تخريب حقول البترول.. مطالب عادلة بلغة العنف!!

 

 

الخرطوم: الطيب محمد خير       15مار س2022م 

تجدّدت عمليات التخريب بحقل بليلة للمرة الثالثة في أقل من شهر، حيث تم تخريب ثمانية آبار بحقل الفولة وخروجها عن الخدمة.

وقال تجمع العاملين بقطاع النفط في بيان له، إن الهجوم الذي شنه مسلحون جعل الأوضاع في مواقع الإنتاج غير آمنة لبقاء العمال بسبب السيولة الأمنية الكبيرة، وفقدان قوات الأمن سيطرتها على الوضع، وهدّد تجمُّع العاملين بإخلاء للعاملين حال استمرار الانفلات الأمني، متهماً وزارة الطاقة والنفط أنها ترفض الإعلان رسمياً عن الوضع المقلق بحقول النفط، لانشغالها بإعادة عناصر النظام السابق وفصل ثوار القطاع.

ويُعد هذا الهجوم هو الثالث على حقل بليلة من ذات المجموعة المسلحة،  حيث سبقه هجومان في شهر فبراير الماضي احتجاجاً على عدم تنفيذ شركات البترول وعودها بتقديم خدمات صحية ومياه شرب تحت بند المسؤولية المجتمعية، فضلاً عن استيعاب أبناء هذه المناطق في وظائف شركات النفط.

ويرى القيادة بالمنطقة (غرب كردفان) د. محمد عبد الله ود أبوك أن الاحداث المتكررة في مناطق البترول تمثل احتجاجات مطلبية لأجل الإيفاء بوعود متراكمة ظلت معلقة منذ اكتشاف البترول في المنطقة، وقال لكن ما نخشاه ان تتطوّر هذه الاحتجاجات لأساليب أخرى، رغم أن هذه الاحتجاجات تهدف لتحقيق مطالب عادلة معترف بها من قبل الدولة التي عليها الاستجابة لهذه المطالب قبل أن تنزلق الأمور، مضيفاً ان هناك تعهدات ووعودا من قبل وزارة النفط للأهالي وعليها ان تستجيب وتسارع للإيفاء بها.

وأضاف ود أبوك: رغم أن نعمة البترول انعكست على كثير من مناطق السودان البعيدة خيراً ونماءً، إلا أن أثر هذه الثروة غائب تماماً في اوجه مظاهر التنمية في منطقة الإنتاج، إذ لا وجود  للخدمات الكثيرة التي غطت بقاعا واسعة من السودان، فلا طريق معبد في المنطقة ولا خدمات تعليم ولا صحة ولا كهرباء، بل لم يتم استيعاب شباب المنطقة حتى على مستوى العمالة التي لا تحتاج لمهارة، وأضاف: بناءً على ذلك، يجب على الدولة ممثلة في وزارة النفط أن تُسارع لمعالجة مثل هذه القضايا المطلبية والإيفاء بالعهود التي قطعتها والذي من شأنه العمل على التهدئة.

من جانبه، قال وزير النفط السابق المهندس عادل علي ابراهيم، ان ازمة حقول النفط، العامل الرئيسي فيها غياب هيبة الدولة في مقابل قضايا مطلبية تاريخية خاصة بأهل المنطقة، ما دفع هؤلاء الأهالي للجوء لهذه الوسيلة، وقال لـ(الصيحة) هذه المطالب أصبحت معلقة قبل الثورة وتجددت الوعود فيها حتى من حكومة الثورة التي وعدتهم، لكن حكومتي ما بعد الثورة الأولى والثانية فشلتا لعدم استقرارهما، مضيفاً ان قضية مناطق البترول أولى المشكلات التي واجهته في بداية قدومه للوزارة وكانت سلمية بوقفات احتجاجية، وحضرت وفود للوزارة، وأُسند الملف لوكيل الوزارة وتمت العديد من الاجتماعات، وأضاف من المعالجات التي قمنا بها كوّنا لجنة ممثلا فيها كل القرى الموجودة في مناطق الحقول.

وأضاف مهندس عادل أن من أبرز مطالب هؤلاء الأهالي كانت إيجاد فرص عمل لأبناء المنطقة في الشركات، لأنهم لم يجدوا فرص عمل متساوية مع بقية القادمين من خارج المنطقة، وكان هناك شُعُورٌ بالظلم والغبن بأن هذه الثروة منتجة في مناطقهم وهم غير مستفيدين منها ، وأشار مهندس عادل الى انه طوال فترة العشرين عاماً التي أعقبت استغلال البترول وحتى سقوط العهد البائد كان الاشراف على خدمة المسؤولية المجتمعية تحت الإشراف المباشر لمدير الأمن في الشركات الذي يتبع لما يُعرف بأمن البترول، فهذا المدير الأمني مسؤولٌ عن ميزانية التنمية الاجتماعية، في وقت كانت الميزانية المرصودة سنوياً لهذه الخدمة لا تقل عن مليار ونصف دولار سنوياً تدفعها كل شركة بغرض التنمية، وفي فترة النظام البائد كان المستفيد منها النظار والعمد والشيوخ، وكانت استفادة المجتمع المحلي منها ضئيلة ممثلة في بعض المدارس ونقاط الغيار والشفخانات.

وعن المُعالجات التي وضعها إبان وجوده في الوزارة، قال مهندس عادل لم يكن هناك استقرارٌ في الحكومة خلال الفترة التي توليت فيها الوزارة، وأضاف رغم ذلك شرعنا في الحلول التي بدأناها بنزع الإشراف على خدمة المسؤولية المجتمعية من مسؤولي الامن في الشركات وأسندناها لنائب مدير الشركة الذي هو سوداني، لأن المسؤولين الأمنيين في العهد البائد كانوا يوزعون هذه الخدمة حسب معاييرهم السياسية والأمنية هذا سبب الخلل، هل يُعقل أن المجلد عاصمة البترول السوداني ليست بها محطة كهرباء وشارع أسفلت يربطها ببقية المناطق؟ نحن وجّهنا بإقامة محطة كهرباء وشارع الأسفلت ، وايضاً وضعنا تصوراً لإعادة النظر في طريقة توفير فرص توظيف أبناء المنطقة بإقامة مشروعات تنمية وتشغيل في المنطقة بدلاً من الطريقة التي كان يتبعها جهاز أمن البترول في توظيف هؤلاء الشباب كعمال موسميين دون أي مهام أو عمل، وهذه الطريقة رأينا أنها كانت تنمي العطالة المقنعة وسط شباب المنطقة لأنه يتقاضى راتباً دون عمل.

وأشار مهندس عادل إلى أن الأهالي كانوا سلميين في المطالبة عبر الوفود الزائرة للوزارة، وذكر أن الاحتجاجات تصاعدت وتحوّلت لهذا المشهد العنيف بسبب الغُبن المُتراكم بسبب المطالب المعلقة والمشكلات التي لم تجد طريقها للحل، بجانب الأثر البيئي في المنطقة الذي يجب التحقق منه.

وشدد مهندس عادل، على ضرورة أن تسارع الدولة في وضع المعالجات بمخاطبة جذور المشكلة خاصةً في القرى الموجودة داخل حقول البترول بإيجاد صيغة معالجة منصفة ومُغرية لإرضاء الأهالي وتلبية احتياجاتهم الخدمية خَاصّةً شريحة الشباب بخلق فرص تنمية حقيقة بإقامة مشاريع إنتاجية، خَاصّةً في مجال الزراعة في شقها الحيواني والبستاني، أما الطريقة العقيمة التي كانت مُتّبعة بتوظيف موسمي فيجب أن تُستبدل بصيغة استيعاب لهذه العمالة بطريقة علمية ومُبتكرة، تضع التنمية في الأولويات وتُموّل من الشركات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى