الصّفَقَة المَشْبُوهَة!

في الرُّبع الأخير من شهر ديسمبر الماضي، خرجت علينا صحيفة “التيار” بِمَانشيت يَقُول: (تَوقُّعات بانهيار الدولار إلى 60 جنيهاً عقب تصدير كميات ضخمة من الذهب) من قِبل شركة الفاخر للأعمال المُتقدِّمة المحدودة، وقال متن الخبر على لسان مدير عام الشركة عبد المنعم عبد الله حسين: (نسبةً لعدم قُدرة الطيران على تأمين نقل 2 طن من الذهب، فإنّه سيتم تصديرها بمُعدّل 250 كيلو جراماً لكلِّ رحلة بِمَا يُعادل نقل 750 كيلو في كل أسبوع خلال ثلاث رحلات)، وأوضح أنّ الرحلات لصادر الذهب ستبدأ مُباشرةً، مُشيراً إلى أنّ شركة الفاخر تَعَهّدَت لوزير المالية والتخطيط الاقتصادي بتحقيق الاستقرار في سعر الدولار ليصل إلى 60 جنيهاً خلال الأسبوعين القادمين، كَمَا ستُوفِّر الشركة الدولار لاحتياجات الدولة كافّة، مِمّا يسهم في تخفيض المُضاربة على سعر الدولار.

البدايات الخاطئة دائماً تَقُود إلى النهايات الخَاطئة، حينما قُلنا إنّ احتكار شركة الفاخر لتصدير الذهب خَطَأٌ، ويجب أن تكُون هُناك مُنافسة بين الشركات، خَرَجَ علينا وزير المالية وقال إنّ الأمر ليس احتكاراً، إن كان ذلك ليس احتكاراً فمَا الاحتكار إذن؟!

شُعبة مُصدِّري الذهب أيضاً لم تصمت، ورفضت الصفقة، ووصفتها بالاحتكار، وقالت إنّ القرار يُعيد ذات السيناريوهات التي كانت في العهد السابق!

المُؤسِف، إنّ تلك الصفقة كان الغَرض الأساسي منها هو إعادة وتثبيت سِعرَ الصّرف، والذي كان حينما تمّ العقد مع الفاخر، كان الدولار يساوي (85) جنيهاً، واليوم اقترب من المائة جنيه، بمعنى أنّ الصَّفَقَة في وادٍ والدولار في وادٍ آخر!

العَودة والتراجُع عن الأخطاء ليس عَيباً، لكن الإصرار هو الذي يُورد وزير المالية وميزانيته، التي قال إنّها تُعاني من اختلالاتٍ، مورد الهلاك!

حينما قِيل إنّ الفترة الانتقالية يجب أن تأتي بكفاءاتٍ، لم يكن يعني أنّ كل من اختاروه سَينجح في مُهمّته، لأنّ الكفاءة ليست شطارة أكاديمية، والكل كَانَ يَشفق على وزير المالية الذي سيتولّى مُهمّة انتشال الاقتصاد من وهدته.

أحلام وأماني وزير المالية لم تَعُد سِوى (طَق حَنك)، مارسه من قبله الكثيرون (في النظام السابق)، وجعل مُعظم قادتها في كوبر اليوم يضربون كفاً بكفٍّ، حسرةً على التخبُّط والعشوائية في القرارات والتخطيط، وبيع المشاريع الوهمية؟ ألم يسمع وزير المالية بمشروع الراوات بمنطقة الجزيرة، وأن به أكبر احتياطي نفطي في السودان؟ ألم يسمع بالشركة الروسية التي تَمّ توقيع عقد معها، وأكّدت أنّ نهر النيل تملك أكبر احتياطي للذهب في القارة الأفريقية وأنّها قادرة على استخراجه؟ ألم يسمع بإنتاج شركة سُكّر النيل الأبيض من السُّكّر، وغيرها وغيرها من المشاريع؟ فالعاقل من اتّعظ بغيره.

دا كلو كوم.. لماذا لا تخرج علينا شركة الفاخر وتكشف عن الصفقة وكميات الذهب التي تَمّ تصديرها، ولماذا لم ينخفض الدولار بحسب تَوقُّعاتها؟ أخشى أن يكون السّبب العُقُوبات وصُعُوبة التحاويل المالية..!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى