منى أبوزيد تكتب : في الإنتاج والإنتاجية..!

28فبراير2022م

“لا تنحسر الحضارة أبداً، فقانون الحاجة دائماً ما يدفعها إلى الأمام”.. جول فيرن..!

التغيير – أي تغيير – لا يعني أبداً أن نحفر أخدوداً أو نهدم جبلاً، بل أن نفرد فقط مساحات مقدرة للاستيعاب والتجريب في رقعة مبادراتنا اجتماعية كانت أو سياسية أو اقتصادية. والتميُّز – أي تميز – لا يعني أبداً أن نخرق الأرض أو نبلغ الجبال طولاً، بل أن نحاول فقط أن ننجح بطريقة مختلفة، وبأسلوب لا يشبه أسلوب الآخرين، بل يَبُزُّهم رأياً ورؤية وتخطيطاً وإتقاناً. ربما لذلك يبقى الواقفون على أعتاب التميُّز قلة، ويبقى التميُّز كمفهوم حضاري من أرفع الغايات وأسمى المطالب..!

يوم أمس اختتم “ملتقى دور الكفاءات المهنية في بناء دولة الإنتاج والإنتاجية”، فعالياته التي بدأت يوم أمس الأول بمشاركة الإمدادات الطبية، والجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، وعرض لملخص مشروع دولة الإنتاج والإنتاجية، والفترة الانتقالية “الهيكل وشغل الوظائف” قدمها مركز الاستشارات التطبيقية، وحديث لرئيس مجلس إدارة ومندوبي القرية النموذجية عن الريف كقائد للتنمية وعن مشروع القرية النموذجية..!

بينما اشتملت فعاليات اليوم الثاني على ورقة عن النظام التعاوني التكافلي قدمتها الأستاذة “عواطف دفع الله” مديرة الدفع الإلكتروني، وورقة عن المنشأة النموذجية” “مصرف المزارع مثالاً” قدمها ممثل مدير المصرف، وورقة عن خدمة الجمهور “البلدية النموذجية” قدمتها الأستاذة “نادية عبد الله” المدير التنفيذي والفني لمركز الاستشارات التطبيقية. وكان الصمغ العربي حاضراً بقوة في ورقة قدمها د. “عبد العزيز أبو طالب”. فضلاً عن التجربة الماليزية وتوطين العلاج بالداخل..!

والحقيقة أن حديثي عن هذا الملتقى يأتي من أوسع أبواب الاحتفاء بتوقيت إقامته – في ظل الظروف السياسية العصيبة التي تمر بها البلاد، والهروع الكبير نحو الفعاليات السياسية وإهمال ما عداها من فعاليات اقتصادية وتنموية – وبما قدم فيه من أوراق، وبالمداخلات الثرة التي قدمها علماء وخبراء وكفاءات وطنية في مختلف مجالات التنمية..!

وليت الدولة تصل إلى قناعة حقيقية بوجوب تفعيل وتطوير سبل دعم المصارف والمؤسسات التمويلية. وللمسؤولين عن مؤسسات الاقتصاد في بلادنا أقول إذا لم يخفت هاجس ضمان الربحية، فلن تتمكن البنوك من رفع سياساتها الحذرة حيناً – والمتشددة أحياناً في ضمانات السداد – عن أكتاف المنتفعين الفقراء. وقد كنا ولا نزال نتمنى أن تنجح الحكومة في العثور على معادلة اقتصادية ما، تؤنسن العلاقة بين العملاء والبنوك، بحيث تأتي الدوافع فيها أولاً، قبل الضمانات..!

وقد أعجبت كثيراً بقوة رمزية المشهد الذي قدمه د. “أحمد الريح حسين” رئيس مجلس إدارة مركز الاستشارات التطبيقية عندما طلب إطفاء الإضاءة بالقاعة، وأشعل شمعةً بيضاء – أضاء نورها على بساطته أرجاء المكان – وهو يقول “إن ظلام العالم كله لن يطفيء هذه الشمعة، وبأننا سوف نُوقد شمعة الأمل والعمل في هذا البلد إلى أن نموت”.. وهذا هو المطلوب..!

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى