محمد علي التوم من الله يكتب: رسالة المشتل

كلامتير

محمد علي التوم من الله

رسالة المشتل

# جلس رجل كبير بجانب شاب في مشتله وكان الشاب يقلم بعض النباتات بطريقة (العقلة) لينتجها، فسأله الرجل عن إحداها قائلاً:

ده ياتو نوع من النباتات يا ابني؟

ده نبات يدعى (المندا) له ازهار صفراء.

هل فيه شيءٌ يُؤكل؟

لا لا ده من نباتات الزينة يا عمنا.

ثم بدأ الشاب يعقل نباتاً آخر من النبات، فسأله الرجل نفس السؤال فرد عليه الشاب:

ده ورد إنجليزي يا عمنا.

هل منه شيءٌ يُؤكل؟

هنا انتبه الشاب الى أسئلة الرجل التي حيّرته، والتفت اليه مبتسماً وأجابه هذه المرة قائلاً:

نعم يا عمنا الورد الإنجليزي العقلة له رائحة عطرة جذابة تجذب النحل فيرتشف من رحيقها ويصنع لنا العسل الذي منه نأكل، وفيه شفاء للناس.

هنا ابتسم الرجل الكبير ابتسامة بليغة وقال للشاب:

الآن ادركت انك متفهم لعظمة وطبيعة عملك الواسعة، انت تعمل يا ابني في مجال هو نبض الحياه.

# والناظر الى المشتل بعمق التفكير الذي نبه اليه الرجل الكبير يجد أن النحل كتيبة من كتائبه التي يضرب بها الأمثال في العطاء ومجالاتها المتميزة وخلية المشتل كما النحل في أنشطتها فيها غذاء وشفاء وفكر وماديات واجتماعيات وفنيون وفنون.

المشتل رافدٌ لأعمال الخزف والفخار وإبداعاتها وتلك الفنون تجدها تتحدّث في المشتل عن عُمق حضارة الأمة وأصلها وتنطق بأحلامها وآمالها وتبث احلامها.

والمشتل مرسم للفنان وملهم للشاعر والأديب والمطرب، فمن المشتل انطلقت حسان الزهور وكرنفالات الفرح، لتضفي على كل بيت ومسكن ومأوى لمسة من الجمال، بل وفي كل مؤسسة ومصنع ومرفق وكل شارع بالظل والخضرة اليانعة.

ومعظم التشجير الذي تجده بشوارع المدن 75% منه من عطاء المشاتل، وكل الحدائق التي تهرع إليها الأسر للتنفس والترفيه جادت بها المشاتل، ومناسبات الفرح ومختلف التلاقي البشري لخير الناس 75% منه من عطاء المشاتل، والكثير الكثير مما تنعم به البساتين المُثمرة والمزارع المنتجة خرج من جهد المشاتل والعاملين فيها.

المشتل هو المعمل الكبير مجدداً للتنوع الخضري والنباتي، منه انطلق كثير من النباتات المستوردة من مختلف بقاع العالم لأرض السودان لتثري التنوع الخضري.

المشتل فصل دراسي يزوره التلاميذ الصغار، وقاعة محاضرات علّمت الكثيرين واهّلتهم في مهنة جادت بالخير الوفير للبلاد. المشتل هو الداعم الاساسي لمعارض الزهور، ومحافل وكرنفالات الإبداع التي تبث الوعي البستاني وتوثق لحضارة الأمة وتقوي أواصر النسيج الاجتماعي، وملتقى شبابي للجنسين واعد ينمي قدراتهم وطاقاتهم لخير العباد والبلاد.

وفي تظاهرة ومؤتمر حولي ودوري تجد المشاتل نفسها في اواخر هذا العام 2022  في تناغم مع كل الأنشطة المصاحبة لها برحاب الحديقة النباتية العريقة بالمقرن  قلب الخرطوم النابض، وقد تزوّدت بجرعات كافية للمزيد من البذل والعطاء وتبادل العلوم والمعارف والمنافع.

التحية لجمعية البساتين السودانية التي حوّلت المستحيل لإنجازٍ، متغلبة على كل الصعاب.  ونرجو أن تستفيد من الأفكار والآراء البنّاءة التي قوّمت الإعداد لهذا العام، ولمعالجة السلبيات في المعارض القادمة إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى