ندرة الدواء تصيب المرضى في مقتل

 

الخرطوم.. رشا التوم

تفاقمت أزمة  الدواء في السودان وندرته. وارتفعت وتيرة شكوى المواطنين، من ارتفاع سعر الأدوية إلى مبالغ خرافية.. في الوقت الذي تشهد فيه شحاً وندرة في غالبية الأصناف وخلت الصيدليات من أهم الأدوية المنقذة للحياة والأمراض المستديمة.

وتوفير الأدوية يرتبط ارتباطاً وثيقًا بأسعار الصرف وتوفير اعتمادات الاستيراد من قبل وزاره المالية التي يقع عليها العبء الأكبر. هنا حاولنا البحث عن إجابة  لهذا السؤال.. هل تفي الوزاره بما يليها  بتوفير  النقد الأجنبي لاستيراد الدواء؟ وهل تذهب الأموال  الى مستحقيها أم تضل طريقها الى استيراد أغراض أخرى.

وأكد أمين المال السابق بغرفة الأدوية د. طارق محيي الدين صابر، أن المشكلة ليست في مدى التزام وزارة المالية بتوفير اعتمادات الاستيراد للأدوية فقط، مشيرًا الى تعدد الأسباب وليست محصورة على المهنية، وقال في حديثه لـ” الصيحة”، إن وزارة المالية يقع عليها العبء الأكبر لتوفير المكون الأجنبي للاستيراد، وأقر طارق بوجود مشكلة حقيقية في أصناف الأدوية المسجلة، مبيناً أن مشكلة الأدوية لا تحتمل، مشددًا على أهمية فرض رقابة على أموال الدواء وهل تذهب لمستحقيها فعلياً؟ مع الأخذ في الاعتبار سواء أوفت المالية أم لم تفِ.

هنالك أسباب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وزاد قائلاً: نحن لا نريد مناقشة المكون الأجنبي فقط، ولكن الأصناف المستوردة هل تكفي حاجه المواطن، والأموال المرصودة هل تم الاستيراد بها فعلياً للعلاجات المطلوبة أم استولت عليها بعض الشركات التي تستورد منشطات جنسية وأدوات تجميل للشعر والبشرة؟

منادياً بإعمال الشفافية لمعرفة أين تذهب أموال الدواء منعاً للدخول في ذات المتاهة القديمة.

وقال: فقدنا كل ما هو حقيقي في مجال الأدوية ولم يتبق لنا سوى السلطة الرابعة لتحقيق الشفافية والمصداقية لكشف الحقيقة.

ولفت إلى عدم اكتمال القوانين في شأن الأدوية، وحمل الدولة مسؤولية التقصير.

تسعير الأدوية

وفي شأن اختلاف تسعيرة الأدوية عاب على الجهات ذات الصلة عدم الحرص وتوضيح أسعار الأدوية في ديباجة  حتى لا يجرؤ أي صيدلي على زيادة السعر وفقاً لمصلحته الشخصية، مؤكدًا أن سعر الاستيراد الرسمي للأدوية بحسب بنك السودان المركزي بواقع ١٢٠ جنيهاً مقابل الدولار ويجب كتابته بالعملة الأجنبية منعاً للتلاعب وسد الثغرات، واعتبر أن كتابة السعر من الأشياء البسيطة التي تثبت سعر الدواء وتحفظ حق المواطن، وأرجع المشكلات التي ترتبط بعدم توفر الأدوية في الوقت الراهن إلى أن القوانين فضفاضة وعجز الإرادة السياسية عن الإصلاح.

وشكا عدد من مستوردي الأدوية من عدم توفر النقد الأجنبي وانفلات كبير في الأسعار، في وقت طالبوا فيه بتضافر الجهود لحل جميع المشاكل التي تواجه مستوردي الأدوية ومصنعيها.

ويعتبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية الجسم الرئيس الذي تعتمد عليه الحكومة السودانية في توفير أصناف متعددة من الأدوية، ويحظى بتسهيلات في الحصول على دولار الدواء ومركبات للنقل والتوزيع وكادر بشري من الموظفين، وهي امتيازات تجعل أسعار الأدوية في صيدليات الإمدادات الطبية أرخص بنحو 30 في المائة من أسعار السوق .

في الوقت ذاته، تتيح الحكومة لشركات الأدوية استيراد بقيّة الأصناف، على أن تمنحها بعض التسهيلات. وينتج السودان 30 في المائة من احتياجاته الدوائية محلياً، فيما يكلف استيراد المتبقي في المتوسط 600 مليون دولار سنوياً.

وتزداد صعوبة توفير الأدوية عاماً بعد آخر بسبب سياسات حكومية قللت من قيمة العملة الوطنية وأخرى أدت لتراجع حجم صادرات البلاد، فتراجعت حصيلة الصادرات الواردة للبنك المركزي.

ومؤخراً ارتفعت أسعار الأدوية وفاقت قدرة محدودي الدخول، ولا سيما أن الزيادات شملت جميع الأصناف الدوائية بنسب تصل إلى 150 في المائة في المتوسط، في حين يعاني المواطنون من شح في عدد من الأدوية في الصيدليات، ما يستلزم مجهوداً مضاعفاً للبحث عن الدواء المطلوب، قد يستغرق أياماً،

إن الفوضى السائدة في القطاع تتزايد، مؤكداً أن توفر الدواء مسؤولية الدولة التي عليها تأمين العملة الصعبة لصندوق الإمدادات الطبية ومن بعده للشركات.

إلا أن مصدراً في إحدى شركات الأدوية يؤكد أن البنوك غير ملزمة بتوفير العملات للشركات، ويمكنها أن تتهرب حتى ولو لم تكن هنالك فواتير عالقة. ويضيف أن البنوك تسعى إلى الربح في تعاملاتها وتمويلاتها، من دون النظر إلى نوع السلعة وحاجة المواطنين إليها.

ويتصدر توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد مطالب مستوردي الأدوية والشركات، فيما تسعى الحكومة لجعل الدولار متاحاً نظراً لحساسية ملف الدواء وارتباطه المباشر بصحة المواطن، وخصصت لذلك الغرض 10 في المائة من حاصل الصادرات.

ولكن ذلك لم يحل مشكلة الندرة.

وألقت أزمة شح النقد الأجنبي بثقلها على قطاع الدواء، تزامناً مع هبوط حاد في قيمة العملة المحلية، فأدى الأمر إلى زيادات فلكية في تسعيرة الأدوية وصلت في بعض الأصناف إلى١٠٠٪.

وأكد مصدر موثوق بوزاره المالية أن الوزارة ملزمة بتوفير النقد الأجنبي للأدوية المضمنة في الموازنة العامة منها أمراض الكلى والسرطان وأمراض الأطفال، مشيرًا الى ورود طلبيات لأدوية أخرى تأتي من قبل مجلس الأدوية والسموم،  ولفت الى الاستيراد الحر من قبل المستوردين لأدوية التجميل وغيرها، وقال إن الطلبيات تتم الموافقة عليها بالتنسيق مع الجهات المختصة، ولفت أن هناك أدوية محلية الصنع ولا يوجد بها أي مشكلات.. وشدد على التزام الوزارة بمخصصات وزارة الصحة والنقد الأجنبي لاستيراد الدواء ونوه بأنه يتم أحياناً تقسيط المبالغ أو سدادها لبعض الأصناف من الأدوية بالتنسيق مع الإمدادات الطبية.

وتحفظ على الأرقام المخصصة لميزانية وزارة الصحة الواردة في موازنة للعام ٢٠٢٠ـ٢٠٢١م بدعوى أن الموازنة تحت المناقشة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى