بين الخزين وكيجاب

* كثيرون هم من تحتفظ الذاكرة لهم بجميل مواقف وحلو طرائف، أثروا حياتنا السياسية، والمهنية، والاجتماعية بروائع لفظية وأخرى عملية، بين نصب ودمع تخرج إلينا كلمات ناصعة البياض وإن كانت قاسية لدى البعض..

* مما يلتصق ذاكرتي بأقوال لهم سرت بين الشعب السوداني سير النار في الهشيم، وإن لم التق بهم، من بين هؤلاء ملك الإعلام الشعبي الراحل الخزين، ثم فتى عطبرة الأشهر عمر أنس صاحب مقولة (ما منعونا وكدا)..!!

* خلال انتخابات 1996م كانت أول معرفتي به أذكر حينها أن صديقي سلطان كيجاب (رد الله غربته) كان قد ترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكان رمزه المروحة فسمعت رجلاً يهتف في ميدان الأمم المتحدة بالقرب من واحة الخرطوم الآن: (أوع تختاروا المروحة.. بتلفوا ساااااكت.. اسمعوا كلامي أنا.. اختوا المروحة.. ركزوا على العرديب.. العرديب ده فيهو دم تمام.. اسع عاين ده – يمسك يد أحد المارة – دي فيها دم؟ يا زول ألحق العرديب .. إنتو جنبكم واحد مؤتمر وطني واللا شنو؟ ديل بيمصوا منكم الدم أكتر من البعوضة.. ملك العرديب باللفة الجاية دي).

* سألت عن الرجل الذي كانت تخترقني عباراته ويأسرني أسلوبه الترويجي المميز فقالوا لي إنه عمك الخزين ..!!

* أتذكر في عام 2001م بينما كنت أتجول في السوق العربي، جاءني صوته من بعيد، فتتبعت مصدر الصوت حتى دنوت منه وجدته الخزين ينادي وهو يحمل ميكروفونه (باسطة سلا دي ما بتتلحق .. يالله يا مواطنين باسطة سلا تدخل في عضامكم المليانة بموية الفول دي تقويها ليكم شوية.. والليلة المريخ لاعب مع الأمل عطبرة.. عطبرة عاصمة الحديد والنار.. ويا حليل ناس الشفيع.. بالمناسبة وين النميري؟) ..

* وفي إحدى المرات سمعته ينادي عبر ميكرفونه (السمك.. السمك.. يا مواطن ألحق السمك.. جايبنو من الموردة أسع.. تاكلو تبقى وزير طوالي.. أحسن من عوض الجاز.. وبالمناسبة وينو البترول القالوهو لينا دا؟.. أول أمبارح لقيت جارتنا تشحد في الجاز لي اللمبة.. السمك.. السمك.. يا مواطن سد دي بي طينة ودي بي عجينة وتعال على السمك.. ناس المؤتمر الوطني ديل بيكتلوكم بالجوع.. السمك.. السمك.. بعدين الليلة في حفلة في الثورة.. أضربوا السمك دا وامشوا عليها.. السمك.. السمك).

* أما صاحب السمنة العطبراوية فهو عمر أنس، فقد كان يرددها في محطة سكك حديد عطبرة ـ وعمر استند على صوته القوي في الترويج لباسطته. كان همه الأول بيع الباسطة فظل يردد: ما ..ما .. بالسمنة وكدا.. 

* وانتشرت الجملة في كل أرجاء السودان ربما لأنه كان يعلن بالمحطة. وجاء وقت بدأ فيه شباب عطبرة بتأويل الجملة، حتى جاء زمان واستخدمت جملة عمر الناقصة والغامضة للتعبير عن موقف سياسي ـ وقيل إن جهاز الأمن بعطبرة استدعى عمر أنس حينها ومنعه من ترديد جملته المشهورة.. فصار يقول عندما يسأل البعض عن صمته: ما .. ما منعونا وكدا!.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى