عبد الله مسار يكتب : ميثاق تأسيس سلطة الشعب

6مارس 2022م

طرحت لجان مقاومة الخرطوم، ميثاقاً سياسياً للمرحلة الانتقالية في 27 فبراير 2022م سمّته ميثاق تأسيس سلطة الشعب، وذلك في مؤتمر صحفي حضرته وسائل الإعلام  وأعلن فيه الميثاق المقترح.

لجان المقاومة هي لجان تكوّنت بعد وقبل ثورة أبريل من شباب مختلفي المناحل والمشارب، ولكن سيطر عليها أخيراً الحزب الشيوعي بعد أن أقصى أغلب المشتركين فيها من القوى السياسية الأخرى والمستقلين.

عقد هذا المؤتمر الصحفي وأعلن فيه ممثل لجان مقاومة الخرطوم أهم سمات الميثاق والمشتركين فيه، والمطلوب منهم الاطلاع والتوقيع عليه.   وقال يعرض على الولايات.

وعليه، ألحظ الآتي: إن هذا الميثاق إقصائي ولا يمثل كل القوى السياسية والشعب السوداني.

ثانياً ميثاق راديكالي ويمثل الأصوليين في الحزب الشيوعي السوداني.

ثالثاً يقرر الموقعون عليه في حكم السودان وتحديد الفترة ومهامها وفق هوائهم، بل في ذهنهم إقصاء كل مكونات السودان الأخرى، يعني هم أهل السودان (بشهادة بحث مِلِك حُر).

رابعاً يحدد أن لجان المقاومة هي القوى الثورية التي يجب أن تحكم وما سواها ليس له حقٌ وهم يتحدّثون عن نظام ديمقراطي ودولة مدنية ويُقرِّرون الاحتكار والعزل ويودون حكم البلاد بدون شرعية انتخابية يعني عاوزين ديكتاتورية مدنية (يا فيها يا نطيفها).

خامساً يبعدون الدين عن الحياة العامة وعن الحكم، عاوزين شعب ملحد ودولة بدون قيم روحية ولا دينية، وحتى كريم معتقدات تسودها الفوضى  الاجتماعية ومجتمع منحرف وقادة بدون دين، بمعنى شيوعية أصولية وليست حتى اشتراكية وتقدمية تحررية.

حتى أوروبا التي مثال لهم تقوم على الدين والكنيسة والكنيس هما اللذان يحكمان، وليس في أوروبا رئيس غير متدين، والآن الإسلام غزاها رسالة وعملاً واعتقاداً وسقط الحزب الشيوعي والعلمانية في روسيا، حيث إن عضويته في الدوما الآن 34 نائباً، في حين إن عضوية حزب روسيا الموحدة 345 نائباً.

سادساً يلاحظ الشخص أن هنالك شعوراً خيالياً ممن صاغوا هذا الميثاق بعظمة زائدة وعدم تقدير لقدراتهم وجماهيرهم وسط عامة السودانيين، وهذا ضرب خيال مصيره الفشل.

سابعاً الجيش والقوات النظامية في الميثاق عداء مستفحل لهم وكأنهم قوات غازية وليست وطنية، يبدو أن لجان المقاومة لديهم جيش آخر ما زال في رحم الغيب وكتائب تتبع لهم في طور الإنشاء بديل لجيش الشعب.

ثامناً جاء في الميثاق هيكلة وإصلاح المؤسسات العسكرية مع إلغاء منصب القائد العام، وهذا يعني تفكيك المؤسسة العسكرية ليسهل السيطرة الخارجية على السودان وتقسيم وتفتيت الدولة السودانية، وهذا يُخالف التوجيه العالمي لقيام جيوش وطنية قوية، الآن اليابان وألمانيا يتجهان لبناء جيوش بعد أن كان توجُّههما نهضة وتطور صناعي.

تاسعاً قطع الميثاق بعدم الشراكة مع ما أطلق عليها القوى المُضادة للثورة، وهنا يعني الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والقِوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وفصائل المجتمع السوداني وهذا يعني عزل كل قِوى اليمين وبعض من قِوى اليسار يعني عزل 90% من الشعب السوداني دون  تفويض انتخابي، يعني حكم زندية لأقلية على أغلبية.

عاشراً اعتبر الميثاق الثورة التصحيحية في 25 أكتوبر انقلاباً، وقرر إسقاط ذلك واعتبره انقلاباً، وقرر محاسبة القِوى العسكرية التي قامت بذلك والمدنية التي ساعدت وأيّدت ذلك، وهذا ينم عن عدم معرفة، بل فيه تضخيم ذات  مبني على الوهم، لأن الحكم في السودان قبل بيان البرهان في 25 اكتوبر انقلاب مدني مصنوع من الخارج حتى وصل به الأمر إدخال بعثة أممية خلسة ومتآمر بها على أهل السودان في الداخل.

عليه، الحكم الحقيقي هو حكم الصندوق الانتخابي وذلك هو التفويض.

حادي عشر نص على إعادة بناء جهاز الأمن والمخابرات، وكرر نفس خطأ انتفاضة أبريل 1985م وهو ما أضاع السودان وسبب انقلاب 30 يونيو 1989م واستباح السودان للمخابرات العالمية والإقليمية، بل مكن الجواسيس من اختراق الوطن.

ثاني عشر هذا الميثاق مشروع وثيقة فاشلة لسلطة أقلية لحكم ديكتاتوري مدني، وليس هنالك أرض ينبت فيها.

أخيراً، سلطة الشعب هي السلطة المنتخبة من الشعب لا سلطة أقلية تحكم بالزندية حكم قراقوش من أحزاب أقلية قديماً وحديثاً والآن لمعلومية اصحاب الميثاق السودان دولة قائمة على ركائز أهلية ومجتمعية وقيم ودين لن ينبت فيها شجر العُشر هذا اي كلام غير حكم دستوري انتخابي ضرب من الخيال.

السودان حمل فيه السلاح وحدثت فيه انقلابات في الماضي نتيجة الظلم،  وسيطرة النخب على الحكم ومركزة السلطة، هذا الميثاق ليس سلطة الشعب ولكن هو سلطة أقلية على رأسها الحزب الشيوعي لن يفلح.

كل من يدعي أن الشعب معه ليذهب بنا إلى الانتخابات لنقطع للفائز مليون تعظيم، بغير ذلك فترة انتقالية محدودة يقوم عليها مجلس سيادة ومجلس وزراء كفاءات وطنية غير حزبية، وولاة ولايات من كفاءات وطنية مستقلة  وأجهزة عدالة مستقلة.

كل هذه تجهز لانتخابات رئاسية أو برلمانية عبر الانتخابات وعندها (الحشّاش يملا شبكته). أي كلام آخر ضرب من الخيال وأمنيات محلها أحلام ليلية او كابوس نومي.

 

نحن أهل السودان نقاوم أي اتجاه للعزل أو الإقصاء أو سيطرة مجموعات أو أحزاب على السلطة دون الانتخابات، الوسيلة المعروفة للديمقراطية والحكم المدني.

ولكن فهلوة حكم النخب هذه انتهت في السودان إلى غير رجعة (زمن السيدي ما في سيدي) حزبي أو عقائدي ومناطقي أو قبلي.

الطريق إلى الحكم في المرحلة القادمة صندوق الانتخابات فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى