شاكر رابح يكتب: الشيطان يكمن في التفاصيل

مفارقات

شاكر رابح

الشيطان يكمن في التفاصيل

كلما اقتربت ساعة الحل السياسي للأزمة السودانية، إلا وبدأت العقارب والأفاعي السامة في التسلل خفيةً لعرقلة مخرجات الحل، مع سبق الإصرار والترصد، بالتركيز على التفاصيل الصغيرة التي يمكن تركها لوقت آخر، وحال استصحابها لن يضير العملية السياسية بشيء.

يقال إن الشيطان يكمن في التفاصيل، هذا التعبير الاصطلاحي يشير إلى “وجود شيء أو عنصر غامض مخبأ في التفاصيل”، بالضرورة هنا استعراض مبادرة الشيخ الجد كواحدة من المبادرات الوطنية الجادة التي وجدت القبول من المكون العسكري وتيار عريض من مكونات الحرية والتغيير وحملت في طياتها حلولا واضحة تماماً، إلا أن “الشيطان” كان شاطرا وبقدرة قادر تحولت المبادرة  إلى نسي منسيا، رغمًا عن القبول والزخم الذي أحدثته.

في تقديري، إنّ ما يفرق بين الفاعلين ونعني بذلك أحزاب ومكونات الحرية والتغيير وقوى الانتقال بشكل عام، أكثر مما يجمعهم، وإن نقاط الخلاف والتباين بينهما كبيرة وعميقة ومتشابكة ومتداخلة، ومن الصعوبة بمكان التوصل لحلول لها في ظل تنامي حالة التشظي وتغيير وتبديل المواقف وممارسة عملية الشد والجذب والانبطاح أمام العسكر، ورفع سقف المطالب من قبل قحت، في عملية أشبه بعملية الهروب إلى الأمام بطريقة سمجة ومفضوحة، والادهى والأمر، ظلت قيادة قحت تقدم التنازل تلو الآخر بموافقتها على توصيف قرارات القائد الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أكتوبر من العام الماضي من (انقلاب) إلى توصيفها (إجراءات وقرارات) وتبدل المواقف والتنازل عن الشعارات الصفرية التي رفعت، لا حوار.. لا شراكة.. لا شرعية، بالعودة مرغمة للحوار مع العسكر سواء كان ذلك بشكل مباشر او عبر الثلاثية او الرباعية، في الاصل كان المقصود بهذه الشعارات تكتيك مرحلي لتهدئة الشارع، هذه المسكنات والتكتيكات أثبتت التجربة عدم فعاليتها والتعويل عليها لن يفيد كثيراً ولن يجدي نفعاً.

بناءً على ما ذهبنا إليه عاليه، واستناداً على التسريبات المتواترة التي تشير إلى أن بنود الاتفاق الإطاري افرغت من معناها ومحتواها تماما، ومن اهم البنود التي تتحدث عنها الحرية والتغيير وهي الأساس في عملية التحول الديمقراطي قد تم إرجاؤها لمرحلة أخرى ما بعد التوقيع على الإعلان الدستوري والبنود، هي ملف العدالة وإصلاح المنظومة العسكرية والأمنية، وملف إزالة تمكين الثلاثين من يونيو وإصلاح الأجهزة العدلية والقضائية، على أن يضمن الإعلان الدستوري المجلس الأعلى للدفاع ضمن مؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية، مع التزام قحت باستمرار الفريق أول البرهان قائداً للقوات المسلحة، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائداً لقوات الدعم السريع حتى نهاية الفترة الانتقالية التي حددت بعامين، على أن يمثل البرهان بصفته القائد العام المنظومة الأمنية في المجلس الذي سوف يترأسه رئيس وزراء مدني وفقاً لمسودة دستور المحامين الذي وافق عليه المكون العسكري مع إبداء ملاحظات جوهرية. عليه، هذه الملاحظات متعلقة بدور المنظومة الأمنية، وظلت مثار نقاش وخلاف وجدل وتحفظ داخل المجلس المركزي للحرية والتغيير.

تصريح مهم لخص ما يجري بشكل دقيق ويجب الوقوف عنده، قاله رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في مجزرة فض الاعتصام المحامي نبيل أديب (إن ما تم وأعلنت عنه الحرية والتغيير لا يمكن تسميته اتفاقا، لجهة أن ما خرجوا به لم يكن هنالك خلافٌ عليه، وإن الخلاف يكمن في ملفات العدالة التي تمّ إرجاؤها مع ثلاثة ملفات أخرى للمرحلة الثانية من الاتفاق)، وتابع بالقول (لا يمكن تسمية الاتفاق الإطاري اتفاقا، هؤلاء يريدون أن يقولوا فقط اتفقنا ولكنهم في الحقيقة لم يتفقوا).

في تقديري، من الصعب التكهن بما سوف تؤول إليه الأوضاع السياسية في البلاد، والحل يكمن في إبعاد المضللين أصحاب الأيديولوجيات المعادية للإسلام والمسلمين، الذين يغلبون مصالحهم الذاتية ومصالح أعداء الوطن على المصالح الوطنية العليا.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى