سد النهضة.. متى يُحسم الخلاف؟

 

الخرطوم: رشا التوم

يمثل سد النهضة محور خلاف كبير على  مستوى الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا، وأضحى قضية الساعة نسبة للتطورات اليومية والملفات القانونية والإجرائية في مجريات  ملء وتشغيل السد  للعام الثاني على التوالي.

وبالأمس  فشل الاجتماع السداسي  بين وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وأثيوبيا في التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول السد الأثيوبي.

بدورها أعلنت وزيرة العلاقات والتعاون الدولي لجنوب أفريقيا عن أسفها  للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات، واعلنت رفع الأمر برمته إلى رئيس الاتحاد الأفريقي  لاتخاذ ما يلزم.

واستمرت المفاوضات بين الدول المعنية وقتاً طويلاً دون الوصول إلى نقطه تفاهم، وأضحى كل طرف  يحاول بكل ما لديه من قوة لضمان حقوقه المائية وتحقيق سلامة خزاناته وأراضيه  من الآثار المتوقعة للسد وتأثيراته على البيئة والمجتمعات باعتبار أن  القضية لها أهميتها البالغة.

وبحسب المتابعات أكدت مصادر لـ(الصيحة)، أن السبب الرئيسي في فشل الجولة السداسية أمس الأول  هو ضعف الاتحاد الأفريقي في حل المشكلة وفرض رأيه بأن يأخذ الخبراء مجالاً واسعاً للمناقشة والتباحث  وإبداء رأيهم حول مجريات السد، إلا أن مصر وأثيوبيا رفضتا مبدأ الاستعانة بالخبراء لوضع الحلول الحاسمة في الوقت الذي طالب فيه السودان بإعطاء الخبراء الفرصة للإدلاء برأيهم والقيام بدورهم المطلوب.  وحصر المصدر نقطة الخلاف الأساسية في مسألة الخبراء فقط.

من ناحيته، حذر خبير المياه د. أحمد المفتي في حديثه لـ(الصيحة) من خطورة الملء الثاني  للسد الأثيوبي، وأن المسألة لن تحل  بإعطاء خبراء الاتحاد الأفريقي دوراً أكبر.

وقال:  بُح صوتنا من ترديد خطورة الملء الثاني، من دون موافقة السودان ومصر،  ولفت إلى  اقتناع  وزير الري السوداني بذلك مؤخراً.

ولكن الوزير  وقع في مشكلة أكبر، وهي  إعطاء خبراء الاتحاد الافريقي  دوراً أكبر، وما ينادى به، لا يحل مشكلة الملء الثاني.

ولذلك قلنا بأن موافقة السودان ومصر على الملء  الثاني ينبغي أن تكون هي  أحد شروط العودة إلى طاولة المفاوضات، وليس إعطاء دور أـكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي .

مشيراً إلى بدء جولة المفاوضات التي وصفها بالفاشلة،  واستدرك قائلاً: لا نكلف أنفسنا شرح وجهة نظرنا، لأننا أوضحناها عشرات المرات، علاوة على أن أثيوبيا أعلنت  أن الملء الثاني، سوف تتم بإرادتها المنفردة، ومع ذلك بدأت جولة المفاوضات وكسابقاتها، توقع لها الفشل.

وعليه يتوجب على  أثيوبيا ان توقف  كل أنشطتها في سد النهضة إلى  حين الوصول إلى اتفاق ملزم

وأن لا يبدا الملء الثاني إلا بموافقة الدول الثلاث.

وأشار إلى الحرص  على توضيح مطلوبات نجاح المفاوضات المطلوبة، منذ العام 2011، وذلك قبل بدء كل جولة مفاوضات، ولكن تم تجاهل ذلك من قبل المفاوض السوداني، وبسبب ذلك التجاهل، ظلت جولات المفاوضات، تفشل الواحدة تلو الأخرى، حتى اليوم.

مبيناً أن الوفد السوداني يرفض مقترحات خبراء الاتحاد الأفريقي الذي طالب بإعطائهم دوراً أكبر .

لأن السودان انسحب للمرة الثانية من المفاوضات بتاريخ 4 يناير الجاري، لعدم إجراء  اجتماعات ثنائية  بين الوفد وخبراء الاتحاد الأفريقي، فقد عقد للوفد السوداني منفرداً، مساء الأمس 9 يناير الجاري، اجتماعاً مع خبراء الاتحاد الافريقي حسب طلبه، وذلك حتى لا ينسحب من اجتماعات 10 يناير الجاري .

وكل ما عرضه خبراء الاتحاد الافريقي على السودان، هو عقد اتفاقات جزئية، وهو ما سبق أن رفضه السودان ومصر، مرارًا وتكراراً، ولذلك رفض السودان ذلك مجددا .ً

والآن نحن في انتظار الموقف السوداني الجديد،

ونتوقع أن يكون جزءاً مما سبق أن اقترحناه قبل سنوات، وإن حدث ذلك، يكون السودان قد أضاع سنوات الجهد، وكثيراً  من حقوقه المائية .

ولفت إلى أنه بعد التغني لمدة ثماني سنوات بفوائد سد النهضة، وزير الري السوداني  اعترف  بأنه  يهدد “نصف” سكان السودان، وأن السودان لن يستمر في المفاوضات، ويقدم احتجاجاً شديد اللهجة لأثيوبيا

وأضاف المفتي أن  وزيرة العلاقات والتعاون الدولي لجنوب أفريقيا أعلنت أن المفاوضات وصلت إلى   طريق مسدود ، وأنها سترفع الأمر لرئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي لأتخاذ ما يلزم، وذلك الإعلان يؤكد أن المفاوضات  طوال السنوات الماضية كانت “عبثية”  كما وصفناها عام 2011 .

بجانب أن وزير الري السوداني صرح  بأنه لا يمكن للسودان الاستمرار في هذه “الدائرة المفرغة”  من المفاوضات .

وتقدم  وزير الري  باحتجاج “شديد اللهجة”  لأثيوبيا والاتحاد الأفريقى حول الخطاب الذي بعث به وزير الري الأثيوبي  للاتحاد الافريقي  والسودان  ومصر   في 8 من يناير الجاري، والذي أعلن فيه عزم أثيوبيا على الاستمرار في الملء  الثاني في يوليو القادم، بمقدار 13.5 مليار متر مكعب،  بغض النظر عن التوصل لاتفاق أو عدمه، لأن ذلك يشكل تهديداً لـ “نصف سكان السودان”.

بيد أن الخلافات التي سادت بين دول حوض النيل الثلاث (السودان، مصر وأثيوبيا) وصلت إلى طريق شبه مسدود خاصة بعد حدوث توترات بين أثيوبيا ومصر بسبب ملء بحيرة السد  في العام الماضي ورأت الأخيرة أن ذلك من شأنه أن يؤثر على حصتها من مياه النيل، حيث تعتمد عليه في توفير المياه الشرب والري، مشيرة أن لديها حقوقاً في الاتفاقية منذ العام 1959 والتي منحتها 87% من مياه النيل.

وذهب الأمر أبعد  من ذلك، حيث تدخلت الولايات المتحدة الأميركية من أجل الوساطة ومؤخرًا الاتحاد الأفريقي بحثاً عن حلول ترضي كل الأطراف.

ولعب  السودان دوراً أصيلاً  في السابق  في حل الخلافات بين مصر وأثيوبيا لفترة طويلة من الزمن، حيث استضاف عدة لقاءات إلا أنها لم تصل إلى معالجات، ولكن بالرغم من ذلك فالسودان  لم يتخلّ عن التفاوض رغم إصرار أثيوبيا على الملء الأول للسد دون موافقة الأطراف المتبقية، فمنذ إعلان أثيوبيا  إنشاء السد خلال العام 2012 بتكلفة 4 مليارات دولار  أبدى السودان موافقة مبدئية لقيام السد حيث رأى إمكانية استفادة البلاد من التوليد الكهربائي خاصة وأن السودان يواجه مشكلة توفير الطاقة الكهربائية بصورة كبيرة، واللافت للأمر أن رئيس وزراء الحكومة عبد الله حمدوك في فترة سابقة، أكد  دور السودان الأصيل للوصول لصيغة حل خلال اجتماعات واشنطن السابقة بين الأطراف الثلاثة عبر وضع خارطة طريق للتفاوض وبالأمس رغم خوض عدة جولات من المفاوضات، إلا أن أثيوبيا ومصر رفضتا مقترح أن يلعب الخبراء والمختصون  دورهم  والإدلاء بإفاداتهم فيما يتعلق بمجريات ملء السد.

الجدير بالذكر  أن المرحلة الأولى من ملء السد  تمت بغير اتفاق بحوالي 4.9 مليار متر مكعب   وجاءت في موسم الفيضان، وبالتالي لم تؤثر بالنسبة لموارد المياه لمصر والسودان والملء المقبل مقرر  له  يوليو 2021م بمقدار5،13 مليار متر مكعب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى