صلاح  الدين عووضة يكتب : حاءات!!

19مارس2022م 

وهي ثلاث..

حقد… حسد… حنفشة..

بمثلما قحت هي اختصار لكلماتٍ ثلاث..

وكذلك كثيرٌ من الكيانات – أياً كانت طبيعتها – تميل إلى اختزالٍ مشابه..

والمواقف أيضاً؛ كاللاءات الثلاث..

والحاءات هذه تمثل الشخصية السودانية في أسمى تجليات فشلها..

وإلى ذلك أشار المستعمر قديماً..

قال أحد الإنجليز هؤلاء: أخطر عدو للسودانيين هم السودانيون أنفسهم..

وذلك في إشارة لفشلنا المحتوم عقب الجلاء..

وبالفعل فشلنا ولم ننجح؛ منذ خروج المستعمر هذا ونحن نفشل..

ولا نتقلب إلا على وسائد الفشل..

ولا ننتقل من فشل إلا إلى مثله؛ أو أسوأ..

والصفات ذات الحاءات الثلاث هذه كان قد تحدث عنها عبد الله الطيب..

ونسبها إلى بعض قبائل العرب..

وهي – في مفارقة غريبة – التي هاجر معظمها إلى بلادنا؛ واستقر بها..

وزميل دراسة كان صديقاً حميماً لي..

وحين نتلاقى صباحاً يأبى إلا أن يُصافحني بالأحضان..

وذات يومٍ تم اختياره (ألفة) للفصل..

وصباح اليوم التالي أتيت نحوه لأصافحه كما في سابق الأيام..

فإذا به يدفعني بيمناه بعيداً..

ثم يقول بصرامة مصطنعة (من هنا وماشي احترم نفسك)..

فقد انتفش… وتحنفش..

وسياسي معارض للإنقاذ كان صديقاً لي؛ وعلى تواصلٍ دائم معي..

وكان ينشر عبري مواقفه المناوئة تلك..

وذات مساء فوجئت باختياره وزيراً ضمن تشكيل وزاري جديد..

أراد النظام إسكاته؛ فسكت..

سكت عنها؛ ولكنه سكت عني أنا أيضاً… وسكتت مهاتفاته لي..

وحين هاتفته يوماً – لإفادة تخص صحيفتنا – لم يرد..

ولكنه بادر إلى مهاتفتي يوم إقالته..

بادر هو من تلقاء نفسه… واتصل بإلحاح… فلم أرد..

فقد انكمش فجأة..

بعد أن كان انتفش… وتحنفش؛ فجأة..

وصديق حي – أيام الشباب – التحق بكلية الشرطة..

ويوم تخرجه احتفلنا معه… وابتهجنا… وفرحنا… وباركنا له النجمة..

فإذا بتعامله معنا يتبدل… بل وحتى سلامه..

فقد انتفش… وتحنفش..

ومقابل كل حالات الحنفشة – والنفشة – هذه كانت هنالك حالات حقد وحسد..

يحسدون المنتفشين – المتحنفشين – هؤلاء..

ويتمنون زوال مسببات انتفاشتهم هذه بأعجل ما يمكن كيلا يموتون غيظاً..

وما أتعسها من سعادة تُبنى على تعاسة الآخرين..

وحين اعتلت (قحت) السلطة – على حين غفلة – انتفش رموزها وتحنفشوا..

وضربوا أسوأ مثل لهاتين الظاهرتين..

وبلغ بهم الحال أن بعض زملائنا الصحفيين تحنفشوا حتى علينا نحن..

وأعني ممن نالوا نصيباً من سلطة الغفلة هذه..

حتى علينا نحن زملاء المهنة… وجلساء (حليوة)… ومشائي أزقة الصحف..

واستعصت علينا هواتفهم..

فقد تحنفشوا… وانتفشوا… وانتشوا..

ثم عادت هواتفهم إلى الخدمة – فيما يلينا – فور أن انكمشوا..

وقديماً خشي علينا المستعمر من أنفسنا..

من حاءاتنا الثلاث..

من غلنا… وحقدنا… وحسدنا… وغِيرتنا؛ تجاه بعضنا البعض..

فضلاً عن النفشة… والحنفشة..

وجارنا الشرطي ذاك ذكرته يوماً – وقد طُمست نجومه – بانتفاشته تلك..

قلت له متسائلاً: فيمَ كان تعاليك ذاك؟..

فأجاب باسماً: تملكني شعور بأن نجمتي الوحيدة – آنذاك – من نجوم السماء..

أو في السماء نجوم؛ وفي الأرض نجمتي..

هل يحتاج كلام المستعمر – وعبد الله الطيب – إلى دليل؟..

انظروا إلى حالنا إذن..

ثم انظروا إلى الثلاثية التي أقعدت بنا من لدن الاستقلال وإلى يومنا هذا..

الحاءات!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى