حميدتي إلى تشاد.. أبعاد داخلية وتنسيق إقليمي

حميدتي إلى تشاد.. أبعاد داخلية وتنسيق إقليمي

الخرطوم- عوضية سليمان

من المقرر أن يقوم  نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، بزيارة إلى أنجمينا ويعقد خلالها مباحثات مع رئيس المرحلة الانتقالية في جمهورية تشاد الفريق محمد إدريس ديبي، تتناول الملفات الأمنية والسياسية وقضايا الحدود والإرهاب.

وقالت مصادر متعددة بحسب (سودان تربيون)، إن زيارة حميدتي لأنجمينا تجيئ بحكم توليه مسؤولية الملف التشادي ودول الجوار في مجلس السيادة. وأوضحت أن الزيارة ستناقش بالتفصيل ملفات محدَّدة مرتبطة بالحدود بين البلدين ومع ليبيا وأفريقيا الوسطى، والنزاعات القبلية والأوضاع الأمنية في ظل بعض التوترات التي تخلِّفها تلك الصدامات وملاحقة المتورطين فيها. ونشرت قوات الدعم السريع أعداد كبيرة من الجنود على الحدود الغربية الفترة الماضية وسط توترات عالية بعد إعلان قائدها إفشال مخطط للانقلاب على النظام في بانغي، أفريقيا الوسطى. وتعد قوات الدعم السريع الأكثر انتشاراً في الوقت الحالي بين الأجهزة العسكرية الموجودة على الحدود الغربية للسودان.

قضايا مشتركة

ووفق مصادر دبلوماسية تحدثت لـ(الصيحة) فإن زيارة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للعاصمة التشادية تبحث ملفات خاصة أبرزها قضايا الإرهاب والملف الحدودي المعقد، إضافة إلى الملفات الأمنية, السياسية, قضايا الحدود, والإرهاب, بجانب ذلك أن الزيارة جاءت في توقيت مهم بالنسبة لعلاقة البلدين، وأهمية كل منهما للآخر في قضايا الحدود والأمن، وأضاف في الإطار الأمني مهم جداً ويعكس استقراراً سياسياً في البلدين،  مع المصالحات والاستقرار في دارفور سينعكس على تشاد، وهناك قضايا أخرى مشتركة من تجارة الحدود والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وكذلك مكافحة الجماعات الإرهابية، وغسيل الأموال وهي قضايا تشغل المنطقة والدول الإفريقية .

اعتراضات

وفي ذات السياق قال الباحث في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين  لـ(الصيحة):  إن زيادة حميدتي لتشاد تحمل عدداً من السيناريوهات، الأول رغبة الحركات المسلحة في وجود مساعٍ للتواصل مع القيادة التشادية حول إيجاد مخرج لتسوية قضية اللاجئين بشرق تشاد, بجانب وجودهم واستقرارهم في السودان، وأضاف: إن أهداف الزيارة قد تكون التنسيق والتفاكر حول هذه الجزئية، وتابع قائلاً: يكون لهذه الزيارة دور حول قضية وجود اعتراضات قدمت من قبل أطراف العملية السياسية لتشاد باعتبارها من أهم الدول الراعية للاتفاق، فتشاد تريد إرسال رسالة للحكومة بحكم أنها إحدى الدول القريبة لهذا الملف، وتريد إعادة الاهتمام بملف الترتيبات الأمنية.

استقرار الحدود

وقال المحلِّل السياسي عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة): إن زيارة حميدتي إلى تشاد لها عدة أوجه،  منها اجتماعات مع حكومة الرئيس دبي لبحث المشاكل الأمنية التي تحدث في إقليم دارفور, وما يحدث في الحدود المشتركة بين البلدين وتحديداً في هذا التوقيت السياسي المتحرِّك في السودان. مشيراً إلى هشاشة الوضع السياسي في السودان, ما يتطلب الزيارة إلى دولة تشاد لأنها تعاني من نفس الشئ, تدهور سياسي ومشاكل في دولاب الحكومة, مما يؤدي إلى انقلابات. لذلك استقرار تشاد ينعكس على استقرار السودان حدودياً, وأمنياً, لذلك لابد من مناقشة الملفات المشتركة في ذات التوقيت. وقال: في ظل وجود قوات مشتركة بالتأكيد الزيارة ستكون قريبة جداً من الاهتمام الدولي والإقليمي, موضحاً بأن أمريكا حريصة جداً على استقرار حدود السودان حتى لا تتأثر به المنطقة. وقال: إن ما يحدث من زيارات إلى تشاد من الفريق البرهان وحميدتي، يؤكد اهتمام الدولتين  بالمصالح ذات الاهتمام المشترك. وأن الزيارة كذلك لا تخرج من سياق التطورات الدولية الجارية في المنطقة. لذلك السودان بتوسع رقعته, وتعدد موارده, يشكِّل مركزًا مهماً لدول المنطقة, وقال ربما الزيارة تأتي من أجل تبادل المواقف حول كيفية إدارة الأزمات بين أنجمينا والخرطوم, مبيِّناً أن حميدتي يعتبر الأقرب لقضايا المنطقة باعتبار أنه ملم بتفاصيل الملف وله تاريخ عريض حول كيفية البحث عن حلول فيها. وأضاف: هنالك زيارات كثيرة قام بها حميدتي إلى أنجمينا من أجل الاستقرار الأمني الذي يؤثر على المنطقة وحدودها معاً. موضحاً بأن الأوضاع السياسية في تشاد أسوأ من الأوضاع في السودان لذلك لابد من البحث عن حلول.

بعد أمني

ويرى المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر، أن زيارة حميدتي إلى تشاد وقبلها زيارة البرهان تعتبر زيارات ذات بعد أمني, وربما اقتصادي, لا أكثر، وبهدف التفاكر الجاد حول آليات ضبط حركة المتفلتين على حدود الدولتين، والسعي للاستفادة من طول الحدود كمناطق تكامل اقتصادي تنموي لصالح الشعبين, بدلاً من تركها بؤرة  أرق أمني للدولتين وزعزعة استقرارهما، وقال لـ(الصيحة): سبق وأن ذهب حاكم إقليم دارفور إلى تشاد والالتقاء برئيس المجلس العسكري الجنرال محمد كاكا، دون إشارة إلى التنسيق بين الرجلين (مناوي ودقلو)، ولكن ربما كانت زيارة الأول في إطار الترتيب والتمهيد لزيارة الثاني، خاصة أن الرجلين  تربطهما علاقة ذات خصوصية, وأن تشاد دولة مهمة للسودان، لأنها تشترك معه في أطول حدود بالنسبة لدول الجوار، وفوق ذلك أن جل قبائل دارفور بمختلف إثنياتهم لها امتدادات داخل تشاد والتداخل بينهم مستمر، وأضاف: لا تستطيع أي من الدولتين وقف أو إعاقة حركتهم الاجتماعية والتجارية في تكامل إنساني قلما يوجد في منطقة أخرى، وكل ذلك جعل الجارة تشاد دولة محورية وعمقاً استراتيجياً بالنسبة للسودان أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، وبالتالي فإن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة يمكن قراءتها في إطار اهتمامه, واعتكافه لأكثر من شهرين بإقليم دارفور وقيادة برنامج طموح للمصالحات القبلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى