وثيقة دستورية جديدة.. هل ستعبر أم تعيد إنتاج الأزمة؟!

 

الخرطوم: وفاق التجاني    19مارس2022م 

يترقّب الشارع السوداني بنهم، تطورات المشهد السياسي، في وقت تبذل فيه دوائر سياسية، جهوداً حثيثة لإزالة الاحتقان السياسي الذي تعاني منه البلاد. وفي ذات الإطار طرحت القوى السياسية عددا من المبادرات لتجسير هوة الخلاف بين المكونين المدني والعسكري، والتي لم تقدر لها الحياة على أرض الواقع.

وأرجع عدد من المهتمين بالشأن السياسي بالبلاد، فشل المبادرات الوطنية والمبادرات التي تسعى لحل المشكل السوداني، أرجعوا فشلها لعدم  التوافق الوطني وغياب الثقة بين المكونات السياسية، الآن تناولت تقارير صحفية أخباراً مفادها طرح وثيقة دستورية جديدة في الساحة السياسية.

وكشف الناطق الرسمي للحزب الشيوعي فتحي فضل، عن بدء قوى سياسية في خطوات عملية للاتفاق حول وثيقة دستورية جديدة لإنقاذ البلاد وإعادة الثورة إلى مسارها الطبيعي، وقال فضل خلال حديث صحفي إن الوثيقة الجديدة لا تضم وجوداً للمكون العسكري وبقايا النظام السابق، والذين ساهموا معه في ضياع ثلاث سنوات من عمر الثورة، وأضاف لا يمكن العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر خاصة مبادرة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، سيما وأنهما يرتكزان على الوثيقة التي أصبحت ليست التي تم التوقيع عليها في العام 2019.

غير قاطع

بينما أكد رئيس حزب الأمة، انه لا يوجد حديث قاطع بشأن الوثيقة الدستورية، وما زالت الآراء مختلفة لدى القوى السياسية المدنية ومُتضاربة حول وثيقة دستورية جديدة أو وثيقة دستورية معدلة، وأردف: “نحن في حزب الأمة تحدثنا كثيراً عن الثغرات في الوثيقة الدستورية القديمة، والتي تسببت بحدوث اختراقات عديدة لها”. لكن ما منعنا من معارضتها هو حرصنا على مكتسبات الثورة السودانية وعلى اتفاقية السلام والحفاظ على اتزان المشهد السياسي، وأكد أن المشاورات ما زالت جارية بشأن تحديد الخيار الأفضل وسيكون ذلك حسب الأولويات التي تقتضيها المرحلة.

وسيلة تحول

فيما أشار القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل جعفر حسن أن الحزب الديمقراطي يتفق مع أي طرح أو مبدأ ينادي بخروج المكون العسكري من المشهد السياسي، وقال في تصريحات لـ(الصيحة): “نحن نتفق مع أي طرح ينأى بالمؤسسة العسكرية من العمل السياسي”، وتابع: إن الوثائق عموماً تعتبر وسيلة للتحول المدني الديمقراطي، ونحن نتفق مع أي عمل يحقق شعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة، مشيراً انه المبادرة التي تم طرحها غير مكتملة الملامح، الشيء الذي يزيد من صعوبة تقييمها ومعرفة نقاط الضعف والقوة فيها.

الفرضية الغائبة

فيما أكد أمين الإعلام بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين أن المبادرات السياسية المدنية كلها تتفق في إبعاد المكون العسكري من العمل السياسي، وقال في حديث لـ(الصيحة): “أعتقد أن هذا الطرح تشترك فيه جميع المبادرات المطروحة في الساحة السياسية، ولا أجد مطلباً توافق عليه السودانيون كما توافق على عودة المؤسسة العسكرية لدورها الطبيعي كإحدى مؤسسات الدولة لا شريكة في الحكم أو طرف في العملية السياسية”. مُشدِّداً على ضرورة أن تتحد القوى السياسية وتنضوي تحت لافتة تُنادي بمطالبها المتفق عليها لضمان نجاح هذه المبادرة او غيرها”. مشيراً إلى ضرورة إتمام الفرضية الغائبة منذ الانقلاب وهي وحدة قوى الثورة والتي عبرها يستطيع المدنيون فرض أجندة للمستقبل لا تعنى فقط بموضوعة المنظومة العسكرية في نظام الحكم، بل تتعداها إلى كافة قضايا الانتقال.

قوى ترفض

وواجهت الوثيقة الدستورية السابقة، اختراقات عديدة وتعديلات عديدة، وانتقادات أيضاً، فقد وجه لها الحزب الشيوعي مسبقاً انتقادات وعارض مضمون الوثيقة الدستورية، التي تم التوافق عليها بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. واعتبر الحزب أنّ مضمون الوثيقة “لا يُساعد في قيام حكم مدني ديمقراطي”، في حين أوضحت اللجنة المركزية للحزب أنّ “الاتفاق كرّس هيمنة العسكر عن طريق وجود خمسة عسكريين في مجلس السيادة، واستحواذهم على أول 21 شهرًا من الفترة الانتقالية”.

وكذلك رفضتها فصائل من قوى الكفاح المسلح المنضوية تحت لواء الحركة الشعبية وجيش تحرير السودان جناح عبد الواحد، وانتقدوا فيها   الصيغة الحالية لوثيقة الإعلان الدستوري المُوقّعة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.

تعليق العمل

وكان رئيس المجلس السيادي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان أعلن في بيان رسمي في وقت سابق “تعليق العمل بالمواد 11 و12 و15 و16 و24-3 و71 و72 من الوثيقة الدستورية مع الالتزام التام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت خلال فترة الحكومة الانتقالية”. وتتعلّق المادتان 11 و12 بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي واختصاصاته وسلطاته والمادتان 15 و16 بتكوين مجلس الوزراء الانتقالي واختصاصاته وسلطاته. أما المادة 24-3 فتتعلّق بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي وتقول تحديداً بأنه يتكوّن بنسبة 67% ممن تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير و33% للقوى الأخرى غير المُوقّعة على الإعلان. أما المادة 71 فتنص على أن الوثيقة الدستورية استمدت أحكامها من الاتفاق السياسي لهياكل الحكم في الفترة الانتقالية المُوقّع بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، وفي حالة تعارض أيٍّ من أحكامهما تسود أحكام هذه الوثيقة. والمادة 72 تقول إنّ المجلس العسكري الانتقالي يحل بأداء القسم الدستوري من قبل أعضاء مجلس السيادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى