شاكر رابح يكتب : 6 ابريل انتفاضةٌ أم انقلابٌ؟

9 ابريل 2022م 

استمرار عملية الحشد والحشد المُضاد بين القوى الثورية المدنية من جهة، والجيش من جهة أخرى، يعني انسداد الأفق السياسي، الحشود الجماهيرية التي خرجت أمس وُصفت بأنها ضعيفة ومحدودة شاركت في مليونية 6 أبريل والتي تُنادي بمُناهضة “الانقلاب” وتسليم السلطة للمدنيين وتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة.

ونحن نستلهم في هذه العجالة الدروس والعبر من انتفاضة 6 أبريل 1985 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق جعفر نميري، هناك مغالطات تاريخية عن الأسباب الرئيسية لاندلاع الانتفاضة، وقد انقسم المتابعون لفريقين، فريق يرى أن الدواعي والأسباب للانتفاضة ارتفاع أسعار المواد التموينية وغلاء أسعار الوقود، ويقال إن “جياع المدن” هم من أشعلوا فتيل الثورة، وفريق آخر يرى أن الأسباب سياسية بحتة لقيام النظام بالتنكيل والتضييق على المُعارضين بعد محاولة الانقلاب الفاشل للحزب الشيوعي، والأسباب التي ساقها الفريقان لعبت دوراً في ازدياد السخط الشعبي على النظام، وأعتقد العامل الخارجي كان حاضراً بقوة خاصة بعد الخطوة المُفاجئة التي اتخذها النميري في العام 1983 وإعلان السودان دولة إسلامية، شمل ذلك كافة الإقليم بما في ذلك الإقليم الجنوبي ذي الأغلبية المسيحية المتمتع بالحكم الذاتي وفقا لاتفاقية أديس أبابا للسلام، بعد ذلك تطوّرت وتفاقمت الأوضاع حتى اندلاع الحرب الأهلية الثانية في العام 1983، وكذلك قد شهد عهد نميري عدداً من المحاولات الانقلابية، أبرزها حركة حسن حسين 1975 وحركة محمد نور سعد 1977م.

أعتقد ولا أشك في ذلك، إنّ الانتفاضة كانت انقلاباً عسكرياً مُكتمل الأركان بقيادة مجموعة من الضباط بقيادة وزير الدفاع عبد الرحمن سوار الدهب، ولا أدل على ذلك ما ورد في البيان الذي أُذيع على راديو هنا أم درمان (إن الجيش سيطر على البلاد بسبب تدهور الأوضاع والأزمة السياسية التي تزداد سوءاً بشكل مستمر)، كذلك أشار وزير الدفاع والقائد العام إلى أن الاستيلاء على السلطة اُتخذ بإجماع القيادات الأمنية والعسكرية وقيادات الأفرع والوحدات، وقال (تأكّد للجميع بأنّ الرئيس نميري لا يملك جماهير تدعمه مع تزايد السخط واستمرار الاحتجاجات منذ مطلع مارس وحتى ابريل)، وقد علق العمل بالدستور وحل الحزب الأوحد الاتحاد الاشتراكي وإعلان حالة الطوارئ المؤقتة، وأكد في ذات البيان بأنّ الجيش سيطر على السلطة وسوف يعيدها في غضون ستة أشهر للشعب السوداني.

نظام مايو مصنف من أقوى الأنظمة في المنطقتين العربية والأفريقية، أن يرحل في فترة زمنية محدودة وبهذه السرعة كان محل استغراب وحيرة لدى المراقبين.

في تقديري، ما حصل في أبريل سمِّه بما شئت انقلاباً أم انتفاضة، إلا أن أحداثا سياسية متراكمة منذ العام 1982 كان لها الأثر في إضعاف النظام وتغيير الصورة الذهنية لدى المواطنين وعلى سبيل المثال لا الحصر إضراب القضاء والمُحامين ونقابة عمال السكك الحديدية ونقابة المهن الصحية.

ما أشبه الليلة بالبارحة، بعد إذاعة البيان الذي أطاح بالرئيس نميري، خرج الآلاف من المُواطنين إلى الشوارع وعمّت الفوضى والمظاهرات أرجاء العاصمة القومية، وتم تحطيم صور النميري في المحلات العامة ودواوين الدولة، أوجه اختلاف كثيرة بين انقلاب سوار الدهب وانحياز اللجنة الأمنية لنظام “البشير” للجماهير المُعتصمين أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، انحياز اللجنة الأمنية وتفاوضهم مع أحزاب محددة عقّد المشهد بكلياته، مما كان له الأثر السالب في انهيار الاقتصاد وانفلات الأمن وطويل أمد الفترة الانتقالية وأعطاب الوثيقة الدستورية.

 

الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى