الجنوب الجديد.. القنبلة الموقوتة

 

تقرير: صلاح مختار     10مارس2022م 

أعلن نائب رئيس المجلس السيادي الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي), اهتمامه بتنمية وتطوير منطقة أبيي وتوفير الخدمات الأساسية فيها, وحث دقلو لدى لقائه رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيي اللواء محمد كوكو, مواطني المنطقة وخاصّةً قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك على ضرورة التعايش السلمي فيما بينهما, وان يتقبل كل منهما الآخر دعماً لاستقرار المنطقة, واوضح كوكو انه اطلع نائب رئيس المجلس على مجمل الاوضاع الامنية, الى جانب الوضع السياسي والمحاور التفاوضية الخاصة بأبيي والمسائل الإدارية المتصلة بالتنمية والخدمات, كما تطرّق اللقاء إلى كيفية دعم وتنفيذ الميزانية الخاصّة بالمنطقة.

هجومٌ قاتلٌ

في شهر فبراير الماضي, لقي (9) أشخاص من قبيلة المسيرية مصرعهم، بينما جُرح (7) آخرون في اشتباكات مسلحة بمنطقة الشقاقة بالقرب من مدينة أبيي بين رعاة ومسلحين يُرجّح انتماؤهم للحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. وقال أحد الرعاة، يدعى دقيس فضل، إنّ هجوماً وقع على عددٍ من العاملين في استخراج عسل النحل في إحدى الغابات، ما أدى إلى مقتل أربعة وإصابة اثنين. وأضاف بحسب دارفور24: على إثر أصوات إطلاق النار أسرع الأهالي إلى موقع الهجوم، فوجدوا أربعة قتلى واثنين مصابين من عمال العسل ومن ثم تتبعوا أثر المهاجمين، وبعد عدة كيلو مترات وقع اشتباك ثانٍ خلّف 5 قتلى من المسيرية وجرح 5 آخرين من الأهالي.

بوادر اشتباكات

وذكر دقيس أنّ جثث قتلى المسيرية ما زالت بأيدي المهاجمين، في وقت يستعد ذووها لإجلائهم، الأمر الذي يتوقع ان يسفر عن اشتباكات جديدة. واتّهم دقيس, الحركة الشعبية شمال قيادة عبد العزيز الحلو بتنفيذ الهجوم على الرعاة، وسبق للقائد عبد العزيز الحلو تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الاتهامات لقواته بتنفيذ هجمات من وقت لآخر على بوادي الرعاة من قبائل المسيرية والحوازمة في بحر العرب بولايتي غرب وجنوب كردفان.

منطقة الحدود

وظلّ الوضع الأمني في منطقة الشريط الحدودي مع دولة الجنوب أو ما يُسمى اصطلاحاً الجنوب الجديد خاصةً منطقة أبيي يُشكِّل هاجساً كبيراً يؤرق مضاجع المركز, وكلما تطفأ نارٌ توقد اخرى في المنطقة, ولأن الجنوب الجديد يعج بالحركات المسلحة من دولة الجنوب والمسلحين من الطرفين, فإن ذريعة الاشتباكات ظلّت حاضرة في كل وقت رغم وجود قوات الأمم المتحدة لحفظ الأمن في منطقة أبيي (اليونسيفا).

وأكد القيادي بقبيلة المسيرية محمد عمر الأنصاري لـ(الصيحة) إمكانية التعايش بين المسيرية ودينكا نوك في منطقة الشريط الحدودي او ما يصطلح عليه الجنوب الجديد, إلا انه قال ان دينكا نقوك رغم ابداء حسن النوايا من المسيرية وفتح الأسواق, إلا أنهم بدأوا  في زرع الألغام التي حصدت عددا كبيرا من المواشي والمواطنين, والآن هم بالمستشفيات. وكشف بأن نقوك هاجموا الرعاة قبل يومين مما أدى  الى مقتل اثنين منهم. وأضاف كان رد الفعل للمسيرية والعرب على الشريط الجنوبي الهجوم على معسكرات مليشيات الجيش الشعبي  التابعة لدينكا نقوك بالمنطقة وتم تدميرها بالكامل. وتساءل الأنصاري كيف نتعايش وهناك معسكرات لدينكا نقوك وزرع للألغام ونهب للأبقار, مضيفاً: في ظل وجود القوات التابعة للامم المتحدة (اليونيسفا) يفترض منع مثل هذه المعسكرات في المنطقة المنزوعة السلاح, متهماً القوات الإثيوبية بالتماهي والتواطؤ مع دينكا نقوك.

رد فعل

وقال الأنصاري نتيجة لمقتل ونهب ابقار العرب كان الهجوم من قبل العرب على معسكر لدينكا نوك ومقتل قائد المعسكر برتبة عميد امرأة. كذلك تحرك جزء آخر وقاموا بتدمير معسكر لدينكا نقوك والاستيلاء على اسلحة, واكد ان رئيس اللجنة الإشرافية استنكر لدى لقائه نائب رئيس المجلس السيادي تهاون البعثة الأممية مع دينكا نقوك, وقال إنه طلب الحماية من الحكومة أو إرسال قوات لحمايتهم. وقال إنهم وجدوا وعداً من “حميدتي” بحل المشكلة مع الطرف الآخر في حكومة الجنوب, غير أنه وصى بأهمية التعايش فيما بين المسيرية ودينكا نقوك.

ترسيم الحدود

ويرى الأنصاري أن حل المشكلة حتى لا تصبح جنوباً جديداً للحكومة المركزية يكمن في ترسيم الحدود وسيادة الحكومة السودانية على كامل أراضي الشمال حسب ترسيم 56 المُعترف به دولياً, كذلك في بروتوكول 20/6/2011, بجانب تشكيل القوات المشتركة وتشكيل الإدارية وإجراء الاستفتاء في المنطقة. وأكد أن الرؤية أصبحت الآن واضحة بالنسبة لدينكا نقوك بعد تملص دولة الجنوب منهم, وقال الآن هم يتّجهون نحو الشمال والى الخرطوم تحديداً. وأكد انهم ليسوا ضد التعايش السلمي وليسوا ناس حرب, مشيراً الى الجهود الكبيرة التي تنتظم لبحث إمكانية التعايش بين أطراف النزاع في المنطقة.

قضيةٌ مُعقّدةٌ

ونظر المحلل السياسي والقانوني ابراهيم محمد الى واقع المنطقة من خلال الدراسات التي عملت حتى الآن ورأت أن موضوع التعايش السلمي بين قبيلة دينكا نقوك وقبيلة المسيرية من القضايا ذات الحساسية العالية, وقال لا بد من تناولها بحذر, وأضاف أن قضية التعايش في المنطقة الحدودية من أكثر الموضوعات المطروحة تعقيداً, وقال لـ(الصيحة) إن عدم تنفيذ بروتوكول 2011 كان سبباً وراء كثير من المشكلات التي تقع الآن وزاد من تعقيد القضية، وأعدّها من أكثر قضايا السلم تعقيداً في اتفاقية السلام الشاملة. لأنه لم يحدث اتفاقٌ بين الطرفين على تحديد منطقة أبيي التي قصد بها  منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع والتي حُوِّلت من بحر الغزال إلى كردفان في سنة 1905م، وكيف يمكن تنمية هذا التعايش بين دينكا نقوك وقبيلة المسيرية الحُمر وإعادته لسابق عهده الذي عُرفت به المنطقة في سابق الأزمان. ودعا إلى أهمية تفعيل دور المؤسسات التي تعمل في مجال الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وفي حل أكثر قضايا التعايش السلمي تعقيداً. وأكد أن مصطلح الجنوب الجديد غير منطقي, باعتبار أن المناطق الواقعة على الشريط الحدودي مع دولة الجنوب ليست كلها مناطق ملتهبة, ربما المصطلح يشمل مناطق أبيي وجنوب كردفان وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى