سوق الفريشة بموقف جاكسون.. تفاصيل ما حدث

 

الخرطوم: محمد موسى      31مارس2022م 

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي صباح أمس، بواقعة نهب قوات نظامية (للفريشة) بموقف جاكسون وسط الخرطوم، حيث تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وواتساب)، منشورات بصورة مكثفة صبيحة أمس (الأربعاء) تتعلق بنهب قوات نظامية مشتركة فجر ذات اليوم بضائع (الفريشة) بموقف جاكسون وإطلاق الغاز المسيل للدموع على التجار المتواجدين بالموقف، وتداول ناشطون كذلك صوراً لبضائع مبعثرة على الأرض بالموقف تدعم موقفهم.

(الصيحة) وحرصاً منها لتمليك الحقائق للرأي العام، وقفت على مكان الحدث بموقف جاكسون، وفور وصولها للموقع عند حوالى الساعة الحادية عشرة منتصف النهار وجدت ثلاث ناقلات (دفارات) محملة بالجنود من منسوبي الشرطة وهم مسلحون بـ(العصي والهراوات والدرقات، وقاذفات البمبان)، كما رصدت (الصيحة) خلو الموقف من مركبات المواصلات العامة بالكامل وسط حركة طفيفة للمواطنين هنا وهناك، كما رصدت الصحيفة عددا من الفريشة يتحركون بالمكان يقلبون (كفيهم يمنة ويسرى) وملامح الحسرة تنبع من وجوههم وهم يطلقون النظرات تارة نحو بضاعتهم التي أصبحت حطاماً وتارة أخرى حول ناقلات جنود الشرطة التي ترتكز حول الموقف، وما هي إلا ودقائق معدودة حتى تحركت ناقلات الشرطة في نحو الاتجاه الجنوبي لموقف جاكسون وهنالك اطلقت عبوات الغاز المسيل للدموع على عدد من المتجمهرين بالمنطقة مما اجبرهم على الهروب من موقع تصاعد الغازات.

فى الجانب الآخر، وهو اقصى الاتجاه الغربي لموقف جاكسون حيث امتلأ المكان ببقايا آثار بضائع الفريشة وتبعثرت بضائعهم وتشتت حول مداخل حافلات المواصلات، حيث رصدت (الصيحة) (بعض اجزاء الكراتين وعلب مستحضرات التجميل وزجاجات العطور والحلويات، بجانب وجود آثار كذلك للتمور) ، وغيرها من البضائع التي استخدمت السلطات الآليات (لودرات) حسب التجار الذين تحدثوا لـ(الصيحة) في نقلها بصورة عشوائية على شاحنات (دفارات) ومن ثم مغادرة المكان بها دون إخطارهم بذلك، في وقت رصدت فيه الصحيفة كذلك انتشار الأطفال حول الموقف وهم يقلبون (الترابيز والمعارض) التي أزالتها القوات المشتركة لعلهم يجدون بقايا أشياء لها قيمة تعينهم في سد رمقهم، في الجانب الآخر وفور مغادرة الشرطة المكان عادت الحياة لطبيعتها المعتادة وسارعت مركبات المواصلات الدخول لمواقفها.

في السياق ذاته، اعلن عدد من التجار والفريشة بالموقف في حديثهم لـ(الصيحة)، عن دعمهم الكامل ومشاركتهم في موكب اليوم (الخميس)  المتجه نحو القصر الجمهوري والمطالب بالحكم المدني، مؤكدين بأن انضمامهم للموكب يأتي كرد فعل على ما حدث لهم من تشريد ونهب بضائعهم بحد قولهم، وعاب التجار على السلطات بمحلية الخرطوم بمفاجأتهم دون سابق إنذار والهجوم على بضائعهم في وقت مبكر من فجر أمس وهم في منازلهم مما تسبب لهم في خسائر فادحة بحد تعبيرهم، مشددين على أن عملهم في التجارة يعولون من الأسر وبنهب السلطات لممتلكاتهم باتت تلك الأسر مهددة بالتشرد – لا سيما وأن شهر رمضان المبارك على الأبواب.

وقال أحد التجار ويدعى محمد صديق محمد العمدة لـ(الصيحة)، بأنه وحوالى الساعة الواحدة صباحاً حضر إليه أحد أفراد الحراسة المكلفين بحراسة الموقف، وأكد له بأن هنالك قوة مشتركة حضرت وطالبتهم بضرورة أن يقوموا بحمل بضائعهم، مبيناً بأنه وبرفقته عدد من التجار الآخرين حضروا بغرض حمل بضائعهم، إلا أن القوة المشتركة منعتهم من ذلك وأمرتهم بالمغادرة فوراً وشرعت على الفور في تشغيل آلياتها (لوادر) في تحميل بضائعهم على شاحنات (قلابات) بصورة عشوائية، موضحاً بأنه وعقب وساطة قادها طاقم حراسة السوق مع القوة، تم السماح للتجار من الحاضرين بأخذ بضائعهم – الا انهم فشلوا في اخذ بضائع التجار الغائبين، ونفى العمدة وجود أي (إخطار) مسبق لهم بإخلاء المكان، منبهاً الى أن سلطات محلية الخرطوم سبق وأن حضرت اليهم قبل نحو أسبوعين وقامت بحصر التجار وذلك بغرض تقنين عملهم قبل حلول شهر رمضان، مشدداً على أنهم تفاجأوا بإزالة محلاتهم التجارية وحمل بضائعهم بطريقة عشوائية لا تشبه السلطات الأمنية مطلقاً بحد تعبيره، ونبه العمدة الى أن السلطات تعاملت مع إزالة محلاتهم التجارية والاستحواذ عبر استخدام الآليات وخلطها مع بعضها البعض وتحميلها على القلابات وتشمل بضائع التجار (تمور، خضروات، فواكه، حلويات، ملابس، عطور، مستحضرات تجميل،  احتياجات رمضان من أوان منزلية ومواد غذائية)، وأوضح العمدة بأنه لا يستطيع حصر كافة خسائر التجار جراء ذلك العمل، الا أنه أكد في الوقت ذاته بأن جميع التجار أحضروا بضائع تتمثل في الاحتياجات الأساسية التي يتم شراؤها لتغطية احتياجات رمضان قبل أيام وتمت إبادتها لهم، منبهاً الى أنه يبلغ متوسط رأس مال أي تاجر بالسوق ما يفوق الـ(2) مليون جنيه، وأكد بأن المحلية درجت للحضور اليهم دائماً في الأوقات الصباحية فقط لإنذارهم بحملاتها، ولم يسبق أن داهمتهم في وقت مبكر مثل ما حدث بالأمس، مؤكداً أن ما حدث لمحلاتهم التجارية بالأمس تم بواسطة قوة مشتركة شاركت فيها كافة القوات النظامية وتمت في غياب اغلب التجار وأصحاب تلك المحلات، وشدد العمدة في حديثه لـ(الصيحة) بأن ازالة القوات لمحلاتهم بذريعة وجود مخدرات بالمكان غير صحيحة، مؤكداً بأن تجار المخدرات ينتشرون في منطقة تعرف بـ(كولومبيا) اقصى غرب الموقف ولا وجود لهم بالمحل الذي تمت ابادته.

في ذات السياق، استغرب التاجر عماد فتح حمودة في حديثه لـ(الصيحة) حضور قوات نظامية لمحلاتهم التجارية ليلاً وإبادتها في غيابهم بصورة عشوائية، واصفاً ذلك بالعمل غير السليم وإهانة لهم، مضيفاً بقوله: (الناس البحضروا بالليل ديل ما حكومة ودولة وإنت عارف نفسك حكومة ودولة تعال بالنهار)، واعلن حمودة، انضمام كافة التجار والفريشة لمليونية اليوم والمشاركة فيها وذلك رداً لما تعرضوا له من ظلم بحد قوله.

من جهته، أكد أحد التجار الذي فضّل حجب اسمه، بأنه قام بشراء بضائع بملغ (1.2) مليون جنيه تتمثل في احتياجات رمضان من (تمور وعصائر طبيعية وبليلة)، الا أنه أكد لـ(الصيحة) إبادتها له بالكامل ولم يعثر على أي شئ منها.

حملة شغب وفوضى

وفي المقابل، اصدرت شرطة ولاية الخرطوم، تعميماً صحفياً حول ملابسات الحادثة، واوضحت فيه بانه وفي إطار تنفيذ خطة شرطة ولاية الخرطوم في تنظيم الأسواق وإزالة التشوهات بالطرق الرئيسية والمواقف، نظمت شرطة محلية الخرطوم حملة منعية مشتركة لإزاله الظواهر السالبة في موقف جاكسون وسط الخرطوم، وأشارت في التعميم إلى انه ونتيجة لتلك الحملة  تظاهر عدد من الباعة الجائلين في السوق معترضين على عملية تنظيم الأسواق والطرق العامة، واحتج الباعة على الإجراء بإحداث شغب وفوضى وحرق للإطارات وإغلاق الطرق المؤدية من وإلى جاكسون ورشق المارة بالحجارة وإشهار الأسلحة البيضاء، واكدت الشرطة بأنه ووقتها تدخلت لفتح الطرق وتم تفريغ الباعة المعترضين، وشددت شرطة ولاية الخرطوم على حرصها لفتح الطرق وسلامة المواطنين وعدم تهاونها مع الفوضى، ووجهت جميع الباعة بالتنسيق مع سلطات المحلية السياسية لعرض بضائعهم، -ونبهت الى ان كل من يخالف تلك الاجراءات او يتعدى على الطريق العام والممتلكات يُعرِّض نفسه للمُساءلة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى