الفساد.. كيف ساهم في إسقاط الإنقاذ؟

 

الخرطوم: إبتسام حسن

اتفق عدد كبير من المراقبين، بل والمسؤولين على رأسهم ممثلون لوزارة العدل، وممثلو مجلس السيادة الانتقالي والمراجع العام على أن الفساد أدى إلى إنهاء  النظام السابق.

غير أن مشاكل الفساد ما زالت خلف أسوار محصنة بصانعي هذه الأسوار الشائكة، ديوان المراجع أكد أنه في يده  الآن حالة فساد لشركة خضعت للمراجعة العامة إلا أن صاحبها أكد أن الشركة أرباحها 35 مليون جنيه، وحينما طبقت المعايير أكد نائب المراجع العام محمد الحافظ أن النتيجة أكدت أن الشركة خسارتها تبلغ 60 مليون جنيه…

وقطع المتحدثون في ندوة عن الفساد أمس بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بأن الفساد مستشرٍ في البلاد، وأنه وبحسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية من بين 180 دولة، جاء السودان ترتيبه في ذيل القائمة رقم 172، وهذا يعكس مؤشرات الفساد التي اعتبرتها وزارة العدل متأخرة جداً.

بلاغات ودعاوى

وكشف ممثل النائب العام مولانا محمد عثمان أحمد عن تلقي النيابات عدداً من البلاغات لدعاوى الفساد والمتصلة بالفساد وإساءة استخدام السلطة، وأكد أن النيابات تولي اهتماماً خاصاً بالجرائم التي يرتكبها المسؤولون، وقال إن كل أنواع الفساد أكثر استشراءً وفقاً لتقارير المنظمات الدولية التي تعنى بالفساد، مشيرًا لمصادقة السودان على اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد 2018، واتفاقية لمكافحة الفساد 2014، وأكد ممثل النائب العام فتح عدد من الدعاوى لدى النيابات، وحرض المواطنين على تقديم أي بلاغات فساد للتحري فيها، مؤكداً إحاطة التحريات بسرية تامة.

من جانبها، قالت رجاء نيكولا عضو مجلس السيادة الانتقالي إنه ما كان للثورة أن تتاح لها الفرصة لولا ما ساد من فساد مالي وإداري ومحسوبية ورشاوى في مفاصل الدولة، وترتب عليها مظالم ودعت لضرورة إرساء قيم العدالة بين شرائح المجتمع، وأكدت أن الحكومة تولي قضايا الفساد في هذه المرحلة اهتماماً خاصاً ومعالجته وتتبع مواطن الداء عبر مؤسسات الدولة، الأمر الذي تترتب عليه مصاعب ومتاعب، مؤكدة أن ذلك يتطلب الشجاعة والثبات والحيادية.

إعادة فتح

وكشف نائب مدير ديوان المراجع العام محمد الحافظ، عن فصل ما يقارب ١٠ أشخاص من الديوان بسبب عدم التزامهم بالمعايير الأخلاقية والقانونية.  وقال إن الكل ولغ في الفساد من حيث يدري أو لا يدري، وأضاف أن المبدأ الذي كان مطبقاً هو (إذا سرق فيهم الشريف تركوه فيتم إغلاق الملف)، واتهم المحاسبين بأنهم مطية التزوير والاختلاس، ونعتهم بأنهم ترزية يجملون الصور القبيحة. وكشف عن شطب كثير من قضايا الفساد لم يكن الديوان مقتنعاً بأسباب شطبها، وتعهد بفتح قضايا تم شطبها، وأكد أن الخساره التي تعاني منها البلاد بسبب إيرادات مالية تخضع للتجنيب وتجد طريقها إلى الجيوب، وقال إن الرئيس المخلوع تصدى للفساد في أيامه الأخيرة، وإن مقولته (نطلعوا من عيونهم) ليس من باب التوبة، ولكن حرصاً على البقاء، وأكد وجود ملفات بالمحاكم دفع بها الديوان تشمل تقارير الديوان لـ(5) سنوات مؤكداً ذهاب الإنقاذ بسبب الفساد.

واعتبر أن المشكلة التي تعاني منها البلاد تكمن في عدم احترام القانون والالتزام به وغياب قضية المساءلة، مطالباً بضرورة تعديل القانون، واستهجن عدم تفعيل مفوضية مكافحة الفساد وإدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، وقال إنه لذلك يكون الكل متورط،  وإن الكل كان يعيش فساداً، وأكد أن الوزارات والمؤسسات كان يتم فيها التعيين بالمحسوبية، ويعين كل وزير حاشيته وأهله وأقاربه دون النظر إلى الكفاءة، لذا كانت تطبق المحسوبية والمحاباة واستغلال النفوذ، وقال: “30 سنة لم يخضع المفسدون إلى المحاسبة فقست القلوب، واستشرى الفساد حتى قضى على الإنقاذ.

لجان تحقيق

من جانبه، أكد ممثل وزارة العدل مولانا علي عبد الرحمن، أن الفساد أصبح جريمة، وقال إن البلاد عانت من السطو على المال العام من أصغر موظف إلى أعلى موظف في الدولة، وقال إن ذلك يدل على أن الهرم يعيش فساداً لمدة 30 عاماً، الأمر الذي يستدعي لعب دور كبير في مكافحة الفساد، وقال إن الحكومة الحالية يجابهها تحدٍّ فى كيفية استرداد المال العام، كما يستوجب إصلاح تشريعي لاسترداد المال، وأشار إلى أنه على ضوء كل ذلك، تم إصدار القانون الخاص بإزالة التمكين وتشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة، واعتبر مسألة الاستئناف فى اللجنة تؤكد بأن أحكامها ملزمة وتجوز مصادرة المال وحجزه حتى من غير حكم قضائي حسب تشريعات عالمية، واعتبر أن قانون مكافحة الفساد الذي صدر عام 2016 أفرغ عن محتواه، داعياً إلى ضرورة إنشاء مفوضية مكافحة الفساد على وجه السرعة، مؤكداً أن الحاجة لها ملحة وضرورية معتبراً أنها تسهل دور النيابة، كما دعا إلى ضرورة إنشاء لجان التحقيق الخاصة.

غسيل أموال

وأكد ممثل وزير العدل ضرورة استرداد الأموال المنهوبة مشيراً إلى بدء الإجراءات في حجز أصول الحزب الحاكم.

مؤكداً ضرورة حجز كل مال مشبوه والعقارات المشبوهة، وكشف عن وجود عمليات غسيل أموال بحيث تحولت كثير من الأموال المشبوهة إلى عمارات مشيدة. وأقر بوجود صعوبة في استرداد الأموال المنهوبة التي تم إخراجها خارج البلاد، وتوقع أن يكون رقمها كبيراً، وأكد عدم التعرف على أرقام الأموال المنهوبة بالخارج. وحرض المجتمع على فتح بلاغات في أي مال نُهب، وتم تحويله إلى الخارج كمعلومة أولية للتحري، ودعا السفارات والمنظمات بالخارج أن تلعب دوراً مهماً في المرحلة القادمة، بحيث أن أي مال في الخارج لابد أن يدعم بالأقوال والحقائق، كما أكد ضرورة التعاون الدولي بشكل منظم، وقلل من دور النظام القضائي في الاستجابة في القضايا المالية، مطالباً بضرورة إنشاء مؤسسات تتعامل بشكل سريع مع هذه القضايا، داعياً إلى ضرورة الاستفادة من السفارات بالخارج والتقصي حول هذه الأموال وتدوين بلاغات حال التوصل أو الاشتباه في أموال قادة النظام السابق بالخارج.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى