محمد عكاشة يكتب : عبد الرحمن بلاص!!

26فبراير2022م

الكتابة عند مقام الفنان عبد الرحمن بلاص مهمة تستلزم جهداً مضاعفاً، فمساهمته في مجال الغناء لا غلاط بها وهذي يمهد لتوثيقها ناقدون أفذاذ وليس ثمة متردم لكاتب مثلي يحتطب بليل في حديقة أغنية الشايقية ورواد الطمبور وإن كان بلاص يعد منهم، بل من الأبكار المميزين وممن يرد ذكرهم بالأداء المتميز، وبالتوثيق من جهة أخرى فهو منذ وقت باكر يولي مسألة التوثيق والكتابة في الشأن الثقافي عناية فائقة مثابراً لا توهنه كلالة.

الفنان عبد الرحمن بلاص في حقبة السبعينيات من القرن الماضي ولج مجال الصحافة كاتباً محققاً إبان مجلة الثقافة مع الراحل حسن أحمد التوم ووقتها كانت الدولة تعتني بحركة الفنون والثقافة بصورة لافتة وهو حينئذ – بلاص – ما انفك يعمل بجهد متصل لاهتمامه وبُعد نظره لأهمية التوثيق مما تحفل بمتونه أضابير دار الوثائق، ولقد كان لافتاً الحوار الذي أعده مع الأستاذ محمود محمد طه ويتم تداوله كمرجع ومدخل لفهم شخصية الرجل الذي شغل الناس بفكره ونظراته.

تعرفت إلى الراحل عبد الرحمن بلاص منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين كنت رئيس تحرير صحيفة (ظلال) التي كانت هدفاً ومترصداً لجهاز الأمن والمخابرات في عهد الإنقاذ ولقد عملنا سوية لتحرير صفحات (ظلال) لأجل الحرية والعدالة ورغيف الخبز ولتعزيز دور الثقافة والفنون في حياة الناس.

عبد الرحمن بلاص كان ضمن طاقم التحرير ينشط بالتدقيق اللغوي، غير أنه كان قارئاً نهماً حفاراً في بطون الكتب.

ثم هو من مكتبته المنزلية يقتطف شذرات للنشر في بعض الصفحات.

عام 1996م حين انشغل نظام الإنقاذ بخروج الإمام الصادق المهدي إلى العاصمة الإريترية أسمرا بعد مضايقات باهظة من قبل السلطة، حضر الأستاذ بلاص باكراً الى مكاتب صحيفة ظلال بعمارة دوسة وطلب اجتماعاً عاجلاً لأسرة التحرير بخصوص العدد الجديد واقترح وهو يَحمل مقالات مُتعدِّدة أن يكون العدد في إحياء ذكرى الأستاذ محمود محمد طه بحسبانه مفكراً نافحاً ضد الظلم وضد الهوس الديني وقدم روحه قرباناً لأجل حقوق الناس وأم الناس.

قرر الاجتماع على الفور الشروع في تصميم العدد وفق مقترح بلاص وهي مغامرة محسوبة النتائج، فنظام الإنقاذ حاضنته جماعة الإخوان المُسلمين بزعامة الدكتور حسن الترابي وهم ذاتهم من ناجزهم الأستاذ محمود وكَانَ قضاته في المحاكمات حتى إعدامه من منسوبي الجماعة ليصدر العدد غير أن جهاز الأمن صادره من المطبعة جملة واحدة.

الفنان عبد الرحمن بلاص كان باحثاً لا يشق له غبار ومثقفاً عضوياً ناهض الهمة والنشاط وشجاعاً، يبدي رأيه يسطع به بلا ريب أو تظنٍ.

رحم الله الفنان بلاص رحمةً واسعةً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى