ائتلاف جديد لقوى (التغيير).. هل يجسر الأزمة السياسية؟

 

الخرطوم- وفاق التجاني    11فبراير2022م 

حالة من الترقب تسود المشهد السياسي بعد الأنباء المتداولة عن  ائتلاف جديد لقوى الحرية والتغيير من أهم برامجه جمع القوى المعارضة تحت لواء واحد، وشهدت قوى الحرية والتغيير منذ تكوينها عددا من الانشقاقات، التي أثرت بشكل مباشر على الوضع السياسي  وإسقاطاته على معاش الناس.  وتتكون قوى الحرية والتغيير من عدد من الأجسام والمكونات السياسية تشكّلت بعد سقوط النظام البائد، وانضمت له الجبهة الثورية بعد توقيع السلام، إلا أن المحرك الأساسي للشارع السوداني وهم لجان المقاومة  والأجسام المطلبية  ظلوا خارج هذا التشكيل، كما أن هناك محاولات حثيثة بإضافتهم  مؤخراً، وهو الهدف الأساسي  للإعلان الجديد لقوى الحرية والتغيير.

خطوات واضحة

وعلى الرغم من ان التشكيل الجديد المزمع الإفصاح عنه في القريب العاجل، لا توجد خطوات واضحة ومواعيد محددة لتشكيله، إلا أنّ كثيراً من القوى السياسية تراهن عليه في حل المشكل السياسي، وإزالة الاحتقان الذي استمر أكثر من شهرين. وعلى النقيض تماما هناك كيانات سياسية وخبراء سياسيون لا يثقون كثيرا في المواثيق السودانية مهما كانت مسمياتها ولا يترقبون تغييراً واضحاً في جذور الأزمة السودانية بالإفصاح عن تشكيل جديد لقوى الحرية والتغيير.

يذكر أن قوى الائتلاف الجديد لتوحيد قوى الحرية والتغيير المنشق عن الجسم الرئيسي – الائتلاف الحاكم بالسودان – اهتم بمعالجة الشروخ التي يعاني منها التحالف واسع الطيف. لكنه، وبحسب معارضين، سيؤدي لانقسامات كبيرة في بعض المكونات. ورغم أن الإعلان السياسي وقّع  في قاعة الصداقة من قبل 43 تنظيماً. في المقابل، فإنّ ثمة فصيلاً مُناهضاً للإعلان تضم قائمته 21 كيانا. إذ ما زال الحزب الشيوعي السوداني يفرز موقفاً بعيداً عن جناحي الحرية والتغيير بعد أن أعلن انسحابه من الائتلاف الحاكم والحكومة، واختار المعارضة. أعلنت القِوى المنشقة عن “ائتلاف قِوى الحرية والتغيير” في السودان، السبت، عن ميثاق جديد، تضمن جملة من الأهداف، وسط انتقادات من “تجمع المهنيين”.

القِوى المنشقة

أحزاب وحركات سودانية تنشق عن قِوى الحرية والتغيير وتوقع ميثاقاً جديداً, وتمثلت أهداف القوى المنشقة في الميثاق الذي تم إعلانه أخيراً، العمل على دولة عادلة بنظام فدرالي والتمسك بالحكم المدني وضمان وحدة وأمن السودان، وكمال عملية السلام, ودعوة باقي الحركات المسلحة للانخراط بالعملية السلمية, واهتمام بالمهمشين وتحقيق العدالة الاجتماعية, ومشاركة الشباب والمرأة في مؤسسات الدولة وعودة النازحين ومعالجه أوضاعهم وإكمال مؤسسات الدولة والتأكيد على إزالة التمكين وفق القانون. وقالت الأطراف المشاركة في صياغة الميثاق الأخير، إنه من المُقرّر أن يتم التوقيع عليه بعد 14 يوماً، مشيرين إلى أنه مفتوحٌ لكل القِوى السياسية، ما عدا حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم سابقاً في عهد عمر البشير.

من جانبه، انتقد القيادي في “تجمُّع المهنيين”، ناجي الأصم، هذه الخطوة ووصف توقيع هذا الميثاق بأنّه مُحاولة تشويش بائسة، ومُحاولة هروب من التعهدات والالتزامات المنصوص عليها بالوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا.

وفي خضم كل تلك التحالفات من المتوقع إعلان سياسي جديد يظهر الى العلن يختلف عن الاعلانين المذكورين تنضوي تحته كافة القوى المعارضة، حيث تباينت الآراء حول مستقبله.

إرادة سياسية

ويرى المحلل السياسي عبده مختار في حديثه لـ(الصيحة) ان القضية الآن تخطت الميثاق او الإعلان السياسي، وأشار الى ان القضية الآن قضية إرادة سياسية, واكد أن القوى السياسية الحالية كلها لا تملك إرادة سياسية، وانما هي تسعى دائماً لأهدافها الخاصة. مؤكداً عدم إمكانية نجاح كل هذه المبادرات في ظل وجود هذا التبايُن في وجهات النظر والتخوين، مُستبعداً أن يستطيع التحالف الجديد لم شمل القوى السياسية، وقال إن الوضع الراهن يستدعي الجميع الإخلاص في العمل وتوحيد الأهداف, أولاً ومن ثم النظر في تكوين مواثيق، وأشار الى أن القوى السياسية لا تتمسّك بمثل هذه المواثيق ويمكن أن تتخطاها أو  اختراقها لأنها ليست مُقدّسة بالنسبة لهم.

وحدة القوى

أما المحلل السياسي كباشي إبراهيم أشار لضرورة أن تتوحّد القوى السياسية في جسم واحد بدلاً من تشرذمها ضد بعضها البعض، موضحاً الانقسامات التي ضربت قوى الحرية والتغيير وقوى الكفاح المسلح، وتعنُّت بعض القوى السياسية للانخراط في نقاش او في حوار مما يزيد من تأزُّم الوضع وخلق مشاكل سياسية أخرى إضافةً للتي حدثت بالفعل، وقال على الرغم من هوة الاختلاف في الآراء بين حزب الأمة وقوى الحرية والتغيير، إلا أن الحزب وعبر نائب رئيسه الفريق صديق اسماعيل أكد في تصريحات لـ”الصيحة” أن حزب الأمة جزءٌ من هذه المبادرة، لكنه عاد وقال إنّ هذا الجسم الجديد لا وجود له على أرض الواقع وكل ما يدور من أحداث هو عبارة عن مبادرات وأفكار، وعبّر صديق عن رأيه الشخصي في هذه الأنباء، وقال إن هذه الأحاديث فضفاضة ولا مؤشرات لتكوينها على أرض الواقع حالياً.

أخطاءٌ لا تتكرر

ولفت المحلل السياسي عبد الباسط الحاج الى الأخطاء التاريخية التي تقع فيها تحالفات الأحزاب السياسية والجبهة الثورية على مر التاريخ منذ الاستقلال، وأشار لفشل كل التجارب السياسية، والتي لا تصل لمبتغاها وهدفها بسبب الخلافات الداخلية، مما يدعو لحدوث انشقاق في التحالف، وأشار الى أن قوى الحرية والتغيير بدأت مُتناسقة مع تجمع المهنيين، لكن سرعان ما حدث الخلاف السياسي في الكيان، مما أدى لانشقاقات، وأردف: إن كل القوى السياسية تنادي بانتقال ديمقراطي وحكم مدني لكنه يختلف في المسائل السياسية الداخلية، وتابع: “تحالف الحرية والتغيير قد تُشكّل وفق نظام الكيانات أساسا حزبيا وتنظيما منفردا، وأشار أن الخطأ الثاني ان قوى  الحرية والتغيير لم تلتزم بمسارات الانتقال بشكل كامل ولم تُوضِّح خُطتها في الانتقال في أنه كان انتقالاً مع المؤسسة العسكرية أو بدونها، ولم تضع خُطة واضحة ولم تمتلك القوى السياسية داخلها إجابة واضحة لهذا السؤال. ودعا كافة القوى قبل الانخراط في تحالفات توضيح الآلية التي ستتبناها لتحقيق أهدافها، كما أن على القوى السياسية تحديد أجندة للانتقال هل هي بمعية  المكون عسكري ام هو حديث على ورق؟، ولفت لوجود أخطاء وقعت فيها قوى الحرية والتغيير بأنها لم تتمسّك بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، وإعادة تشكيل هياكل الانتقال كان في الجهاز التنفيذي وهو مُعيقٌ للديمقراطية، ونصح كل القوى السياسية التي تدعم الانتقال أن تنخرط في تكوين أجندة مشروع وطني عريض لبناء دولة وطنية تمضي لتحقيق كل الأهداف من عودة للنازحين وحل قضايا السلام والمُشكلة الاقتصادية وكيفية جعل المؤسسة العسكرية طرفا مُحايدا، للمُحافظة على الوحدة الوطنية، إلى حين الوصول لانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى