الحرية والتغيير .. والنداء قبل الأخير

سبق أن سطّرنا مقالاً نبّهنا فيه الحرية والتغيير لبعض الملاحظات لتداركها. واليوم نتناول مواضيع نعتقد أنها مهمة تؤثر سلبًا على سمعتها، وكذلك ربما يتطور الأمر إلى فتنة لا تبقي ولا تذر. لقد قابلني شخص أعرفه قادماً من منطقة دليج بمحلية وادي صالح وتقع في ولاية وسط دارفور ذكر لي ذلك الرجل  أن وفدًا من الحرية والتغيير من أبناء المنطقة قدم من الخرطوم حاملًا شعاراتها. وقرر قفل سوق المنطقة حسب التعليمات. وهنا اعترض الجزارون على قفل السوق لأنهم للتو ذبحوا ذبائحهم ومن الصعوبة إغلاق الجزارة. ولأن القوة الشرائية ضعيفة. فيلجأ البعض إلى جزر البهيمة وبيعها لحماً. والبعض يشتري البهيمة بالديْن ثم يبيعها لحماً، ومن ثم يسترجع قيمتها للبائع. 

على العموم في ظل هذه الظروف جاء هذا الوفد ليعلن إغلاق السوق الأمر الذي رفضه الجزارون بشدة.. تصعد الخلاف من مخاشنات إلى معركة دامية مات على إثرها اثنان من الجزارين وتطورت الفتنة إلى صراعات طرفية حصل فيها نهب وقتل. ولكي نقرب إلى القارئ الرؤية فان المنطقة تقطنها عناصر عربية وعناصر إفريقية حصلت بينهما تجاوزات مات خلالها خلق كثير . وسرعان ما تجاوزت المجتمعات تلك المرارات وعاشت ملتحمة من جديد. ومع هشاشة الوضع جاء وفد الحرية والتغيير ليشعل النار مرة ثانية. واختفى فجأة مروجو الفتن وتركوا وراءهم الدماء تسيل. 

حادثة أخرى  حدثتني أخت وقالت لي: كنا في الحافلة ورفضت بنت أن تدفع خمسة جنيهات قيمة التذكرة، وقالت بالحرف ما ممكن أبيت أربعين يومًا في القيادة ثم أدفع خمسة جنيهات واشتدت معركتها مع السائق وقالت للسائق  حسب منطوق الراوية بعد خمسة يوم ستفقد وظيفتك وحتمشي برجلك. وقال لي آخر إنه التقى بمجموعة من الشباب في مطعم ووجدهم يتحدثون عن الثورة بإقصاء شديد للآخر. فعندما حاول أن يسترجعهم للجادة. قالوا له شوف يا عم نحن أي زول فوق الخمسين لا نشوفوا ولا يشوفنا ولا يكلمنا ولا نكلمه، وعندما قال لهم لماذا قالوا أنتم سبب كل هذه البلاوي. فقال الرجل إن كان هذا هو مفهوم الثورة فإن الحالة الليبية قادمة. وفي إحدى ولايات الشمالية طلب الشباب من المدير التنفيذي مغادرة المحلية وقرأت خطابهم الخاص بطرده بنفسي في الوسائط الإعلامية،  السؤال هل هذه هي أطروحات الثورة؟! إن كان الرد بلا فلابد من تثقيف بعض الشباب من خطورة المآل. الثورة لم تقم لتخريب المجتمعات ولم تقم لعزل الآخر لعمره ولم تقم للإجهاز على حقوق الآخرين وأكل حقوقهم بالباطل كما فعلت هذه الفتاة. الثورة قامت من أجل الحرية والسلام والعدالة. أي اختلال أو اختفاء لهذه الأضلاع الثلاثة فمعناه اختفاء للمثلث بكامله. وهذا ما نحذر منه. 

نرجو الله أن يرفع عنا البلاء والمحن وشر الأدعياء، وعاشت الثورة للحرية والسلام والعدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى