بعد تمرد هيئة العمليات ..النظام السابق في مرمى نيران البرهان

تقرير: صلاح مختار

ثمة مؤشر أعلن عنه رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان عدم خروج أي مسيرة دون تصريح، تلك التصريحات مقرونة بالاتجاه نحو سن قوانين تحظر فيه قيام أي مسيرة إلا بإذن مسبق، تلك الخطوة تضع بالضرورة الاتهامات التي ظلت الدولة توجهها إلى المؤتمر الوطني وعناصر الحركة الإسلامية والثورة المضادة خاصة بعد أحداث مسيرة الزحف الأخضر الأولى والثانية، والحديث عن مسيرة للزحف الاخضر في الفولة وأخرى بالخرطوم، تضع كل تلك أمام مجهر الإجراءات الجديدة التي تعتزم الحكومة تطبيقها لقيام أي نشاط سياسي.

تأثيرات بالغة           

يرى مصدر ـ فضل حجب اسمه ـ لـ(الصيحة) أنه على الرغم من التطمينات التي بثها المجلس السيادي عقب أحداث هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات العامة إلا أنها ستكون لها تأثيراتها البالغة على الحياة السياسية، وقد تقود إلى نتائج قد تنعكس على الفترة الانتقالية، وفي طبيعة الانتقال الديمقراطي لجهة أن هنالك من ينادي بتطبيق إجراءات احترازية وتأمينية، وإضافة قيود على العمل السياسي كما كانت تفعله حكومة الإنقاذ السابقة، تلك الإجراءات الاحترازية ستكون موانع وكوابح لعدم استغلال أجواء الحريات في الانقلاب على الحياة الديمقراطية.

تلك الأحداث تضع الدولة أمام خيارات تفعيل الطوارئ وتمديدها لحماية الوضع الداخلي.

كلمة حق

وقال المحلل السياسي د. صلاح الدومة في حديثه لـ(الصيحة): لا أظن أن المسيرات كانت السبب وراء أحداث التمرد بهيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة، وجزم بأن المسيرات جزء من الديمقراطية وشعارات الثورة (الحرية والسلام والعدالة)، وأوضح أن التمرد الأخير ليس له علاقة بالمسيرات، إلا إذا كان النظام الجديد بدأ يستخدم نفس أساليب النظام القديم، يفتعل مشكلة ثم يستبق بسن قوانين لا علاقة لها بالموضوع, وبالتالي يكون كلمة حق أريد بها باطل. والأمر الآخر المسيرات غير قانونية مثلما حصل في مسيرة الزحف الأخضر بود مدني ليست لها علاقة بالتمرد أو علاقة بقوى غعلان الحرية والتغيير، وإنما له علاقة بالنظام السابق.

نصائح الدولة

وقال الدومة: المسيرات السابقة لها علاقة باستكمال التغيير الجديد، تغيير الولاة واستكمال السلطة التشريعية في البلد حتى ولو أدى ذلك لتجاوز الجبهة الثورية التي تماطل وتستهدي وتسترشد بنصائح الدولة العميقة، هذا خلط لأوراق وبصورة غبية وتدنٍّ للتفكير (البيولوجي).

وقال: ليس هنالك من داعٍ لتصريح رئيس المجلس الانتقالي الداعي لمنع المسيرات إلا بتصريح، وقال: أساس الذي يخرج دون تصريح هؤلاء هم عناصر المؤتمر الوطني يتحدون النظام ولا يستطيعون عمل شيء لهم، ولكن بعد هذا فليكن كذلك، نحن لا نريد مسيرات أصلاً، ولكن الأولى حل مشكلة المواصلات، ثم حل مشكلة الدولة العميقة الذين يفتعلون أزمة المرور. وقال: لابد أن تكون لديهم الشجاعة لمواجهة هؤلاء وتلك القضايا، بدلًا من مواجهة الثوار والمواطنين، عليهم أن (يشتغلوا شغلهم).

زيادة الأزمة

وأشار المحلل السياسي والأكاديمي بروفسير الفاتح محجوب لـ(الصيحة) إلى تصريح سابق بأنه خلال الأسبوع الجاري قد يتم سن قانون للحد من المسيرات، ولكن الحصل حتى اليوم لم يتم ذلك، وطالما لم يتم في الغالب الحديث عن مسيرة السبت في غرب كردفان حتى الآن هي مسيرة قائمة، ولا يوجد قانون يمنعها وتبقى هنالك مسيرة يوم 26 من الشهر الجاري بالخرطوم، إذا صدر قانون بالتأكيد سيكون هنالك صدام، لأن هنالك فرقاً بين التصريح وبين الواقع، والواقع يقول إن الظرف الراهن على الحكومة الانتقالية أفضل لها ألا تصادم المسيرات السلمية لأن مصادمتها في الغالب ينتج عنها ضحايا وأعداداً من القتلى والجرحى وتنتج عنها زيادة حدة الأزمة بالنسبة للوضع في السودان، وهو آخر حاجة تتمناها قيادة الفترة الانتقالية.

مسيرات سلمية

ويقول محجوب: طالما المسيرات سواء كانت في مدني أو الخرطوم أو الفولة، طالما هي سلمية وصباحية، وفي الغالب عدا بعض محاولات قوى سياسية التصدي لها هي مسيرة سلمية، لذلك من الأفضل لهؤلاء تركها حتى يتنفسوا عبرها بدلاً من مصادمتهم، لإنه أذا منعت التعبير السلمي يعني أرغمت الآخر على  التعبير بشكل آخر، وهو ليس مطلوباً، وبالتالي بكل الحسابات الأفضل للحكومة الانتقالية أن تبتعد عن مسألة منع المسيرات، وتعطي الفرصة لكافة القوى السياسية أن تنفس عن نفسها، وتخرج الهواء الساخن. في نفس الوقت المطلوب سياسة تسمح باستيعاب الكل في الفترة الانتقالية ليس بالضرورة مشاركتهم في الحكومة، وإنما على الأقل الوطن يهم الجميع، هو شكل من أشكال المشاروة خاصة أن الفترة الانتقالية يفترض أن تخرج هياكل تؤسس لما بعدها، هذه الهياكل يتم إشراك الجميع في قوانين الانتخابات والمؤتمر الدستوري وكل القضايا المهمة.

عزل فئة

وأكد محجوب أن أي محاولة عزل فئة معينة في المجتمع في الغالب كما شاهدنا من التجارب مثل حل الحزب الشيوعي ومحاولة التضييق نتج عنه انقلاب مايو كذلك تدخل الجيش خلال عهد الفريق فتحي أحمد علي لإخراج الجبهة الإسلامية نتج عنه انقلاب الإنقاذ، بالتالي الأفضل للفريق البرهان وقادة الحكومة الانتقالية أن يديروا الفترة بقدر كبير من الحكمة والذكاء يمكن من استيعاب الآخرين وليس بالضرورة في الحكومة، وإنما في المشاورات، لأن الحكومة والفترة الانتقالية للجميع، ويجب على الأقل مسألة تفكيك النظام لا تنزل لمستوى الموظفين لأنه إذا نزلت (5) أو (6) آلاف كادر يكون فرغت عشرة آلاف كادر كي يعملوا ضدك مما يؤدي إلى عدم استقرار الفترة الانتقالية نفسها، لذلك يجب أن تدار كل القضايا بحكمة وليس بالطريقة التي نراها اليوم في فترة حكومة هشة تريد عمل إصلاحات.

ثورة مضادة

عضو تنسيقية القوى الوطنية  محمد علي الجزولي، أعلن في مؤتمر صحفي رفضهم لأي ثورة مضادة لإعادة النظام السابق أو الانقلاب العسكري، وقال سنقاومها، بيد أنه رفض تخويف الناس بعدم الخروج أو المشاركة في المسيرات أو الاعتصام سواء كان بالكلام أو بسن قانون يحظر ذلك.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى