طَالَبَت بها هيومن رايتس ووتش.. مراقبون دوليون بدارفور.. ضرورة أم وصاية؟!        

تقرير: مريم أبشر

رغم توقيع اتفاق سلام جوبا والاحتفاء الكبير الذي صاحبه، فضلاً عن الترويج الواسع بأنه اتفاق مختلفٌ بحسبان أنه عالج جذور المشكلة بخلاف عشرات الاتفاقات التي وُقِّعت خلال فترة العهد البائد، ورغم أن قيادات الكفاح المسلح نالت استحقاقاتها السياسية وتبوأت المناصب، إلاّ أن التوتُّرات الأمنية بدارفور لم تنتهِ، بل إن دارفور ما زالت تنزف.. وشهدت الأيام الماضية، صراعاً دموياً بجبل مون وعدد من المناطق بولايات دارفور المختلفة، راح ضحيته العشرات من المدنيين.. هذا التوتُّر وازياد وتيرة اتّساعه، دفع ببعض المنظمات الدولية للدعوة مرة أخرى بنشر مُراقبين.

ضرورةٌ مُلحةٌ:

وحثّت منظمة هيومن رايتس ووتش، الامم المتحدة بنشر مراقبين في اقليم دارفور، مبررةً ذلك باتساع رقعة  الاشتباكات القبلية، مَا نتج عنه عدد كبير من القتلى في أكتوبر الماضي وصل لـ450 قتيلاً. وطالبت المنظمة في بيان لها بأهمية ضم خبراء في الجرائم القائمة على النزاع الاجتماعي ضمن المراقبين، وذلك بعد عام من إنهاء مجلس الأمن تفويض بعثة حفظ السلام “يوناميد” وإنهاء عملها في دارفور.

وقالت المنظمة إن بعثة “يونيتامس” أغفلت مراقبة الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان في السودان وركّزت فقط على البناء المؤسسي للدولة للمرحلة الانتقالية، بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها المجتمعات المحلية بالمعسكرات بأن مغادرة البعثة ستجعلهم عُرضةً للهجمات المسلحة.

وحسب بيان هيومن، فإنها وثّقت لحالات قتل واعتداء على المدنيين ونهب وتدمير كامل للممتلكات في معسكرين.

وقال مسؤول سوداني يعمل بالمنظمة، إنّ الهجمات التي حدثت خلال العام الماضي خلّفت حوالي 183 قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين والآلاف من النازحين.

وشهدت بعض المناطق،  هجمات من مجموعات مسلحة، من بينها منطقة  كرينك، نتج عنه عدد من الوفيات والإصابات.

وحسب مراقبين، فإن  الاشتباكات القبلية وتعديات المجموعات المسلحة، ظلت  تتكرّر في الإقليم بشكل كبير، حيث شهد شهر نوفمبر  الماضي قتل 43 شخصاً على الأقل، وأُحرقت أكثر من 40 قرية وشُرّد الآلاف جراء اشتباكات قبلية نشبت في دارفور بسبب نهب الماشية.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوشا)، فإنّ بعض التقارير الأولية أشارت إلى إصابة عدد غير معروف من الأشخاص بسبب القتال المُستمر.

تعتيمٌ:

المشاكل التي انتشرت في دارفور حديثاً خلال الايام الماضية، تختلف شكلاً ومضموناً عن المشاكل القديمة، بعد الإجراءات التي أعلنها الفريق البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، مما يجعل الدعوة الدولية لنشر مراقبين دوليين  من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش امراً مهماً، ويجب النظر اليه بعين الاعتبار، هذا ما يراه الخبير الاكاديمي أستاذ العلاقات الدولية الدكتور صلاح الدومة، وكشف الدومة عن تغييب وتعتيم للمعلومات حول الأحداث الجديدة، وقال إنّ هنالك موجات كبيرة وضخمة من المهاجرين من عدة دول جوار، على رأسها تشاد ومالي والنيجر، ولفت الى أن هؤلاء العائدين لديهم أنماط سلوك مختلفة وبعضهم يتفوق تسليحاً على المواطنين وقوات حركات الكفاح المسلح كمًا وكيفًا، ولم يستبعد ان تمتد موجات العائدين لداخل البلاد، ونبه الى ان تلك المجموعات لا تتبع لأي جهة، ولهذه الأسباب وغيرها يرى الدومة أن نشر مراقبين يعد ضرورياً، بل مضى لأبعد من ذلك، مُطالباً بعودة بعثة “يوناميد”.

أزمة النخب:

وجود مراقبين دوليين أصبح من الأهمية بمكان، لأن الوضع الآن في دارفور يدفع ثمنه المواطن البسيط.

ويعتقد البروفيسور عبده مختار استاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بالجامعات، أن اتفاق سلام جوبا لم ينتفع منه المواطن، إنما النخب السياسية الدارفورية فقط، وقال لـ”الصيحة” إنّ الوضع فى دارفور زاد سوءاً اكثر من ذي قبل من حيث الحياة المعيشية والأمنية تفجرت بشكل مخيف، واتهم قيادات دارفور الموقعة على السلام  بالانشغال بالسلطة ولم ينتبهوا لأهل دارفور في أماكن النزوح واللجوء الذين يدفعون ثمن التفلتات الأمنيّة.

حفظ السلام

ومضى البروف مختار للتأكيد على اهمية نشر مراقبين دوليين بولايات دارفور، واشار الى أنه لا مناص من ذلك في ظل التدهور الأمني، بل ذهب ابعد من ذلك بالدعوة لإعادة قوات حفظ السلام بأسرع ما يُمكن، واصفاً الوضع بالخطير.

ضعف الحكومة:

وقال مختار، إن الحكومة الراهنة في وضع ضعيف وهناك فراغ دستوري واداري وصراعات حول السلطة لم تنتهِ بعد، ولفت الى ان مفاوضات جوبا لن تؤدي لسلام، لأن من وقّعوا عليها لم يُفوّضوا من قِبل الأهالي، وانتقد مختار، اتفاق مسارات جوبا، وأشار إلى أنها أدخلت البلاد في مأزق سياسي، لافتاً الى أن القيادات المُوقّعة تتمسّك بالحكم رغم التغييرات التي جرت في الخامس والعشرين من اكتوبر، بأن يتم الرجوع للوثيقة الدستورية التي نصّت على حكومة كفاءات، وقال انّ هؤلاء ليسوا بمستوى الوطن والمسؤولية، وإن تمسكهم بالبقاء دليلٌ على عدم حرصهم للتنحِّي والتحول من حركات الى أحزاب سياسية تعد نفسها لخوض الانتخابات، واضاف أنّ اولوياتهم لذواتهم وليس للوطن أو دارفور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى