وعود المانحين للسودان.. حقيقة أم في مهب الريح؟

الخرطوم- الطيب محمد خير 30 سبتمبر 2022م
اشتكى وزير الخارجية المكلف علي الصادق، لدى لقائه وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لبناء السلام والشؤون الإنسانية، روزماري ديكارلو، بـ(نيويرك) من تأخر فريق الأمم المتحدة القطري في تنفيذ العديد من المشروعات والخدمات الفنية المتفق عليها، مطالباً المنظمة الدولية القيام بدورها تجاه مساندة العملية الانتقالية ودعم السلام، خاصة برامج نزع السلاح والدمج والتسريح، وعودة اللاجئين والنازحين والاستعداد للانتخابات.
أرجعت روزماري، تأخر البعثة الأممية في إنفاذ ما التزمت به من مشروعات وخدمات فنية المتفق عليها لوجود شحٍ في التمويل من المانحين، نسبة للصعوبات التي سببتها جائحة “كورونا” والحرب في أوكرانيا، حيث وُجّهت كثير من الموارد للاجئين الأوكرانيين، بجانب أسباب أخرى جدَّدت عزمها على مساعدة السودان حتى يعبر الفترة الراهنة بسلام.
وفي ذات السياق كان رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان قد أنحى باللائمة في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لعدم الإيفاء بمصفوفة مطلوبات دعم الانتقال التي سلَّمها السودان للأمم المتحدة، مشيراً إلى أن البعثة الأممية والآلية الثلاثية التي تقودها قد استغرقت وقتًا ثمينًا دون أن تحقق المطلوب منها، الأمر الذي عقَّد مسارات حوار والتوافق الوطني، على رغم من أن الحكومة السودانية قدّمت لها كافة أشكال الدعم، مؤكداً أن السودان كان قد تأهل للاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون، مناشداً المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة الوفاء بتعهداتها التي التزمت بها في اجتماعَي باريس 2020م، وبرلين 2021م.
وقال الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو لـ(الصيحة): إن تجربة السودان مع المانحين غير مشرِّفة منذ اتفاقية أديس أبابا على أيام مايو، حيث وعدوه بمنحه أربعة مليارات دولار، حال وقع الاتفاق لكنهم حنثوا بوعدهم ولم ينل سوى أربعة ملايين دولار، وذات الشئ تكرر في اتفاقية نيفاشا التي لم ينل بعدها أي فلس وحمل على فصل الجنوب بوعد أن السلام سيتحقق والخير سيعم ونفذ الفصل، لكن لم يستقر الشمال ولا الجنوب، وبالتالي التعويل على المانحين ليس من الحكمة والعقلانية قياساً بما شهده السودان في الفترتين مايو والإنقاذ.
ونبَّه الطريفي إلى أن الحرب الأوكرانية الروسية ستستنزف كل موارد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، لأن الشغل الشاغل لديهم هي هزيمة روسيا، وبالتالي ستكون الوعود ومزيد من المطالب دون الإيفاء بأيٍّ من الوعود، أما التعويل على الإدارة الأمريكية فموقفها متأرجح مابين المكوِّن العسكري والحكم المدني، لكن واضح أن أمريكا متهيِّبة من عدم مقدرة المدنيين على التوافق وهذا يجعلها تفكِّر في وضعهم بكل هذا العجز والفوضى والخلافات فأرحم لها المكوِّن العسكري على أقل تقدير له مقدرة على ضبط البلد من الانزلاق، وواضح أن رؤية الأمريكان من جانب خفي أن مغادرة العسكريين للحكم نتائجها انفلات السودان الذي يصعب السيطرة عليه في ظل ما تكشف لهم من فوضى المدنيين وخلافاتهم، وإلا ستكون أمريكا مواجهة بتحديات أمنية كبيرة، خاصة على البحر الأحمر، من هذا المنطلق يمكن أن نتوقع أن يقدِّم قليل من الدعم على الأقل عربون لوجود قوة تحفظ لها الأمن والنظام على ساحل البحر الأحمر، وحتى السعودية كدولة مشاطئة للبحر الأحمر تنظر للبرهان والمكوِّن العسكري كمركز تأمين وكذا مصر باعتبار أن السعودية ومصر ستكونان أكثر تأثراً بأي اضطرابات أمنية في السودان بالتالي ستكون العلاقة بين حكومة البرهان وهذه الدول أشبه بشعرة معاوية .
وأكد السفير كرمنو، أن الدعم سيكون بمنزلة الجزرة والعصا مقابل توفير الأمن للبحر الأحمر، أما الديموقراطية أتوقع أن تتأخر لامتداد الفترة الانتقالية وقد تصل لعشر سنوات، بجانب أن وجود اليسار خاصة الحزب الشيوعي والبعث غير مرحب بهما في المنظومة السياسية التي تسعى لحكم الفترة الانتقالية أو بعدها من قبل الأمريكان والاتحاد الأوربي في ظل النزاع الروسي الأوكراني، وهذا سيضعف حظوظ المدنيين بوحود اليسار المسيطر على المعارضة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى