التحالف العربي الإسرائيلي.. رسائل موجهة أم مصالح مشتركة؟

 

الخرطوم: صلاح مختار    12 ابريل 2022م 

أرجعت صحيفة (هآرتس الاسرائيلية)، التضامن العربي مع روسيا بعد غزوها لأوكرانيا الى رغبة التحالف العربي الإسرائيلي الجديد بلعب دور أكثر فعالية في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية تجاه المنطقة. وقالت الصحيفة ان وزراء الخارجية العرب الذين زاروا روسيا مؤخراً أردوا أن يرسلوا رسالة واضحة تقول إن التحالف بينهم وبين واشنطن ليس تحالفاً اعمى رغم ان روسيا ليست حليفة استراتيجية, لكنها دولة عظمى ضرورية. واعتبرت الصحيفة التحالف بأنه سوط تهدد به الدول العربية واشنطن للتعامل بجدية مع مطالبها, وقالت إن التحالف الجديد استغل تداعيات الحرب الأوكرانية من أجل بناء كتلة إقليمية لها أهمية مستقلة وغير مرتبطة بالولايات المتحدة أو روسيا كتلة سيكون على الغرب وبالأساس أمريكا ان تحسب لها ألف حساب بشأن موقفها وقوتها الاقتصادية.

فهل التحالف العربي رسالة مُوجّهة لأمريكا أم رباط من المصالح المشتركة تجمع بين دولها؟

رغبة إسرائيلية

ونشرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية “كان” في 2 مارس 2021 تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، يشير فيها إلى رغبة إسرائيل في “إنشاء تحالف أمني إقليمي مع دول الخليج التي لها علاقات مع إسرائيل وتشاركها المخاوف بشأن إيران”(1). ومع أن غانتس قلَّل في نفس اليوم في حديث منفصل لوكالة “رويترز” من هذه التوقعات، إلا أنه أكد سعي تل أبيب لتطوير “ترتيب أمني خاص” مع حلفاء خليجيين جُدد يشتركون في نفس المخاوف تجاه إيران ومما منح هذه التصريحات زخمًا إضافيًّا أنها جاءت تتويجًا لمحادثات إسرائيلية أوسع في المنطقة وفي ظل توترات أمنية عالية ما بين إسرائيل وإيران تعكس التطورات الإسرائيلية الأخيرة تطوراً في نظرة إسرائيل الأمنية والسياسية تجاه المنطقة العربية وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول إذا ما كانت إسرائيل قد استبدلت بعقيدتها الأمنية التي تتعامل مع مُحيطها العربي كأعداء استراتيجية أمنية أكثر انفتاحًا على العالم العربي فهل تتّجه تل أبيب لبناء تحالفات دفاعية مع المنطقة العربية أم أن تحرُّكاتها لا تعدو كونها محاولة للتنسيق والتعاون الأمني مع الدول العربية وذلك لخدمة أهداف تل أبيب في مواجهة النفوذ الإيراني؟

قوى دفاعية

ربما تلك الفرضية صحيحة بحسب مراقبين للأحداث, فإن إسرائيل تعمل بجد في بناء قوى دفاعية ناعمة من خلال تطوير علاقاتها الدبلوماسية وانفتاحها الإقليمي والدولي, وبالتالي تكتسب محاولات إيجاد موطئ قدم في السودان أهمية استراتيجية قصوى ورغم أن ملفات العلاقة بين الخرطوم وتل ابيب لم تتجاوز المربع الأمني كما قال رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان, إلا أن التنسيق الكبير فيما بينهما يشكلان مرحلة متقدمة في بناء تلك العلاقة مُستقبلاً.

 

غطاء عريض

ويرى المحلل السياسي والقانوني ابراهيم محمد آدم ان اسرائيل تبحث عن غطاء عريض يحميها مستقبلاً من اي اعتداء, وقال لـ(الصيحة) لا يمكن الحديث هنا عن حرب اكتوبر واللاءات الثلاثة التي تقصي اسرائيل عن كل شيء, وإنما إسرائيل تبحث عن بوليصة تأمين من الدول العربية وخاصة الخليجية والسودان اذا كانت تنظر الى الخرطوم بأهميته الجيوسياسية. ولذلك نشهد ان اسرائيل عكس أمريكا لم تنظر الى قضايا التحول الديقراطي والتغيير في السودان, مثلما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية وانما كانت تبحث عن مصالحها مع الطرف الأقوى والذي يمكن أن يؤتمن عليه في المستقبل, وبالتالي من الصعوبة أن تتجاوز تلك الفرضيات في توسيع العلاقة الأفقية والرأسية بين تل أبيب والدول الأخرى لتصبح تحالفا.

 

قضايا أمنية

وكانت إذاعة البث الإسرائيلي، قد أعلنت عن عودة وفد أمني إسرائيلي عالي المُستوى من الخرطوم، بعد زيارة رسمية استغرقت عدة أيام ولم تفصح الإذاعة عن أسماء قادة الوفد الإسرائيلي, وشددت على أن الزيارة التي تمت الأسبوع الماضي، اقتصرت على مناقشة القضايا الأمنية والعسكرية, والتقت البعثة بقادة بارزين في صُفُوف النظام الحاكم، بمن فيهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وتُعد الزيارة الثالثة من نوعها لوفد إسرائيلي للخرطوم منذ إبرام اتفاق سلام بين البلدين في أكتوبر 2020, وسبق أن أعلن رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عن توقيف خلايا إرهابية بالتعاون مع الأجهزة الإسرائيلية, ويمضي البرهان في تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل بقوة مستفيداً من الأجواء المُضطربة وغير مُوحّدة بين القوى السياسية تجاه الملف الإسرائيلي, وكان من المقرر أن يبت المجلس التشريعي الانتقالي في مسألة التطبيع مع إسرائيل من عدمه, ولكن في ظل غيابه يشرع المجلس السيادي وحده في اتجاه تطبيع العلاقة بين تل أبيب والخرطوم.

 

كلمة السر

العرب لا يمكنهم تنظيم تحالف مع اسرائيل بمعزل عن امريكا الا اذا كان على سبيل التهويش او التضليل او الضغط على امريكا لتمرير اجندة معينة أو مصلحة متفقة عليها, ولكن سرعان ما تعود تلك العلاقة الى طبيعتها تلك كانت وجهة نظر لحديث الخبير الامني محمد احمد عثمان لـ(الصيحة)  حيث قال: حينما ذهب السودان الى روسيا أراد البحث عن إعادة توازن للعلاقة مع امريكا ويريد كذلك أن يوضح انه ضد سياسة المحاور, وبالتالي الخطوة تعني أنه لا تربطه عقود إذعان مع امريكا وان علاقته الخارجية غير مرهونة مع اي اتجاه إقليمي أو دولي, ولذلك يضع علاقته مع إسرائيل في اتجاه ومع روسيا في اتجاه آخر, وأضاف قائلاً: إن الحديث عن تحالف ليس بالضرورة أن يكون موجهاً نحو إيران وإنما قد يكون لبناء تحالف من أجل المصالح المشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى