أحداث الجنينة وحكومة الثورة

 

وقعت أحداث مؤسفة في مدينة الجنينة في ٢٩ـ١٢ـ٢٠١٩ كانت في بدايتها فردية ثم تطورت إلى شبه صراع قبلي راح ضحية ذلك عدد من المواطنين في أحد معسكرات النازحين حول المدينة. شاركهم في الموت عدد من المواطنين الآخرين. لكن للأمانة معظم الموتى من المساليت والعناصر العربية. ومن هنا جاءت شبهة الصراع القبلي. شيء محزن للغاية أن تبدأ مشكلة بين اثنين ثم تتطور لتلتهم نيرانها الأبرياء في عقر دورهم وتقتلهم بددا. ربما الجاني الحقيقي حتى الآن لم تمسّه شوكة كسابقيه الذين أشعلوا الفتن وهم  الآن يمشون بأرجلهم بين الناس. على العموم نحزن ألف مرة ومرة لهذه (دارفور) التي لم تهدأ من الموت لعقود من الزمان. وهذا يجرني إلى سؤال مهم.. هل كل مرة مشكلة جمل تسبب حرباً وكباية شاي تسبب حرباً أخرى ونطوي الملف بكل بساطة بل وبسذاجة!!! لابد أن هناك شيئاً خلف الأكمة. والأيام كفيلة أن تكشفه وإن خفي علينا، فالله وحده هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور. حيث قال تعالى (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). أين تذهب يومذاك يا قاتل الأرواح من أجل لعاعة دنيا وليس الدنيا بحذافيرها وهي التي قال عنها النبي صل الله عليه وسلم. لو كانت الدنيا تسوي جناح بعوضة لما سُقي منها الكافر جرعة ماء أو كما قال صلى الله عليه وسلم. المهم لنا صوت لوم لحكومة الثورة الولائية في الجنينة أنها تقاعست عن تلافي الحدث قبل وقوعه وتخفيف وقعه بعد حدوثه.  فما تواتر من معلومات أن الوالي حذّر وأنذر ولكنه لم يعط ذلك تقدير موقف. وهذا من أبجديات لغة الجيش والذي هو أحد أركانه ناهيك عن والٍ تحت أمرته المدني والعسكري والكبير والصغير. لذلك لسان حال الناس يقول ضرورة مغادرة هذا الوالي ولجنته الأمنية الجنينة بل هو نفسياً لن يستطيع إدارتها بعد كل الذي حصل. ولنا صوت شكر لحكومة المركز ونرمز بذلك لوفدها الممثل في الفريق الأول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، والدكتور عبد الله حمدوك، حيث  غادر الوفد مبكراً إلى الجنينة ومكث زهاء أسبوع يُعزّي ويواسي ويقف عن قرب مُتلمّسا أطراف القضية تمهيداً للإمساك بمفاصلها. لعمري  مدة طويلة لم نشاهد مثل هذا الموقف النبيل، فجزى الله الوفد خير الجزاء وعاطر الثناء. نقول إن أبناء دارفور الغيورين وإخوتهم السودانيين الآخرين تنادوا مبكراً منذ وقوع الحدث ومضوا في ذات الاتجاه الذي مضى فيه مواطنو الجنينة الذين استنطقهم الوفد الزائر ١.وجوب تفعيل القانون وبسط هيبة الدولة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).

  • تحميل حكومة الولاية كل ما حصل. إذا لم تكن مهمتها حفظ الأمن فما هي مهمتها إذن؟! إلا أن تكون مهمة المواطنين حفظ أمن الحكومة كما فعلوا مؤخراً بحفظ كبار المسؤولين في أماكن آمنة خوفا عليهم من الاعتداء. مَن يحفظ أمن مَن ؟!! ٣.هناك كارثة إنسانية لسكان المعسكر المعتدى عليه والمواطنين الآخرين. أُسر القتلى والجرحى لابد من استنفار رسمي وشعبي لإغاثتهم والأخذ بأيديهم حتى يصلوا مرحلة التعافي، وأهم بند هو إيواؤهم لأنهم يسكنون في المدارس، وأي تعطيل للمدارس هو تعطيل للعام الدراسي، العام الدراسي لم ينقصه الاختلال البيئي والكتاب والمعلم (عايرة وادوها سوط)، فلابد من بحث مسكن بديل.

٤.لابد من أن يكون هناك نداء الجنينة للإغاثة والمساعدة، والجنينة تستحق الكثير، فإذا كانت بورتسودان هي ميناء الوطن المائي، فإن الجنينة هي ميناء الوطن الجاف، وهي بوابته الغربية، فإذا انهارت هذه البوابة العظيمة فلنعلم أن البيت الذي لا باب له فإنه قطعاً عرضة للتلف والضياع والانتهاب والاختطاف من كل جوانبه وكثير من السودانيين استفادوا بل اغتنوا من الجنينة. فهل جاء وقت رد الجميل؟ أظن ذلك. نكرر تعازينا الحارة لأسر الضحايا، ونرفع القبعات تقديراً واحتراماً لحميدتي وحمدوك وزملائهما الذين معهما. ولا ننسى أن نعزي في شهداء الطائرة العسكرية التي تحطمت في الجنينة عقب الحادث. ونحسب أنهم قضوا نحبهم وماتت معهم نواياهم المخلصة لمساعدة ضحايا الفتنة. نرجو من الله أن تكون حادثة الجنينة آخر جرح ينزف من الوطن. آمين يا رب العالمين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى