(الدستورية)… مخاوف قانونية وانتقادات سياسية!

تقرير: عوضية سليمان  

مخاوف قانونية كثيرة برزت إلى السطح بعد الاتفاق الذي تم على الوثيقة الدستورية من قِبل المجلس العسكري السابق وقوى إعلان الحرية والتغيير، بعد أن تم الاتفاق على فترة انتقالية تمتد إلى ثلاث سنوات.. ولكن هنالك مستجدات لم تُعلن ولم تظهر إلى السطح بين العسكريين والمدنيين حول الاتفاق الذي تم في الوثيقة، وما راج من حديث عن وجود وثيقتين تم التوقيع عليهما، ما دعا إلى أن يلتئم  اليوم اجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء بشأن تعديل الوثيقة الدستورية .

ثمة سؤال هل الغرض من اجتماع اليوم بحث تعيين رئيس القضاء والنائب العام، أم إن هنالك أشياء أخرى خلف كواليس الاجتماع المعلن جراء التعديل الذي تم في الوثيقة الدستورية؟ 

خبراء قانونيون كشفوا لـ(الصيحة) أن الوثيقة الدستورية معيبة وبها العديد من المشاكل السياسية التي قد تؤدي إلى انقلاب.

تمزيق البلاد 

أحزاب كثيرة انتقدت التعديل الذي جرى في الوثيقة الدستورية، وكان هنالك اختلاف كبير حولها، الحزب الشيوعي الشريك أبدى رفضه الوثيقة، كما تخوّف أيضاً حزب المؤتمر الشعبي من أن تؤدي إلى تمزيق البلاد، فيما أبدى بعض أعضاء اللجان المركزية بتفاؤلهم بمستقبل الوثيقة الدستورية باعتبار أنها نصت على إلغاء العمل بدستور سنة 2005، وتظل القوانين الصادرة بموجبه سارية المفعول ما لم تُعدَّل أو تُلغَى وهو نص لم يحدد آلية التعديل والإلغاء ولا مداه الزمني واعتبروا الوثيقة التي صدرت في 2019 سارية المفعول ما لم تُعدّل أو تُلغَى.

الملاحظة هنا كأنما وقعت قوى إعلان الحرية والتغيير على الوثيقة منذ 11 أبريل مع المجلس العسكري، وبالتالي تتحمل معه مسؤيلية أي خروق ومجازر أثناء هذه الفترة بما فيها فض الاعتصام.

ولكن القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير محمد عصمت، يقر بأن ثمة مشكلة تتعلق بتعيينات السلطة القضائية والنائب العام، لأن العسكريين لا يريدون مؤسسات قادرة على المحاسبة، ويرى أن ترشيح العسكريين لوزيري الداخلية والدفاع والمؤسسات العسكرية مخالف لطبيعة الدولة المدنية التي تتطلب تبعية هذه الأمور لمجلس الوزراء، وانتقد الاعتراف بقوات الدعم السريع.  

ضعيفة في الاستقرار 

يرى الخبير في الدراسات الإستراتيجية والقانونية بروفيسور عثمان أحمد الحسن خلال حديثه لـ(الصيحة) أنه ليس هنالك مجلس تشريعي أو برلمان أو كيان، لذلك فالمجلس السيادي يمضي في السلطة التشريعية الثورية وبالاتفاق الذي تم وفق الإعلان الدستوري، وقال: من حقهم التعديل في الوثيقة الدستورية، موضحاً أن الوثيقة الدستورية اتفق عليها  الطرفان قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، والآن أصبح مجلس السيادة أعلى سلطة من المجلس العسكري، بالتالي ليست هنالك غرابة في ما اتفق عليه، لذلك لابد من التغيير والتعديل فيها، وأن المسألة لا تحتاج إلى فتوى قانونية دستورية، وأضاف أن الوثيقة الدستورية عبارة عن اختزال واختصار شبيه بالدستور.

 وأضاف: من الطبيعي أن يحصل فيها عدم اتفاق واستقرار، لذلك يجب تعدليها لتجد شروط الاستقرار، وقال: أي دستور يجب أن يكون مستقراً. وكشف أن الوثيقة الدستورية صغيرة الحجم وتحتاج إلى التعديل بغرض سد الفجوة الحاصلة فيها، وقال إن المجلس العسكري السابق وقوى الحرية والتغيير ليسا الجهة التي تمثل الشعب السوداني، ولكن نظراً لوجود الثورة والظروف الاستثنائية جرى الأمر هكذا، وتم قبوله إلى حد ما في بعض الإمكانيات.

وقال: اذا كان هنالك رفض في التعديلات الدستورية يجب ألا يكون في التعديلات بل يكون الرفض في المسودة جميعها، ولا يحق لشخص أن يمتلك تعديل الوثيقة الدستورية ومن يعدلها هم متفقون عليها، ولكن يجوز لأي شخص أن ينتقد أو لا يعترف مطلقاً بالوثيقة الدستورية، لذلك يجوز تعديلها من الجهات التي اتفقت عليها، وهم الآن موجودون، وقال: أي وضع ثوري استثنائي يحتاج إلى معالجات، وأي وضع ثوري استثنائي لابد أن تجد فيه مستجدات، لذلك الخلل الموجود يتنافى مع تعديل الوثيقة الدستورية.

 وكشف أن الوثيقة الدستورية أصلاً معيبة مختزلة  وقابلة للتعديل مما دعى غلى أن نكون في حالة عدم ثبات وعدم مصداقية، وهذا موضوع طويل جداً وبها مجموعة من المشاكل السياسية مما يؤدي إلى مرحلة الانقلاب، وتأتي منها مجموعة من المشاكل السياسية عبر الثورة الشعبية الأخرى المضادة.  

استعجال بنود الوثيقة 

لابد من الجدية من الطرفين في تعديل الوثيقة  الدستورية حتى لا يُعلى عليها من قبل أطراف أخرى لم نحسبهم، هذا ما جاء به المحلل السياسي بالمشورة الشعبية وزارة الخارجية عبد الرحمن أبو خريس خلال حديثه لـ(الصيحة)، موضحاً أن الوثيقة تم تعديلها من الطرفين وتحديداً (الحرية والتغيير)، وهذا التعديل أدخلهم في خلاف مع الحركات المسلحة وحصل ذلك في آخر اجتماع لهم في القاهرة، مما أدى إلى الاختزال بينهم في قضايا السلام، وهذا مما جلب مشاكل كثيرة مع نداء السودان والحركات المسلحة، وهذا ما أدى إلى حل منصب النائب العام، وهذا من أهم القضايا التي تناقش في الاجتماع، وأضاف أن بنود الوثيقة بها استعجال مما أوقع الناس في إشكالات كثيرة بأن الوثيقة قبل أن تتم أربعة اشهر يتم تعديلها وعادة الوثيقة لدستورية تحتاج إلى تأنٍّ وحرص وتركيز بين الطرفين على مستوى الصياغة، وتناول القضايا لتفادي موضوع التعديل من ناحية سياسية، وما تقوم به الحكومة الآن في التعديل يُسمّى دليل مرض وليس عافية، ويعكس عدم جدية في قضايا الوثيقة، لذلك لابد من حل جذري ينقل البلاد ديمقراطياً. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى