“الجان العجمي” يثير الرعب في ولاية كسلا .. “الصيحة” تتجول وسط أطلال قرية قريقس المنكوبة وتتحدث إلى الضحايا

 

 

قرية قريقس: انتصار تقلاوي      23فبراير2022م 

لخمسة ايام على التوالي، ظلت النيران تشتعل بصورة مفاجئة ودون سابق إنذار وبلا سبب، في منازل قرية قريقس التي تقع على بُعد (19) كيلو في الجزء الشمالي الشرقي لمحلية حلفا (الرزيقاب) التابعة لولاية كسلا، الأمر الذي جعل من سكان القرية والقرى المجاورة ورجل الدفاع المدني في حالة تأهب كامل لإخماد النار في هذا المنزل قبل أن تشتعل فجأة في ذاك المنزل، فقد صار أمرا محيرا للجميع، اذ لا يوجد سبب يمكن ان يحمل، وهذا ما جعل سكان القرية يُحمِّلون المسؤولية لجن غاضب ويقولون بالإجماع بأنه من يقوم بإشعال النار في منازل القرية، لكنهم لا يعرفون سبب غضبه.

شئ لا يفسر

لمعرفة تفاصيل ما جرى لاهل القرية ومنازلها، ولرصد حالة القلق التي تساور سكان تلك المنطقة البعيدة الهادئة، سافرت الزميلة انتصار تقلاوي مراسلة “الصيحة” من كسلا الى قرية قريقس وتجولت وسط الركام وجلست الى نساء ورجال القرية لتسمع روايتهم.

تقول الزميلة انتصار، عبر الهاتف ما رأيته ونراه امامي الآن شئ لا يصدق ولا املك له تفسيرا، اطلال ودمار كامل لأكثر من 24 منزلاً حُرقت بالكامل، لم يتبق من داخلها شئ، سكان القرية كلهم شيبا وشبابا ونساءً واطفالا ومعم رجال الدفاع المدني ، يقفون ويتوقعون تحت اي لحظة ان تشتعل النيران في هذا المنزل او ذاك!

جان غاضب

وتضيف انتصار: الكل هناك يقول بأنه جان غاضب يقوم بحرق المنازل، والجميع يتضرع الى الله كي يوقف غضبه عن القرية، المنازل التي احترقت بلغت 24 منزلاً ويمكن ان يزداد العدد او حتى يتضاعف في اي لحظة وفق رواية مواطني القرية وتحدثت الى اصحاب بيوت حرقت والى شيخ القرية.

 

غضب عام

وتقول انتصار: سكان القرية غاضبون من حكومة المركز لكونهم لم يكلفوا انفسهم بالاتصال بهم، بيد انهم يشكرون حكومة ولاية كسلا، فقد زارهم الوالي وعدد من المسؤولين وقدموا لهم بعض المعونات، وتقول ان الامر غير طبيعي ونرجح كفة الجن لأن الحرائق على فترتين النهار والعصر  دون الليل والنار يمكن ان تشتعل في بيتين في وقت واحد وفي اماكن مختلفة، النار تبدأ بالون الاخضر ثم الأسود ثم لهب احمر حتى المياه لا تطفئه، وبهذا الشكل ستنهي من كل بيوت القرية، وتقول الظاهرة تحتاج لدراسة من علماء الجيولوجيا ربما، لكن الاهالي مؤمنون بقضاء الله وقدرة وصابرون على امر الله وهذا الامر وحد الناس واصبحوا يدا واحدة.

وتختتم انتصار قائلة، لا احد يملك تفسيراً لما يجري، فقط جميعهم يقول انه جان، ولم يحدث ان جرى لهم ما يجري حالياً من قبل، وتقول إن ما يلفت النظر الجموع المؤازرة التي جاءت من القرى المجاورة، لكن الجميع خائفون ويسبحون وهم في حالة صلاة وتضرع وتسبيح دائم.

 

خسارة فادحة

من بين ضحايا الحريق ، الطيب عثمان احمد يعمل مزارعا ويقطن في القرية منذ اربعين عاماً، يحكي قصته “للصيحة” والدموع تذرف بغزارة من عينيه، قائلاً: خسارتي فادحة في الممتلكات، فقد خسرت حصاد عمري من مال وذهب خاص بزوجتي وخرجنا من المنزل فقط بالملابس التي علينا، وهذه الملابس نرتديها انا واطفالي وزوجتي لخمسة أيام لا مكان نذهب اليه كل الأهل بقرية القريقس ود العجمي خسروا مثلنا، فقدنا كل شئ.

جن وغاضب

ويضيف العم الطيب بقوله: الآن نحن نفترش الأرض ونلتحف السماء، حتى المعونات التي جاءت من هنا وهناك من خيام نخاف نصبها لانها يمكن تولع في اي لحظة كما حدث لصيوان من الخيام والذي تم نصبه لاستقبال الضيوف والمواسين لنا، حرق في لحظة وركضنا الى الخارج بسرعة وفي ثوانٍ معدودة اصبح رمادا.

حتى الدفاع المدني

العم الطيب مثل غيره من سكان القرية يعتقد بان وراء الحريق جن غاضب، حيث يقول ناس الدفاع المدني مرابطون معانا ولا ينامون لحظة ولكن هي اقدار الله والجني الغاضب حتى الدفاع المدني لا يستطيع اخماده، النيران التي يولعها حتى بعد المياه الغزيرة النيران مولعة.

لسان ناري

اما شيخ القرية الشيخ، عبد المنعم عبد الله العجمي فيقول أولاً نحن نشكر “الصيحة” على تكبد المشاق والمجازفة بالحياة وسط نيران ود العجمي والجان الغاضب، ويضيف: انه امر يدعو للدهشة، نار بلا مقدمات تخرج في شكل لسان ناري من باطن الأرض وفي ثوانٍ تهدم المنزل ثم تحوله الى رماد، الآن اصبحنا في ترقب اين يكون الاشتعال القادم وفي اي منزل وفي اي اتجاه، لا أحدٌ يعرف، أصبحنا موزعين بين ارجاء القرية ونتواصل بإطلاق صافرات بين بعضنا، اما النساء والاطفال هم في الهجير نهاراً وفي البرد القارس ليلاً ويواصل متسائلاً وهو يتحدث “للصيحة”، “ما الذي يحدث لنا في قريتنا البسيطة؟ قريتنا بسيطة ما فيها غير المزارعين والرعاة”، ويضيف الجان لا يستجيب حتى للشيخ الضو شيخ الحلة وقارئها وإمامها.

ماذا يريد منا؟

يسترسل الشيخ في حديثه قائلاً لا ندري ماذا يريد منا، اذا كان يريدنا إخلاء القرية الى اين نذهب؟ هذه ارضنا ومزارعنا “يبدو انه لا امل لنا بالعيش هنا مجدداً”.

سر العدد 6

وعن بداية الاحداث يقول الشيخ عبد المنعم، في الثلاثة ايام الاوئل كان التوقيت واحدا في تمام الحادية عشرة نهاراً تولع النيران لتحرق 6 منازل ثم تخمد بعدما تحولها الى رماد، ثم تبدأ مرة اخرى وتلتهم في لحظة واحدة 6 منازل أخرى وهكذا بالترتيب لمدة ثلاثة ايام احرقت (18) منزلاً.

ويضيف: لكن من يوم الاثنين وحتى أمس تشتعل النار في اثنين او ثلاثة منازل.. ويعلل ذلك بقوله من الواضح ان الجان خفف غضبه علينا والحمد لله تعالى ولم يعد إلا اليوم بعد الساعة الحادية عشرة وحتى الآن قام بحرق  ثلاثة منازل ليصبح المجموع الكلي للمنازل التي احرقت حتى الآن (24) منزلاً.

مَن يفسر لنا؟

ويضيف الشيخ عبد المنعم بان السودان لا تنقصه العلوم والعلماء وهم من يستطيعون ايجاد تفسير لما يجري لقريتنا، ونأمل أن يأتينا العلماء ومن خلفهم رجال الدين لإيجاد تفسيرات وحلول لقريتنا، ويعتب من طرف بأن “اهل المركز” في الخرطوم لم يكلفوا انفسهم حتى مواساتنا في مصيبتنا “ألسنا مواطنين من اهل السودان”؟ ويضيف عبر “الصيحة” نرسل رسالتي للمجلس السيادي ونقول لهم “انتم مسؤولون أمام الله عليكم بزيارتنا والوقوف على اوضاعنا كما فعلت الصيحة وبنتنا الصحفية التي تكبدت المشاق وسط هذا الهلع ولم يفعلها تلفزيون السودان أو الإعلام بالخرطوم”!!! ويقول “رسالتي لهم نحن مصيبتنا … لخمسة ايام نعيش وسط الحرائق ولم يزرنا مسؤول غير حكومة كسلا… أين الخرطوم من ود العجمي؟”.

نار بدون إنذار

من جهته، يقول كريز عبد الدائم الأمين معلم وهو من سكان  المنطقة إن من يقوم بحرق منازل القرية جان، قد لا يصدق البعض ما نقول وقد لا يصدقه العلم، ولكنه جان شعر بالغضب وحول منازل القرية إلى رماد.

ويكشف بأن القصة بدأت يوم الخميس الساعة 11 ظهراً أثناء أخذ أهل الريف القيلولة وفي أقل من ثانية نشبت النار في أول منزل دون سابق إنذار فقط نار بدون أي أسباب لا التماس كهربائي ولا شرارة، فقط نار تعتلي رأس البيت، نار غريبة لونها أخضر تنبت من الأرض سبحان الله وتسري بسرعة البرق لتحطم كل شيء في دقائق، نار صعبة لها هدير وعشرون لساناً لا أحد يستطيع الاقتراب منها على الإطلاق.

ويضيف بعد نصف ساعة تتحول لآخر بيت وبنفس الكيفية وهكذا حالنا من يوم الخميس وحتى اليوم ويقول “سبحان الله لم تنجُ حتى البهائم من هذا البلاء”.

مواطن آخر من القرية حرق منزله يقول “للصيحة”، ما حدث ويحدث من حرائق في هذه القرية من فعل الجان قد يكون موجوداً معانا من سنين ولا ندري، والآن يريد ان ينتقم من سكان القرية ربما تعرض لأذى منا دون علم لنا به والذي يحدث رد فعل الجن، ومن المفارقات التركيز فقط على حرق المساكن يبدو جلياً ان مكان سكنهم تعرض للزوال من اهل القرية لذلك يريدون إزالة قريتنا.

ويضيف المواطن: احتمال كان موجودا في بيت مهجور او مكب نفايات او في الأشجار كان يسكنها والجن يرانا ولا نراه، لذلك كثيراً ما يتعرض للاذى بفعل بشر بدون قصد وله المقدرة الخارقة على الاذي وهم قوم  يتعاونون لنصرة بعضهم البعض والنار اداة من اسلحتهم ويحصلون عليها عن طريق النفخ بالسموم وهذا السلاح استخدمه إبليس ضد سيدنا ايوب في حرق كل ممتلكاته من اموال.. والجن مثل البشر يغضب ويغار ويثار والحمد لله لم يستهدف العنصر البشري في هذه القرية ولكنه اقسم وتواثق على زوالها مقابل تعرض مكان اقامته في القرية للزوال، ومن ناحية اخرى قد يكون هنالك فرد من هذه القرية متواصلاً مع الجن مالكاً لهم او متلبسه الجن حباً فيه وقد تعرض هذا الشخص لأذى في اقامته، اكرر في مكان اقامته سواء شجرة او بيت مهجور واركز على اشجار اللالوب والدوم والأشجار الضخمة العتيقة. فان ازال اهل القرية واحدة من هذة الاشجار بقصد او غير قصد.

كيف نخفف غضبه

ويقول عن الطريقة التي بها يخفف الجن من غضبه مواطن جاء للقرية عقب الحادث:  أولاً اذا كان هنالك مجنون تعرض لأذى من اهل القرية وبعدها جاء الحريق عليهم ان يبحثوا عنه ويطيبوا خاطره كاظهار لحسن النية والاعتذار، ثانياً واكرر واشدد على اهل المنطقة عليهم الآن التوبة والاستغفار والصدقة والرجوع لله رب ضارة نافعة والله ناصرهم الصدقة تطفيء النيران الحسية والمعنوية وعليهم مراجعة بعض الشيوخ الأتقياء والعارفين بأمور الجن للخروج من هذه الأزمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى