(كاني .. ماني)…!!

* يمتاز الإمام الصادق المهدي بخصيصة نادرة وسط السياسيين في السودان وهي موهبته في اجترار الأمثال الشعبية واشتقاق التشبيهات الساخرة.

*وللمهدي قدرة فذة على الاستشهاد بالأمثلة واستدعائها بطريقة تثير الضحك والسخرية اللاذعة!!.. ومما يزيد من شهرة الأمثلة التي يستدعيها الإمام الصادق ويعيد لصقها على الأحداث الراهنة في المشهد السياسي محلياً وعالمياً، مناسبتها للحال الجاري واقترابها من الوجدان الشعبي السوداني وبخاصة في القرى والأرياف البعيدة.. وبعضها (ماركة مسجلة) للصادق المهدي، حيث ترد مباشرة (قطع أخدر) بلا تكلف ولا تلفيق!!..

*وللمهدي أقوال طريفة من واقعنا ولهجتنا العامية وهو يطلقها في كل حين بذكاء لمخاطبة العامة من الشعب السوداني ولتصل فكرته بطريقة مبسطة تتلقفها وسائل الإعلام، والرجل يدخلها في السياسة بدهاء وذكاء كبيرين كما عرف عنه، وذلك ليأتي بغير ما درج عليه السياسيون من خطاب فيحظى بتداول بين الناس!

* في آخر مقاربات وتشبيهات  الإمام المهدي (الشعبية) مطالبته خلال مخاطبته قبل يومين جماهير حزبه بمدينة سنجة بمنح حزبه أغلبية في تعيين الولاة، وقال المهدي إنه في حال حدوث (أي كاني ماني) بشأن الولاة سندعو لانتخابات لحسم اختيار الولاة، على حد تعبيره.

*ولمثل (كاني ماني) قصة ستناولها في نهاية هذه الزوية والتي أخصصها لأمثال سيدي الذي يستشهد كثيراً في موقف المفارقات الكاريكاتورية بديك المسلمية الذي يصيح ويعوعي في الوقت الذي يحمر فيه أهل البيت بصلته استعدادًا لأكله ويستفيض في شرح أنواع الديوك الأخرى ذات الشهرة والصيت مثل ديك العِدة.

* المهدي راجت عنه عبارات ومصطلحات مثيرة كالسندكالية والراديكالية ونهج الصحوة وهلم جرا مما لا تستوعبه مواعين قاعدته الأنصارية العريضة..

*اللافت للنظر أن الصادق في الآونة الأخيرة أصبح أكثر استخدامًا للأمثال واللهجة العامية المفهومة للإنسان السوداني البسيط، فشاعت عنه حكم وتشبيهات مأثورة لا تخلو من الطرافة والخيال مثل تشبيهه الراحلة  فاطمة أحمد إبراهيم بـ”نعامة المك” التي لا يقوى كائن من كان أن ينتهرها مخافة صاحبها بالطبع!.

* في لقاء بقناة الجزيرة القطرية قبل أعوام استفزه أحمد منصور بسؤال لماذا تقولون إن هذا حكم شمولي وقد تحالفتم مع أكبر شمولي وهو نميري، حينها عدّل الصادق في جلسته ورد بتهكم لأحمد منصور: من العادة أن تذاكروا قبل أن تسألوننا يبدو أنك لم تذاكر اليوم جيّداً .

*أيام وجود الراحل دكتور الترابي في السلطة وتصريحاته المتعددة حول الحكومة وشكلها، علّق الصادق المهدي قائلاً: (نحن في السودان كأننا في عرس ولا ندري من العريس يوجد في السودان حاكم فاعل وحاكم نائب فاعل حكومة تستخدم كثيراً من الألفاظ المجازية).

*  من أقواله اللطيفة: في تعليقه على المشاركة في حكومة عريضة إبان (الإنقاذ) قوله: إذا دخلنا بالوضع الحالي فهذا ما نسميه بـ(ممشطنها بقملتا).

*بالعودة لقصة مثل (كاني ماني) الذي أطلقه السيد الصادق تقول الرواية الأشهر أن الـ(كاني) هو السمن البلدي (المصنوع من اللبن) والـ(ماني) هو عسل النحل  (وفق اللغة الشعبية الهيروغليفية التي يتكلمها عامة الشعب المصري القديم).

*وأصل (كاني وماني) هو أن الفلاح المصري القديم كان حينما يحتاج أن يقدم طلباً للحكومة أو يشتكي جاراً له (وكان أغلب الشعب أمياً لا يقرأ ولا يكتب) يحتاج أن يذهب للكاهن كي يكتب له الطلب.

*فكان الفلاح يذهب للكاهن ويقدم له الأتعاب (أو الرشوة) المكونة من السمن والعسل وبعد أن يتناول الكاهن الكاني وألماني يبدأ في الاستماع لحكاوي الفلاح الذي يريد أن يقدم شكوى قد تكون حقيقية أو كيدية.

*ومن هنا نشأت مقولة كاني وماني في الثقافة المصرية بمعنى ألا تحكي لي حكايات قد تكون حقيقية وقد لا تكون، وانتقلت إلى الثقافة العربية بالاحتكاك .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى