فاطمة لقاوة تكتب: أحداث أبيي.. تجاوزات جوبا وعدم حيادية اليونسفا وصمت الخرطوم وغياب الإعلام

شهدت أبيي هذه الأيام أحداثاً دامية راح ضحيتها أفراد من شباب قبيلة المسيرية لا ذنب لهم غير أن القدر وضعهم في منطقة سُمح فيها لجيوش الحركة الشعبية في دولة جنوب السودان بحُرية الحركة وقتل الأبرياء ونهب أموالهم في وضح النهار، أمام مرأى ومسمع حكومة السودان التي أصبحت لا بتهش ولا بتنش، تاركة الأمر لقوات حفظ السلام التي هي الأخرى غير آبهة بأرواح الغلابة التي تحصدها أسلحة تلك القوات دون تحفظ أو خوف من المحاسبة.

أحداث الجُرف التي ما زالت دماؤها لم تجف بعد وجُثث الموتى قابعة أمام الثكالى والمفجوعات والحزينات من نساء المسيرية، والجرحى الذين تم إسعافهم بصعوبة في منطقة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، والنهب الممنهج للثروات والسعي إلى محو قطاع الرعاة من خارطة الدولتين!، تًبين للجميع أكاذيب الساسة في أعلى مستوياتهم وتناقض المواقف في أروقة من يدعون المحافظة على القيم الإنسانية وحماية المجتمعات المستضعفة، وإزدواجية المعاييير عند الآلة الإعلامية الداخلية في السودان والعالمية على مستوى القنوات الفضائية التي تدعي المواكبة للأحداث ونقلها وتحليلها وتسليط الضوء عليها.

القتل المُمنهج الذي تمارسه قوات دولة جنوب السودان منذ التوقيع على بروتوكول نيفاشا المشؤوم، والإخراج الهزيل الذي صاحب مسرحية لاهاي وتحكيمها المفضوح، قد ازدادت وتيرته هذا العام بصورة تؤكد أن جوبا مشجعة لتلك التجاوزات وداعمة لها بقوة، وأن صقور أبناء دينكا نقوك داخل أضابير دولة جنوب السودان يسخرون كل إمكانية جيوش دولتهم من أجل تحقيق الحُلم الذي يراودهم كثيراً ويسعون إلى تحقيقه باستخدام القوة المفرطة ضد رعاة المسيرية بهدف إبادتهم بمساعدة ودعم من قبل قوات اليونسفا التي جاءت بتوصية استخدام البند السابع وفق أمزجتها وعبر الصورة الذهنية السالبة التي تم رسمها في ذهنية جنود قوات اليونسفا ضد رعاة المسيرية، وصمت مطبق من قبل حكومة الخرطوم التي تضع  قضية أبيي وإنسانها في آخر جدول اهتماماتها، وأخشى أن تكون أبيي ومجتمعها خارج جدول الحكومة المركزية في الخرطوم.

الإغتيالات التي قامت بها قوات اليونسفا وسط رعاة المسيرية، مساندة لقوات الحركة الشعبية في دولة جنوب السودان التي نهبت أكثر من 7000 رأس من ماشية المسيرية، والتي لم تلتزم فيها اليونسفا بمبدأ الحياد!، تُعتبر تجاوزات مخالفة للمواثيق الأممية المتعارف عليها، والموجودة في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة الذي وقع عليه في مدينة سان فرانسيسكو عام 1945م، والذي أحد بنوده تقول (نحن شعوب الأمم المتحدة آلينا على أنفسنا أن  ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب)، ومن حق قيادات شعب المسيرية تقديم شكاوى رسمية ضد انتهاكات القوات الأممية في أبيي والمطالبة بسحبها من المنطقة بسبب أن تلك القوات أصبحت جزءاً من الصراع الدائر في المنطقة.

تجاوزات جوبا دائما توحي بأنها مطمئنة لسبات الخرطوم في نومها العميق وعدم إهتمامها بأبيي ومن فيها! وإزدواجية المعايير عند حكومة الخرطوم في التعاطي مع قضايا الحدود!! لم تعودنا الخرطوم يوماً ما بأن لأبيي نصيب مثل نصيب الفشقة في الوقوف على قضاياها، فلماذا؟.

هناك أسس قانونية تتعلق بأبيي- رغم عِلاتها- ومنصوص عليها، إذا سعت الخرطوم إلى تطبيقها لن تكلفها شيئاً، بل تساعد الخرطوم في بسط هيبتها على الحدود وتجنب الرُعاة ويلات القتل المُمنهج ونهب الثروات التي هي عماد الاقتصاد السوداني، وعلى الإعلام السوداني الخروج من قوقعة المركز المشينة والاهتمام بقضايا الوطن، فالصمت لا يفيد، والكيل بمكيالين يفقد الآلة الإعلامية المصداقية في المواقف، وعلى جوبا التحرّر من قبضة صقور دينكا نقوك الذين يستغلون نفوذهم من أجل تحقيق مكاسبهم في المنطقة وإحراج جوبا ووضعها في عداء دائم مع شعوب مناطق الجوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى