عضو المجلس السيادي الفريق ركن “ياسر العطا” لـ”الصيحة”:

هذه الأسباب تأخرنا في إذاعة البيان ولم نتوقع رفض الشارع لابن عوف بتلك السرعة

ناقشنا أسباب فشل ثورة 2013 ووجدنا أنها فشلت لعدم وجود قادة ميدانيين لتوجيهها

تأخرنا في الانحياز للمعتصمين لأننا كنا نريد لأعدادهم  أن تتزايد حتى نرد على أقطاب النظام السابق

إذا أذعت أنا البيان أو البرهان منذ البداية لحدثت اشتباكات

كشف عضو المجلس السيادي الفريق ركن ياسرالعطا، كواليس سقوط نظام البشير، وكيفية اجتماعاتهم وتخوفهم من انشقاق المؤسسة العسكرية مثلما حدث في سوريا، مؤكداً أن كل المؤشرات والاتصالات  التي كانت تتم أكدت جدية الحراك وضرورة تغيير نظام الإنقاذ ودولة الحزب الواحد.

ظل العطا على الرغم من اجتماعاته المتواصلة بالقصر، يتحدث عن تفاصيل إسقاط النظام،  مسترجعاً الكثير من الأحداث بعضها للنشر وأخرى غير ذلك، مدافعاً ومنافحاً عن الفريق أول ركن عوض بن عوف واصفاً إياه بالحكمة، وأوضح كيفية الإطاحة به بسبب البيان.. الكثير من التفاصيل في هذا الحوار.        

حوار ـ هبة محمود سعيد

تصوير ـ  محمد نور محكر

*في الحلقة الماضية توقفنا عند الاتفاق بينكم وبين قوات الدعم السريع كيف تم التنسيق مع حميدتي؟

نعم، الفريق أول حمديتي بدأ التنسيق مع الأخ برهان، وهما تربطهم علاقة كبيرة كانت امتداداً لسنوات سابقة، ولم تنقطع إطلاقاً. كان التواصل بيننا وبين حميدتي  عبر البرهان، فيما كنت أتواصل أنا مع عبد الرحيم دقلو، حتى تم التغيير.

*كنتم تتواصلون وتعقدون اجتماعات؟

نعم، لكن كنا نفكر في الوقت المناسب والخروج بأقل الخسائر.

*عزمكم على إسقاط النظام كان متوقفاً على انتهاء الحراك أم على سياسات النظام نفسها؟

الحراك كان كبيراً وأيقنا أن اللحظة المناسبة أصبحت قريبة.

*ما هي أولى الخطط التي وضعتموها؟

 نحن أول حاجة كنا نناقشها هي أسباب فشل ثورة 2013 ووجدنا أنها فشلت لعدم وجود قادة ميدانيين لتوجيهها، بعدها بدأنا نبحث عن قادة حراك ديسمبر، ووجدنا جزءاً في كوبر وجزءاً في الخارج، وبدأنا في بعض الاتصالات معهم واطمأننا أن هناك قادة موجودين على الأرض، في الميدان، وهذا كان أول شيء لتماسك الحراك واستمراريته وزيادة زخمه.

*هذا يعني أنكم ساعدتم في إشعال الحراك؟

كنا نرصده، أنا كنت مدير العمليات في الجيش السوداني، وكل التقارير تأتيني ساعة بساعة، كنا نرصد كل القوى الحية داخل العاصمة القومية وفي الولايات والمدن، وهل هي مع الحراك وتسانده أم لا، ومدى القدرة النفسية والمعنوية للحراك نفسه، الأمر الثاني والمهم هو مَن مِن الأحزاب السياسية مع الحراك ومن ضده، حتى داخل المسيرة الواحدة، والحق يقال أننا وجدنا مجموعات كبيرة لكل الأحزاب المعارضة كانت مشاركة، وجدنا عدداً من الإخوة كانوا مجاهدين في الدفاع الشعبي ومدافعين شرسين داخل الحراك، وجدنا عدداً كبيراً من كوادر المؤتمر الشعبي الذين نعرفهم داخل الحراك، وهذا دل على أن البلاد وكل مكوانات المجتمع السوداني السياسية والاقتصادية والإثنية انتظمت في الحراك، رصدنا النقابات في كل القطاعات وجدناها منتظمة في الحراك وساعتها أيقنا تماماً أن اللحظة المناسبة أصبحت قريبة.

*أمام هذا التخطيط هل شعر بكم كبار القادة في القوات المسلحة؟

أنا قلتها صراحة عندما سألني وزير الدفاع السابق “عوض بن عوف” عن رأيي في ما تواجهه الحكومة، فقلت له إن كل الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية انسدت تمامًا أمام الحكومة،  فسألني ما هو المخرج، فقلت له أن يعلن الرئيس صراحة أنه لن يترشح في انتخابات 2020 ويستقيل عن الحزب ويدعو رؤوساء الأحزاب وقادة الثورة ويتحدث معهم عن كيفية تشكيل الحكومة بالتوافق والتراضي والاتفاق على لجنة لعمل قانون للانتخابات يكون متوافقاً عليها بين كل الأحزاب، ونحن من الممكن أن نقوم بوساطات تجعل السيد الرئيس، رئيس مجلس السيادة حتى نحميه من المحكمة الجنائية.

  •  كيف تحمونه من الجنائية ؟
  • ان يكون رئيس مجلس سيادة

*ماذا قال بن عوف؟

لم يجب، وفي شهر فبراير كانت الاحتجاجات قد انحسرت قليلاً، فناداني السيد الوزير وقال لي المظاهرات خفت، فقلت له (يا سعادتك حكومتكم انتهت ولحد الليلة نحن ممكن نحمي الرئيس من المحكمة الجنائية لكن إذا مشى الزمن بتكون صعبة)، فقال لي ما الحل فقلت له الرئيس حتى لا يذل ولا يهان من الأفضل أن يسافر خارج السودان وتعلن أنت بوصفك نائباً انتهاء عهده وأنك انحزت لخيارات الشعب.

*بماذا أجاب؟

ضحك

*في نهاية شهر فبراير قام الرئيس بعمل كل المطلوبات التي ذكرتها للفريق بن عوف؟ 

السيد الفريق أول  ابن عوف كان يقوم بتوصيل نبض الشارع ونبض الجيش للسيد الرئيس، ولكن عندما أوصلنا الرسالة للرئيس لم يكن هذا الاتفاق ولا هذه الآليات.

*لم يعد هناك طريق للإصلاح؟

أيقنا أن البلاد تمضي نحو الانهيار. 

*ما هو أكثر ما كان يقلق الرئيس السابق البشير؟   

كان متخوفاً من فك ارتباطه بالحركة الإسلامية.

*عندما أيقنتم أن البلاد تمضي نحو الانهيار ما هي خطواتكم التي اتخذتموها؟ 

أيقنا تماماً أننا والفريق البرهان على قلب رجل واحد.

*خططتم ورتبتم لشكل المجلس العسكري كيف يكون ومن هي عضويته؟

لا، نحن خططنا أننا نعمل، وكنا نعمل في صمت، كانت هناك رتب أعلى منا هي وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ونائبه، خشينا حدوث انشقاق، وحتى لا يحدث ذلك مضينا في اتجاه أن الذي يصدر بيان إسقاط النظام هو السيد  نائب الرئيس.

*لماذا لم تصدر البيان أنت أو الفريق البرهان؟

 إذا أذعت أنا البيان أو الفريق البرهان سوف تحدث اشتباكات، وكنا نريد  الخروج بأقل خسائر، ولذلك اخترنا الفريق ابن عوف.

*دفعتم به وتعلمون أن الشارع سوف يرفضه؟

نحن توقعنا رفض الشارع لابن عوف، لكن إذا كنا اتبعنا بعض الإجراءات السريعة في اتخاذات القرارات في البيان الثاني والثالث بالسرعة المطلوبة لتداركنا الموقف.

*ما هي أسباب التأخير في إذاعة البيان؟

ابن عوف رجل وقور ومحترم ولديه انتماؤه للرئيس، وكان يرى أن بإذاعته للبيان أمر اشبه بالتمرد على القائد الأعلى وهذا سيوحي للضباط التمرد عليه، أنتم لا تعرفون طبيعة المؤسسة العسكرية، هي طبيعة ذات تعقيدات، وهذه الأشياء التي جعلته لا يتفاعل مع الحدث بالصورة المطلوبة، ولذلك إيقاع الإجراءات كان بطيئاً جداً وهذا ما أطاح به.

*ليس بطء الإجراءات وتأخر أذاعة البيان هي التي أطاحت بابن عوف، لكن لصلته بالنظام وتورطه في أحداث دارفور؟

إذا كان قادة الثورة جلسوا مع الفريق ابن عوف في اجتماع أو اجتماعين لكانوا وافقوا به واستفادوا من حكمته وتجربته كثيراً جدًا ومن سرعة الإيقاع، وما كان الحوار مع قوى الحرية والتغيير سيأخذ 4 أشهر، إن كان موجوداً لأخذت المفاوضات يومين أو ثلاثة، ولكانت الحكومة مكونة ودولاب العمل يمضي، أما فيما يتعلق بالحديث عن صلته بأحداث دارفور، فدعونا نقولها بصدق، الفريق أول ابن عوف  ليس لديه صلة بها، هو قام بتكوين استخبارات الحدود، وأنا كنت فيها، لكنه لم يحمل بندقية ويقاتل أنا الذي قاتلت في دارفور، فلماذا هو لديه صلة وأنا لا!! أنا كنت القائد الميداني المقاتل فلماذا لم اتهم!! ولتأت كل أجهزة العالم وتقول لي (انت يا ياسر العطا وقواتكم حرقتم هذه القرية). فالدعم الذي قدمه بن عوف كان في بناء المؤسسة العسكرية اختلفنا أو اتفقنا كان لاستتباب الأمن في البلاد.

*أثناء ترتيبكم للإعلان عن سقوط النظام، كيف كان شكل التواصل بينكم والقادة بالحراك؟

 اتصلنا ببعضهم وطلبنا منهم الاعتصام أمام ساحة القيادة بدلاً من الذهاب إلى القصر لحمايتهم حتى لا تراق دماء. 

*كنتم تتوقعون حدوث خسائر؟ 

حتى إذا الخسائر كانت من القوى العسكرية أفضل من أن تكون اقتتالاً بين أحزاب.

*هل دعوة مليونية 6 أبريل كانت حاسمة لكم؟

نعم، وقبلها اتخذنا إجراءات منذ الأول من أبريل وأرسلنا لهم كما ذكرت وطلبنا منهم الاعتصام حتى تشكيل الحكومة، وكنا نعتقد أننا من الممكن أن نشكلها في أسبوع.

*لماذا تأخرتم في الانحياز للشعب وتركتم الاعتصام خمسة أيام؟

تأخرنا لأننا كنا نريد لأعداد المعتصمين أن  تتزايد حتى نرد على أقطاب النظام السابق الذين كانوا يقولون إن هؤلاء المعتصمين  ليسوا كل الشعب السوداني، وإن هناك ملايين يمكن أن تخرج، ثانياً هذا الاعتصام كان يمنح القوات المسلحة القوة. 

*اخترتم يوم 11 كساعة للصفر؟ 

نعم، كان يوماً مرتباً له، البرهان وعبد الرحيم دقلو احتلا القيادة العامة وبيت الرئيس وقاما بتأمين الحراسات وتغييرها، الكباشي ذهب  إلى وادي سيدنا واستلم زمام الأمر، وأنا ذهبت جبل أولياء والفريق مجدي رئيس قوات الأركان البرية استلم سلاح المهندسين وسيطر عليها وبعدها أعلنا سقوط النظام. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى