الهامش والمركز.. (مطلوب) المعارضة (مرفوض) السلطة   

الهامش والمركز.. (مطلوب) المعارضة (مرفوض) السلطة   

الخرطوم- الطيب محمد خير

عمّقت ثورة دبسمبر التحول في المشهد السياسي السوداني، بصعود قوى الهامش إلى سدّة الحكم والتي كانت إلى وقت غير بعيد منذ بداية الثورة تعتبرها القوى السياسية المناهضة للحكم الشمولي الإنقاذي والمنادية بالعدالة والمساواة  خياراً للسيطرة على منظومة  الحكم عبر جدلية الهامش والمركز بشعارات جاذبة، ممثلة في نصرة المظلومين والمستضعفين وغيرها من الشعارات الموظفة لصالح  انتزاع أكبر تاييد دولي وإقليمي.

لكن وبمجرد، صعود قوى الهامش إلى سدة الحكم نكصت قوى المركزي ذات النفوذ الأقوى  مالياً وسياسياً وأمنياً  وتخلت بعد الثّورة عن شعاراتها المنادية بصعود الهامش، ودخلت في صراع مع قوى الهامش الصاعدة كحكّام جدد ممثلة في حركات الكفاح المسلح  والدعم السريع الذي وصفه وجدي صالح في إحدى خطبه الجماهيرية بأنه شكل العنصر الأهم في معادلة التغيير السياسي، وسارعت قوى المركز من منطلق المؤامرة لتبرير رفضها لقوى الهامش الصاعدة بالترويج بأنها قوى معزولة لا قيمة لها وجنحت لتوريطها بتهمة قتل المتظاهرين  وإشاعة الفوضى الأمنية، حتى يبقى الشعب أسيراً لمعادلة الشعور بالخوف والنفور من قوى الهامش في ظل الارتباك الحاصل في المنظومة الأمنيّة  التي في حقيقتها معركة خفيّة لأجل إعادة هيبة مشروع سيطرة المركزي على الحكم بطموحاته السياسية السلطوية على طريقة من ليس معي فهو مؤيد للحكم الانقلابي وضدّ الديموقراطية والحكم المدني وإلصاق الصفات السيئة وإطلاق الأحكام المسبقة لنشر الذعر لدى الشعب وتنفيره من التجربة الجديدة بعد الثورة .

وقال رئيس جبهة القوى الثورية الديموقراطية صلاح أبو السرة لـ(الصيحة): دعنا نقول أبناء الريف بدلاً من الهامش وبالتالي صعود هذه القوى سواءً الدعم السريع أو حركات الكفاح المسلح ممثلة أبناء الريف في الحكم بالمركز والدعم السريع قوى منظمة وجزء من مؤسسة الدولة ووجود أبناء الريف في مؤسسات الدولة ولاسيما العسكرية منها لم يكن غريب ، إلا ما تمتعتوا به في قوات الدعم السريع أنهم نالوا رتب من ضباط ضباط صف وهذا لم يكن متاح من قبل لأبناء الريف في المؤسسة العسكرية لأنه معروف أن الكلية الحربية كان يدخلها القليل من أبناء الريف، وأكثر ماميز قوات الدعم السريع هو فتح الرتب لأبناء الريف، وهذا ما أهلها للمشاركة في المؤسسة السيادية للدولة في مرحلة الانتقال وما قدمته قوات الدعم السريع من انحياز للثورة ضمن لها الشراكة ( ووصف قائدها في ساحة الاعتصام  بترديد شعار يمجده بأنه الرجل الضكران) ، أما حركات الكفاح المسلح التي مثلت الريف بالجبهة الثورية جاءت  باتفاق السلام الذي فرض  وجودهم في الشراكة مع قوى الحرية والتغيير التي أدعت أنها تمثل المركز وهي نفسها صعدت بعد سقوط سلطة المؤتمر الوطني مدعية امتلاك اسم الثورة ومارست الإقصاء في المرحلة الأولى من الانتقال لقوى الريف  والآن لاتزال تمارس مزيد من الإقصاء عبر الاتفاق الإطاري .

وأضاف أبو السرة هذه المجموعة صعدت من باب الثورة كقوى اجتماعية وليست منتخبة كممثل للريف وقبولت بكل هذا الإقصاء والرفض، فما بالك أنهم جاءوا بانتخاب حاملين قضايا الهامش بكل ثقلها وتعقيداتها بالتأكيد سنشهد صراع أكثر حدة مما نراه الآن بين أبناء الهامش و قحت التي تدعى أنها ممثلة للمركز في وقت أنها تمثل مصالحها في المركز وهي لم تأت في هذه المرحلة بانتخاب ولا ممثلة لقوى الثورة ولا قوى اجتماعية ممثلة للمركز .

وأشار أبو السرة إلى أنه منذ الاستقلال ظل أبناء الريف يمنحون الوزارات الهامشية وليست السيادية المؤثرة في صنع القرار في الدولة، ونجد أن قحت نكصت عن ما اتفقوا عليه في أديس أبابا بعد نجاح الثورة ، وأقصت حركات الكفاح المسلح وجاءت للشراكة عبر المنبر التفاوضي الذي فتحه حميدتي وانتهى باتفاق سلام جوبا ولولا هذا المنبر لكانت حركات الكفاح المسلح لا تزال  حاملة للسلاحز

وتساءل أبوالسرة من هي قوى الحرية والتغيير التي تمارس الإقصاء الذي كانت تعاني منه على أيام الإنقاذ هي عبارة عن واجهات باستثناء حزب الأمة وهي التي جاءت بذات السلطة التي يتهمونها بضرب المواكب وقمع المتظاهرين فعليهم أن يدركوا أنه ما عاد هناك صفوة مركز وتابع من الريف والهامش.

وقال المستشار السياسي لحاكم إقليم دارفور د.مصطفى الجميل لـ(الصيحة): جدلية الهامش والمركزي والثقل والرفض والإقصاء ومن هو أحق بالمشاركة في إدارة الشأن السوداني  هذه قضية تحسمها صناديق الاقتراع وحتى نحسم قضية من  هو المعزول جماهيرياً يجب حصر الأصوات التي نالتها كل جهة سواءً تنظيم مركز أو قوى هامش مؤكد النتيجة ستظهر أن هناك حركة مسلحة نالت ألف صوت وأخرى حزب أو حركة لم تنل أي صوت .

وأشار د.الجميل بأن المركز يعمل بطريقة تكتيكية تارة تجده يعمل مع الهامش ويوظفه لخدمة أجندته وبعد تحقيق هدفه يعود لإقصاء وشيطنة الهامش ونحن مدركين لهذه اللعبة جيداً ولذلك لوضع حد لهذه الجدلية نصر على قيام الانتخابات لتحديد الأحجام التي يحددها الشعب السوداني حتى نحسم محاولات المركز لتسخير الهامش بالفهلوة والإدعاء ليكون عصا أو أداوت لضرب الخصوم في الحكومة المركزية ويرفض مشاركته بعد أن تصفو الأمور وتتحوَّل لعدو له ويتم إقصاؤك، لكن نقول هذه مرحلة ولت (أهل) الهامش لن يقبلوا إلا أن يكون شركاء أصليين لا ردفاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى