وزير المالية.. مطالب بالاستقالة

 

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس

الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد  الوطني طوال السنوات السابقة كان السبب الرئيس فيها  السياسات الخاطئة التي مارسها النظام السابق  وبعد سقوطه بثورة ديسمبر المجيد، تاركاً وراءه اقتصاداً أقل ما يوصف أنه منهار والأزمات المتلاحقة  أجبرت المواطنين على الخروج للشارع  وما زالت قائمة بل هناك موجة من الارتفاع المتواصل لكل الاحتياجات المعيشية.

الأوضاع الاقتصادية المتأزمة جعلت تياراً بقوى الحرية والتغيير  يعتزم رفع توصية لمجلس الوزراء لإعفاء وزير المالية، والحديث عن إقاله الوزير تردد في الأيام الماضية كثيراً في  محافل سياسية، وأوساط اقتصادية نادت بتغيير الوزير،  وعزت الأمر لعدم قيامه بإجراء تغييرات وتعديلات في المالية العامة  وعجزه عن  ابتكار حلول لحل مشكلات الاقتصاد المعقدة سواء في الإطار المحلي أو الإقليمي والدولي.

ويرى الخبير الاقتصادي د. حسين القوني في حديث  لـ (الصيحة) أن مشاكل الاقتصاد والسياسات الحالية لا تجد القبول في الشارع لعدم فهمهم لمشاكل الاقتصاد المعقدة والمحيطة بالسودان من مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية وتاريخية وتمرد وحركات مسلحة ومعارضين بجانب الدولة العميقة ومشاكل أخرى داخلية وخارجية، ادت إلى عزل البلاد اقتصاديًا دولياً ومحاربتها خارجياً، باعتبارنا من الدول الراعية للإرهاب والحصار الاقتصادي الذي كانت آثاره واضحة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحالت دون وضع وتنفيذ الخطط التي تنهض بالاقتصاد، لذلك تأثر السودان سلباً وحدث العجز الكبير في الموازنات في الفترات السابقات، والتي أدت بدورها إلى النقص في موارد البلاد في النقد الأجنبي نتيجة لعدم القدرة التنافسية الخارجية بسبب ارتفاع الأسعار وضعف الإنتاج والإنتاجية، وأدي هذا الوضع إلى ارتفاع الطلب على الدولار والعملات الأجنبية بغرض الاستيراد أو سداد الالتزامات المالية الأجنبية، وفي المقابل  ارتفاعها بالسوق الموازي، الأمر الذي أدى الى زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار السلع أو التي يدخل إنتاجها وتصنيعها في المنتجات المحلية، لافتاً إلى السياسات الاقتصادية للنظام البائد والتي كانت ترهق كاهل المواطنين فضلاً عن سعيها المتواصل لطبع العملات مما زاد من حجم السيولة وأدى إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار وخروج المواطنين إلى الشارع، وكانت النتيجة إزالة النظام المخلوع.
وقال القوني: الآن تولت الحكومة الانتقالية إدارة البلاد وورثت كل تلك المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وبالرغم عن قصر فترة توليها لمسؤولياتها إلا أن الشارع العام بدأ يتململ من الأوضاع الاقتصادية، حيث كانت توقعاته  وطموحاته  في حل مشكلات  البلاد الكبيرة دون أن تنظر إلى التعقيدات والمشاكل التي تعاني منها البلاد من كل الاتجاهات وقال: رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية على وجه الخصوص يتطلب الأمر الصبر على هذه الحكومة وربط الأحزمة حتى نستطيع الخروج من عنق الزجاجة إلى آفاق رحبة تسعد بعدها البلاد والعباد في وقت وجيز، خاصة وأن البلاد تتمتع بإمكانيات كبيرة وموارد طبيعية ما يستطيع معها أن يبلغ مصاف الدول المتقدمة في سنوات قليلة حال استغلالها بشكل صحيح.

وفي ذات السياق، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين والخبير د. محمد الناير: نعاني من مشكلة في وضع السياسات في اتخاذ  وصناعة القرار الاقتصادي في التصريحات الإعلامية نفسها لأنها تؤدي إلى تعقيدات وإشكالات كبيرة جداً، قبل أيام دار حديث عن مخزون القمح وأدي إلى زيادة كبيرة في الطلب على شراء الدقيق وسوف يؤدي إلى أزمة للطلب غير الطبيعي لهذه السلعة، مشدداً على ضرورة إعداد دراسات وبحوث ودراسة القضايا الاقتصادية بصورة علمية حتى نستطيع اتخاذ قرارات لتصحيح مسار الاقتصاد السوداني، وأوضح في حديثه لـ (الصيحة) ما رشح من تصريحات حول استقالة وزير المالية والدولار الجمركي وغيرها، إلا انها لم تجد القبول في الأوساط الاقتصادية باعتبار  أن أي تعديل في قيمة الدولار أو تخفيض قيمة الجنيه الرسمي تقابله خطوة أخرى في السوق الموازي، وبالتالي يمكن أن يتجاوز سعر الدولار في السوق أكثر من 100 جنيه مقابل الدولار، والكل يتذكر ما أقبلت عليه وزارة المالية في العام 2018م من رفع الدولار الجمركي من 6 إلى 18 جنيهاً وما صاحبه من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات بلا استثناء، وبالتالي تحمل المواطن فاتورة عالية جداً بسبب هذه الإجراءات، ولا زلنا نسعى لتجريب المجرب وإلى الآن نستغرب من ذلك، ونتوقع نتائج مختلفة عن ما تم في السابق، علماً بأن وزارة المالية وضعت موازنة 2020م بأن سعر الدولار 55 جنيهاً بدلًا عن 18 جنيهاً، وهذه المعلومة لم تكن واضحة لكل الشعب السوداني، وبالتالي إذا وضحت في حينها ستشهد قفزة كبيرة في السوق الموازي، ومزيداً من تدهور العملة الوطنية مقابل سعر الدولار،  وفي الوقت نفسه نفى مصدر وثيق أن وزير الماليه لم يتقدم باستقالته  حتى الأمس وما زال يباشر عمله بالوزارة وعقد لقاءاته بصورة معتادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى