السودان والعالم العودة للحكم المدني.. “شرط دولي” للتعامل الاقتصادي

 

تقرير: مريم أبشر     6مارس 2022م

شكلت ثورة ديسمبر التي فجّرها الشعب السوداني وكانت انطلاقتها في التاسع عشر من ديسمبر 2019، وتوِّجت بالإطاحة بنظام الإنقاذ في ابريل 2020 نقطة ضوء، تلاشى عندها طوق العزلة الدولية التي كانت مفروضة على السودان لثلاثة عقود نتيجة وضعه في لائحة الدول الراعية للإرهاب، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية. ولكن كانت نتيجة تلك الثورة انفتاح العالم على السودان، حيث تمكّنت حكومة الثورة بعد تشكيلها بفترة تعد بمقاييس التعاملات الدولية وجيزة، من العودة بالسودان للمجتمع والانفتاح على العالم سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً.

تشاكس الشركاء

غير أن تشاكس الشركاء في الفترة الانتقالية وعدم التناغم الذي اكتنف أداءهم جعل السودان يعود مرة أخرى في وضع أشبه ما يكون بالعزلة, حيث جمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان داخله وأوقفت كل الدول الغربية مساعداتها ومشروعاتها التي كانت تنوي إقامتها في السودان، بل إن جلها ربط بشكل منفصل أو جماعي تقديم الدعم والمساندة بالعودة للحكم المدني وعودة الديمقراطية وسيادة حكم القانون.

فهل العودة الى الحكم المدني جزء من اشتراطات عودة التعامل اقتصادياً مع المجتمع الدولي؟

اشتراطات دولية

آخر ما أعلنته دولة غربية بشأن الوضع في السودان وإمكانية عودة المساعدات من عدمها، كانت بريطانيا الأسبوع المنصرم على لسان المدير العام للشؤون الافريقية فى الحكومة البريطانية مُعظم مالك، الذي قال إن استئناف الدعم البريطاني والمساندة يأتي في ظل حكم مدني ديمقراطي, وقال انهم يساندون الجهود التي يقودها السودانيون لتحقيق اتفاق سياسي شامل يعيد تأسيس انتقال بقيادة مدنية  مع خارطة طريق واضحة نحو انتخابات حرة و نزيهة. واكد ان بريطانيا  على استعداد لاستئناف شراكتها مع السودان مع مجموعة واسعة من القطاعات التي تمت مناقشتها خلال الحوار الاستراتيجي الذي جرى مع بلاده  العام الماضي والإسهام مع الشعب السوداني في بناء سودان حر ديمقراطي ينعم بالسلم والرفاه.

الدعم المشروط:

الدعم الخارجي والمساعدات الافريقية عموماً، خاصة الدول الغربية دائماً ما يتم ربطها بالديمقراطية والتحول المدني والحريات. في تلك الدول و السودان ليس استثناءً كما يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الدكتور عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة) ، ويضيف ان تلك المساعدات تقدم وفق شروط، وأشار الى دولٍ مثل بريطانيا وأمريكا أيّدت حكومة الصادق المهدي لكنها لم تقدم لها الدعم المطلوب.

رؤى موحدة

السفير الطريفي كرمنو الخبير الدبلوماسي، استبعد امكانية تقديم الغرب لأي سند أو دعم للسودان في ظل الأوضاع الحالية، لافتاً الى أن الغرب عموماً مهوس بالديمقراطية التي طبقها منذ فترة طويلة، لافتاً الى أن النظام الديمقراطي في العالم الثالث عموماً ومنها السودان مربوط بالفوضى وهي ذات الفوضى التي افشلت ثلاثة نظم ديمقراطية سابقة في السودان، وأضاف هناك كمية من المبادرات وعدد يفوق المائة من الأحزاب المختلفة في رؤاها للحل، وتوقع استمرار الفترة الانتقالية لفترة طويلة لأن ما يدور لا يبشر باتفاق. وقال لـ(الصيحة) معظم الدول الديمقراطية يوجد فيها حزبان او يزيد بقليل بخلاف الكم الهائل من الأحزاب السياسية التي تتصدر المشهد، وأضاف سنظل في دوامة الانقلابات العسكرية إلى ما لا نهاية ما لم تتفق القوى السياسية على رؤى مُوحّدة.

المدنية أولاً:

بريطانيا وأمريكا وكل دول الترويكا يطالبون بعودة الحكم المدني لاستعادة المساعدات الاقتصادية. ولكن المحلل السياسي الدكتور الأكاديمي صلاح الدومة يرى ان الدعوة للعودة الى الحكم المدني تساندها التظاهرات المنتظمة ولجان المقاومة. وقال لـ(الصيحة) الآن هنالك انهيارٌ اقتصاديٌّ وتوقف للصادرات بنسبة 85% وفق تقديرات الحكومة نفسها وارتفاع متوقع في الوقود والكهرباء وارتفاع تكلفة المعيشة، كل هذا والسودان شبه عاد للعزلة الدولية، و اضاف كل هذه الضربات التي تواجه الحكومة تدفع باتجاه العودة للتفاوض واعادة الحكم المدني و تجنيب البلاد ويلات لا يحمد عقباه، خاصة و ان التعويل على محور روسيا ليس مجدياً في هذا الظرف الذي تخوض فبه حرباً ، حتى و ان انتصرت فهي مهزومة بموجب العقوبات الاقتصادية التي تواجهها.

 اتفاق دولي:

ربط تقديم الدعم والمساندة للشعب السوداني بالعودة للحكم المدني وإتاحة الحريات والحقوق هو جزء من اتفاق دولي ظل متداولاً في أروقة الأمم المتحدة.

ويقول المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، إن الشعب السوداني ظل يعاني منذ عقود من الشمولية والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحقب الماضية، واكد لـ(الصيحة) ان العالم يقف إلى جانب السودان خاصة الغرب وفق هوية ديمقراطية جديدة تستوعب كل الشعب السوداني بتنوُّعه وبقيام اقتصاد يقود لتبادل المنافع وفق أسس جديدة وبعيداً عن حماية الدول والمحاور التي كانت تُساند النظام البائد خاصةً روسيا والصين ودول في الإقليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى