد ينكر ذلك.

*حديثك يتعارض مع قناعات البعض بشأن تبعية المنطقة؟

نحن كمواطنين منذ التركية تابعون للشمال حتى تم النزاع بين الجنوب والشمال، ولكن أرضاً أبيي شمالية ما في شك ومن حق السودان المطالبة بها. ونحن لا نقول ذلك لأنه مما جاءت السودنة كمواطنين أبيي (ما ارتحنا)، لأن المكون المسيري يتقمص شخصية الدولة، وينكد معيشتنا، والذين تمردوا مع قرنق لأنهم لم يجدوا راحة، حقوقنا ضائعة.

*البعض يريد ضم أبيي إلى الجنوب؟

نحن أي طرف من الدولتين يمكن الجلوس معه، ولكن إذا وجدنا حقوقنا كاملة، والآن نحن مرتاحون في الشمال ونشكر الشمال الذي منحنا حقنا الدستوري، وأصبحنا نحمل الرقم الوطني، ونعمل في مؤسسات الدولة، لم نشعر بأننا جنوبيون في حين أن الجنوب لَفَظَنا.

888888888888888

رئيس لجنة إشرافية أبيي السابق حسن نمر لـ(الصيحة)

إما أن تُنفّذ اتفاقية 2011 وإما أن يعود الجيش السوداني لـ”أبيي”

المنطقة أمنيّاً هشّة تتحمل مسؤوليتها قوات الأمم المتحدة

*كيف تقرأ سياق تجدُّد الأحداث في أبيي؟

أولاً، أتحدث بصفتي الشخصية بوصفي كنت مُمسكاً بالملف لأكثر من عام، وبالتالي الأحداث ليست بعيدة عما يدور في منطقة أبيي، ولأنني مُهتم بالملف وتحملت أعباء الإشرافية لفترة، أقول أولاً، هذه المنطقة أمنيّاً هشة, لأسباب معرفة منذ زمن بعيد، لأن الأحداث تكرّرت من السبعينات، حيث اتفاقية أديس أبابا، مروراً بأحداث كثيرة، وهي إحداث قبلية مربوطة بالمجتمعات وتداخُلها بحكُم طبيعة مواطن المنطقة الرعوية والتداخُل السكني والحياة المعيشية، إلى أن تدخّلت القوات الإثيوبية تحت مظلة الأمم المتحدة.

*هل ملف أبيي تم تدويله وكيف ترى وجود (اليونسيفا)

الملف دُوِّل بعد محكمة لاهاي واتفاقية 20/6/2011 التي وُقّعت في أديس أبابا تحت مظلة الاتحاد الأفريقي ودخول هذه القوات بموجب الاتفاقية بهدف أساسي لحماية المواطن بالمنطقة من أي اعتداءات أمنية، بالتالي هدفها أمني.

في المرحلة الأولى سُمّيت بالاتفاقية الإدارية والأمنية في منطقة أبيي عندها عدة بنود من ضمنها البند الأمني لوجود الاحتكاك في المجتمع المحلي.

*إذن عدم تطبيق اتفاقية 2011 وراء الأحداث؟

لم تُطبَّق الاتفاقية لتعنُّت الطرف الأخر بجنوب السودان أو الدينكا الذين يعتمدون في قراراتهم على دولة جنوب السودان، بالتالي إذا تم تطبيق الاتفاقية وتكوين إدارة تنفيذية ومجلس تشريعي وشرطة محلية وعودة النازحين إلى مناطقهم واستمرار تقديم الخدمات لهم لِما كان حصل كل هذا.

*وإلى ماذا تعزو تجدُّد الاشتباكات؟

الجانب الأمني في الاتفاقية، لو قامت القوات الأثيوبية أو “اليونسيفا” بدورها المنوط بها ودخولها لحماية مواطني المنطقة من أي تدخلات، وجعلها خالية من كل الأسلحة لما حصلت كل تلك الاحتكاكات والاشتباكات من هنا وهناك سواء من المُتفلتين أو أي مسميات مُعيّنة.

*هل هناك جهات وراء تلك الأحداث؟

ليس غريباً ان تحصل احتكاكات في منطقة رعوية وقتل من هنا وهناك، ونهب أبقار من هنا وهناك من متفلتين أو تحت أي مُسمى آخر، ولكن إطالة أمد تنفيذ الاتفاقية وتعنّت الطرف الآخر في استكمال الاتفاقية وتكوين الإدارة التنفيذية والمجلس التشريعي أدى إلى كل هذه الأحداث من فقدٍ للأرواح من أي طرف.

*هل تعتقد أنها أحداث فردية أم عمل مُنظّم؟

أعتقد هي خروقات فردية دون وصف لأي جهة ما، توصيفات من أفراد من هنا وهناك تؤدي إلى هذه التصرفات والتفلتات.

*ما هي الإجراءات التي من المُمكِن اتِّخاذها لتلافي المشكلة؟

ما ندعو له قيام القوات الأممية بدورها كاملاً، فيما أوكل لها حسب الاتفاقية التي منحتها الشرعية أن تقوم بها في المنطقة، وأبعدت القوات السودانية والجنوبية خارج خط (10) جنوباً حتى تتيح الفرصة لهذه القوات الأممية أن تلعب دورها وأكثر من ستة أو سبعة أعوام كفيلة أن تلعب تلك القوات دورها وكفيلة بتطبيق اتفاقية (2011) وكيف يكون هنالك حل للملف.

*هل تعتقد أن الملف تمّ إهماله وما تأثير ذلك؟

أعتقد أن إهمال الملف من أي جهة كانت، وعدم الوصول إلى حلول فيه يمكن أن يقود إلى أكثر من ذلك، ولذلك ندعو القوات الأثيوبية أن تلعب دورها كاملاً أن تجعل المنطقة خالية من السلاح في يد أي جهة ما, وتحافظ على أمن المواطن وتعطي المواطن حقه في الرعي الكامل في أأراضيه التي يرعى فيها لفترة طويلة. والاعتدادات التي تمّت والتي أدت إلى فقد أرواح كثيرة جداً من الطرفين وأعتقد أن الطرف المسيري تجاوز الـ(200) فرد قتلوا بأيدس مجهولة تسمى من متفلتين ونهب أبقار تعد بعشرات الآلاف.

*إذاً ما هي الحلول من وجهة نظركم؟

الحلول تكمُن في تنفيذ مهام القوات الأثيوبية ما أتت إليه واهتمام الدولة بحل قضية أبيي حلاً يكفل الاستقرار والأمن والحياة الكريمة لمواطن المنطقة والظرف الراهن في تقديري حصل تحميل مسؤولية للمركز، وهو أمر يحمد عليه، لأنه حمل المسؤولية ما تم من تفلتات وفقد الأرواح الغالية أياً كان طرفها للقوات الإثيوبية.

*هل هذا كافٍ في نظركم للإدانة فقط؟

هذا غير كافٍ في تحميلهم المسؤولية، ولكن يتم استدعاء قائد (اليونسيفا) إلى الخرطوم لتوضيح ما تم والوضع الأمني بالمنطقة وما فيه من تفلتات وفقدان للأرواح، وتحوُّط القوات الأثيوبية مما قد يتم من ردود الأفعال من أيٍّ من الطرفين بسبب فقدهم للأرواح حفاظاً على ما تبقى والاستمرار في إيلاء ملف أبيي مزيداً من الاهتمام في ظل مفوضية السلام والاتحاد الأفريقي والسعي لتنفيذ اتفاقية 20/6/2011 حتى يحصل الاستقرار والتعايش السلمي لمواطني المنطقة.

*هناك من حمّل الطرف المسيري مسؤولية الأحداث في المنطقة؟

هذه المنطقة تعج بمرور حركات مسلحة مختلفة ليسوا من المسيرية فقط أو الدينكا نوك فقط، ما يدور في جوبا من حوار وما يوجد من حركات مسلحة في دارفور أو جبال النوبة ما زالت تحمل السلاح ضد الدولة، وكما تعلم أن منطقة أبيي منطقة معبر بين دارفور وجبال النوبة، ولذلك لا يمكن أن يوصف كل من يحمل السلاح هو مسيري أو من الدينكا أو أي جهة كانت، لا يمكن تحميل المسؤولية لأي جهة، نحن فقدنا أكثر من (200) ودائماً نعلقها على متفلتين.

*هناك اتهام بوجود مليشيات تتبع لدولة الجنوب؟

لا نريد أن نُجرّم جهة ما دون إثباتات.

*هل انتهى دور الإشرافية من وجهة نظرك؟

العكس هي تسمى لجنة الإشرافية تشرف على القضية حتى تقوم بالإشراف على الإدارة التنفيذية، وهي تقوم بالشرطة والعمل اليومي، وحفظ الأمن بين المواطنين وحلحلة المشاكل، ولكن بدأتُ حديثي بتعنّت الطرف الآخر، وقد يكون الأمر مقصوداً لجعل المنطقة دون إدارة تنفيذية وبدون حكومة، ولأن الاتفاقية حكمت أن يكون الجيش السوداني شمالاً والحركة الشعبية جنوباً، وأعتقد هذا وضع أمني هش، لا يمكن الوصول إلى استتباب الأمن لأي من الطرفين أما اتفاقية 2011 تنفذ كما ورد فيها أو عودة الجيش السوداني للمنطقة حتى يُحافظ على الأمن بالمنطقة وأرواح المواطنين.

*من المسؤول في حال التعنّت ؟

مسؤولية الدولة في الشمال إذا تعنتت دولة الجنوب في تنفيذ اتفاقية 2011 على الدولة أن تدخل الجيش السوداني في منطقة أبيي لأنها لا تزال منطقة سودانية باعتراف اتفاقية 2011 إلى أن يجري استفتاء، ولكن تظل منطقة أبيي دون حكومة متروكة للإشرافية، وهي لا حول لها ولا قوة لا تمتلك جيشاً وتسعى للوصول إلى اتفاقية، والطرف الآخر يرفض هذه الاتفاقية ستظل الدماء نازفة من كل الأطراف، ونحن نحمّل من هم مسؤولون عن أمن المواطن في المنطقة واستتباب الأمن وأناشد المركز بحل القضية حلاً جذرياً أو أن يتدخل المركز بكل مؤسساته القضائية والعدلية والجيش والشرطة لحماية المواطن من هذه التفلتات. إلى حين ذلك أن تتحمل تتحمل “اليونسيفا” مسؤولياتها التي جاءت من اجلها لحماية المواطن من المتفلتين وجعل المنطقة خالية من السلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى