صديق الحلو يكتب: الأبواب

28 يناير 2023

هناك في قُرانا البعيدة في بحر أبيض أغلب البيوت دون أبواب، في درة، قلي وكوستي.

يلتقي الأحبة كالطيور. ويوم أن سافرت للدراسة وعدت وجدت بعض الجيران قد أغلقوا الفجوات.

صنعوا أبواباً وشبابيك قفلت النوافذ والكوي

أُصبت بالصدمة

ما الذي يخفونه

ما هذه الحواجز

التحول، المتاريس التي تعيق الدخول.

كانت هناك نفاجات بين الحيشان الكبيرة

يولج منها الحب والمحنة. هل الجفاء سمة للتطور؟

وهل الانكفاء نتيجة للتضخم

والكساد والتدهور الاقتصادي؟

صديقي أحمد أمين قال لي:

لا يعني أن المجتمع تطور، وإنما هو حبٌ للتغيير أو سمه نوعاً من التقليد للمدينة. الخصوصية والانعزال.

قال الزعيم الهندي غاندي:

لا أريد لبيتي أن تحيط به الأسوار من كل جانب الى أن تسد نوافذه وإنما أريد بيتاً تهب عليه بحرية ثقافات الدنيا بأسرها. لكن دون أن تقلعني إحداها من الأرض.

قال الشاعر اليمني عبد العزيز المقالح

هنا الأبدية….

هذا هو الباب….

مفتوحة للنخيل الفلاة… وللخيل تدنو الهضاب…

ارتجل للمدينة قبراً… وللنهر قبراً…

وللحلم قبرًا…

ومن واحدا بعد أن ضاع صوتك…

ضيّعك الأقربون…

وحاولك الأبعدون…

اقترب من نهايتها…

يا اشتعال الأقاليم في زمن البدو….

يا نجمة في بيارق أيلول…

يا فارسا يترجل قبل الأوان….

قال الصوفي جلال الدين الرومي:

إنك حين تطرق باب المعنى يفتح لك. وقالت لي صفاء:

الحياة ثلاثة، ذكرى وألم وحب.

عيش مع الأولى وتحمل الثانية لأجل الثالثة.

وها أنذا صفاء أحمل حطام الذكرى اطوف كل

النفاجات . أقف عند كل النوافذ يعشعش في الحنين كعصفور نزق.

أخاطب الزهور النائمة في العتمة

سمسارا . التويليب.

والقود مورنق.

وأحدق في اللا شيء. متحملاً

عبء الدنيا كلها

من الألم. الغلاء.

وكل الكوارث الفاجعة. هل افوز

بإلفة صفاء. افتقدك

وهذا الغياب الذي يذبحني من الشريان للوريد.

يا لقسوة أيامي

تعاستها والزمن البرهاني العنيد.

لقد أنهكني السفر والرحيل المر.

كل المفاتيح عندي والزاد. نظراتك الباذخة صيّرتني

كسائس خيول رفد للصالح العام

زائغ العينين معفر

الرجلين بالثرى.

قلت لـ صفاء:

الشرفات لا ابواب لها. والخسوف وشيك. والعالم هذا المساء سيخلع تضاريسه

ويتشظى دونما جلبة. اقفلت صفاء أبوابها كلها

وتركتني لألم الذكرى والحب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى