سراج الدين مصطفى يكتب: أحمد المك.. أغنيات سجينة عند أصوات لا تعرف الوفاء!!

نقر الأصابع

سراج الدين مصطفى

أحمد المك.. أغنيات سجينة عند أصوات لا تعرف الوفاء!!

بغض النظر عن بعض الآراء في تجربة أحمد المك اللحنية .. فهو بتقديري ملحن له خاصية نادرة .. وهي قدرته على إنتاج أغنيات تمشي بين الناس بسرعة .. وهو قدم فنانين كثرا.. يأتي في أولهم نانسي عجاج وان تنكرت له لاحقاً ولم تعترف بفضله الكبير عليها.. والمعلومة الأكيد تقول بأنها هو الذي أحضرها للسودان وقدمها للناس.. ثم تركته ــ لأسباب تخصها ــ واتجهت بناحية طارق الأمين.. وقدم أحمد المك بعد ذلك الفنانة (عافية حسن) والتي لم يكن هو مكتشفها الأول ولكنها قدمها للمستمع عبر أغنية (يا حنين) التي فازت بها في المركز الأول لبرنامج (نجوم الغد) ثم بعد ذلك أهداها أغنية (سيطرت علي) التي أحرزت بها المركز الثالث في مهرجان ميلاد الأغنيات وهي من كلمات الشاعر الكبير إسحق الحلنقي ومن قبلها (يا حنين) وهناك الأغنية الجميلة (بحسب ليك في الأيام) التي كتبها الشاعر عزمي أحمد خليل.
من الأسماء الجديدة كانت الفنانة أفراح عصام .. ومما لا شك فيه أن أغنية (مجنونة) قدمتها للناس .. ثم بعد ذلك أغنية (لا صوت لا صدى) للشاعر عبد العال السيد وأخيراً حكاية الدنيا للشاعر محمد يوسف موسى .. والملاحظة تبدو واضحة في أن أحمد المك اكتشف كل تلك الأصوات وعبر بها إلى عالم النجومية والشهرة.. وما لا يعنينا هنا جميعاً أنهم تنكّروا له ونسوا فضله عليهم.. وأوجه الظلم والتنكر تنوعت أشكالها.
المؤسف في الأمر أن تلك الأغنيات أصبحت في عداد النسيان مع أنها أغنيات جيدة وتستحق أن تردد باستمرار .. ولكن في ظل الوضع الراهن والعلاقات المشوهة أصبح من الصعوبة بمكان أن يتغنّوا بها .. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يترك أحمد المك هذه الأغاني تموت بهذا الشكل .. وشخصياً لو كنت مكانه لمنحتها لأصوات جديدة تستحقها .. ولعل أحمد المك قادر على أن يقدم للناس أصواتا جديدة ــ أقلو تكون وفية ــ.
حامدين بقادي .. (تاري ريحة الريد في الكلام تنشم)!!
كردفان الغرة مازال رحمها ولودا.. رغم ما يقوله البعض بأنها في الآونة الأخيرة لم تنجب عباقرة أمثال الدكتور عبد القادر سالم والفنان الجميل صديق عباس والبلبل عبد الرحمن عبد الله والفنان الأسطوري ابراهيم موسى وهو تحديداً كان فنانا كثيف الجمال باذخ الجملة اللحنية.. يصفه النقاد بأنه من أميز الذين جاءوا إلينا من كردفان الغرة ولكنه لم يأخذ حقه ومستحقه كمبدع معطون بالجمال حتى آخر ظفر من أظافره أو أعلى سبيبة في شعر رأسه.. يلحن الأغاني بمهارة عالية لا تتوافر لدى غيره.. فهو موهوب حتى النخاع.. ومفرداته الغنائية تؤشر على أنه يجيد اختيار الأشعار ذات التعابير البسيطة والجزلة.. وهو كذلك صاحب خيال متسع يحلق في الفضاء بلا قيود .. ومن يتمعن في أغنياته يجده ينحاز للحداثة اللحنية رغم بساطة ذات المفردة التي تخرج في حلة زاهية وباهية. وغيرهم من المبدعين الأصلاء أصحاب الإضافات الثرة في مسيرة الغناء.
الامتدادات الوسيمة والجميلة لكردفان بتقديري مازالت متواصلة .. فهي قدمت لنا الفنان الشاب حامدين بقادي .. صاحب الأسلوب الغنائي السلس .. فهو كفنان لم يبتعد كثيراً في التكوين الموسيقي عن بيئة كردفان الموسيقية ولكنه برغم ذلك صاحب بصمة غنائية خاصة تبرز شخصيته مؤدٍ رفيع المستوى وكملحن صاحب جملة موسيقية فيها الكثير من التطور .. ومن يستمع لأغنيات مثل (همبريب الشوق) ذات المفردة الممعنة في البساطة:
همبريب الشوق لي رسلتي .. والنجيم الفوق بي حدثتي..
ولد أمي الريدها في دمي.. وكت نكرتي غرام بالسنين عشتي
غزالي يا أم سيحان شوفي لي بلسم..
أنا رماني طريف فوق رميشاً سم
في الخريف أو صيف كان شفتها ما بنجم
تاري ريحة الردي في الكلام تنشم
بتلك المفردات المُمعنة في الجمال يغني حامدين بكل أناقة وجمال.. ومن يستمع إليه يلحظ بأنه صاحب نمط خاص وشخصية متفردة.. ولكنه رغم ذلك مازال بعيداً عن الوصول للناس بالقدر الذي يوازي القدرات التي يمتلكها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى