الأوضاع بالفاشر.. صدى الأحداث

 

الخرطوم: آثار كامل         16يناير2022م 

ما زال إقليم دارفور يبحث عن مهد آمن بعيداً عن نزاع أو حرب، وما زال سكانها يأملون بعد توقيع السلام أن تعيش في هدوء، ونجد الأمر يحتاج الى وقفة بعد أن اندلعت أحداث مؤسفة، على ضوئها تم نهب مقر يوناميد مرات ونهب لمخازن برنامج الغذاء العالمي.

ونجد أن الأمم المتحدة دانت ما حدث لبعثة يوناميد بعد التعرُّض لأعمال نهب، بجانب ذلك أعلن برنامج الأغذية العالمي سابقاً أنه بصدد تعليق أنشطته في شمال دارفور حتى إشعار آخر، وقد يؤثر التعليق على حوالي مليوني شخص. ويوجد لبرنامج الأغذية العالمي أربعة مستودعات أخرى في كبكابية وكتُم وسورتوني.

ونبهت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان أن الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني قلقون للغاية بشأن التقارير الواردة من ولاية شمال دارفور، عن تعرُّض الأصول الإنسانية للهجوم. وكانت هذه عبارة عن مُساعدات غذائية مُخصّصة للأشخاص الأكثر ضعفاً في السودان. لا ينبغي أن تكون المُساعدات الإنسانية هدفاً أبداً.

وأوضحت وفقاً للتقارير الأولية، أن مستودع برنامج الأغذية العالمي الواقع في منطقة البورصة بمدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، يحتوي على ما يصل إلى 1,900 طن متري من المواد الغذائية، مخصصة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في تلك المنطقة. ويأتي ذلك وسط عجز غير مسبوق في التمويل لبرنامج الأغذية العالمي يُقدّر بنحو 358 مليون دولار، ويحتاج ما يُقدّر بـ14.3 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية وفقاً لخُطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 ويحتاج 25% من هؤلاء إلى الأمن الغذائي ودعم سُبل كسب العيش.

ويرى مُراقبون أن الوضع الأمني بدارفور يحتاج لتكثيف المساعي والخُطى لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية بالإقليم، بما فيه تشكيل القُوة المُشتركة التي تضم (10) آلاف جندي مُناصفةً بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح لحماية المدنيين بالإقليم، مشيرين الى أنه بالرغم من تراجع القتال في السنوات الأخيرة، إلاّ أنّ العنف ظل يتجدّد في بعض المناطق من حين لآخر لاسباب مختلفة في ظل انتشار السلاح.

وضع جديد

اعتبر المحلل السياسي صابر الحاج بأن المتضرر من المواجهات وعمليات النهب التي تجرى في الاقليم، المتضرر الوحيد منها هو مواطن الإقليم،  واشار الى ان ما حدث يخلق اجواءً من التوتر والترقب وسط الجميع،  وقال لـ(الصيحة) هناك تساؤلات تبدو مطروحة من الرأي العام عن موقف قوات الحركات الموقعة على سلام جوبا دارفور مما يجري، واضاف ان حقيقة ما يجري باسم السلام من أطرافه يهدد بانفراط الأمن وتحويل نعمة السلام الى بغضاء وكراهية ستشعل حروباً جديدة، منوهاً بان الصحيح الاعتراف بالخطأ والشروع في التصحيح وليس السكوت والتمادي فيه، وعلق قائلاً الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

تصفية حسابات

بدوره، قال محمد اسماعيل مقرر الجبهة الثورية في حديثة لـ(الصيحة)، ان بعض الحركات تسعى لتفشيل الوالي بشمال دارفور لحسابات بينهم، ونوه بأن ما حدث من نهب لمقر يوناميد بالفاشر سوف يخلق جواً من التشاؤم في أجواء السلام بصورة عامة، وأضاف لا بد من جلوس الحركات الموقعة على السلام ومراجعة الأمر، وقال إن على حاكم الإقليم مناوي ووالي شمال دافور تقديم استقالاتهما، ولفت بأن ما يحدث السبب الرئيسي له هو التأخير في الترتيبات الأمنية، منوهاً بأن المواطن في دارفور أصبح بين نارين (الغلاء والأمن)، لافتاً الى ضرورة مراجعة السياسات الأمنية بالعاصمة والولايات ولا بد من تدارك خطورة الأمر!

التفكير في إطار قومي

قالت أستاذة العلوم السياسية د. تهاني خضر لـ(الصيحة)، إن ما يدور الآن في شمال دارفور له تأثير كبير على الوضع المعيشي في دارفور، فمعظم معسكرات النازحين يعتمدون اعتماداً مباشراً على المعونات، وتوقعت عدم نجاح قوة حماية المدنيين في ظل عدم التأهيل وعدم تغيير عقيدتها التي كانت تُقاتل بها في الفترة الماضية، وقالت لا بد ان ينحصر التفكير في إطار قومي وليس قبلياً إثنياً، بالتالي التغيير في تركيبتها مُهمٌ، ولا بد أن يتم على عجلٍ لحماية المواطنين وحفظ الأمن وإحداث استقرار في الإقليم الذي يشهد أحداثا متواصلة وتأهيلها، لتصبح شريكة في حفظ الأمن بدارفور، وزادت قائلةً: من الخطأ إسناد مهمة لهذه القوات وهي غير مؤهلة لها.

قواعد الإنتاج

وأشارت إلى أن الأمن مسؤولية الحكومة الانتقالية بشقيها السيادي والتنفيذي وحاكم دارفور، على مستوى الإقليم، وأضافت: حاكم الإقليم والولاة الخمسة هم المسؤولون مسؤولية مباشرة عن حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار، وأيضاً مسؤولون بصورة اكبر عن التدابير التي تُؤسِّس لمناخ إنتاج واستقرار للمواطنين من خلال إنفاذ اتفاق جوبا، وعلى المدى البعيد، قالت يجب أن يبني الاستقرار على قواعد الإنتاج وربط دارفور بالاقتصاد القومي ومن ثم الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى