مستشفى بحري.. الموت السريري

 

انعدام صناديق الأمان وأدوات الوقاية

المدير الطبي: مديونيات بالمليارات وتوقّف تام للأجهزة

مرافقون لمرضى: غياب تام للأطباء ونعمل على نظافة العنابر بأنفسنا

الخرطوم: أم بلة ــ تصوير: محمد نور محكر

الخدمات الصحية من أكثر الخدمات ضعفاً في السودان على مستوى المركز والولايات وتفتقر لأبسط أساسيات العمل في الحقل الطبي، والمشروع الذي انتهجته وزارة الصحة خلال عهد الوزير السابق مامون حميدة في نقل الخدمة للأطراف انعكس  بصورة سالبة على الخدمات الصحية، حيث أصبح المواطن لا يجد الخدمة في المراكز القربية منه نتيجة لعدم وجود التخصصات الدقيقة، إضافة إلى التدهور المريع في المستشفيات التعليمية بجميع الولايات.

“الصيحة”  كانت وقبل شهر من الآن قد أجرت تحقيقاً مصوراً عن أوضاع مستشفى بحري التعليمي مما دفع بعدد من الجهات للقيام بنفرة أطلق عليها “نفرة إعادة تأهيل مستشفى بحري التعليمي وخلال تدشين الحملة تجولت “الصيحة” مرة أخرى داخل المستشفى، وخرجت بهذه الحصيلة .

أين صناديق الأمان

خلال جولة ميدانية شاهدت “الصيحة ” غياباً تاماً لصناديق الأمان التي تستخدم في رمي النفايات الطبية (سوفت بوكس)، ويعتمد الكادر العامل على (تربيزة) كبيرة في عملية التخلص من الإبر وغيرها من المخلفات الطبية بشكل غير لائق، فضلاً عن خطورة ذلك التصرف في نقل العدوى والأمراض، وعندما طلبنا  كمامات طبية اعتذر الأطباء عن عدم توفرها بالمستشفى، وأنهم يقومون بتوفيرها من مالهم الخاص من الصيدليات،   وفي حديثها قالت الممرضة المداومة   إن مستوى النظافة بالمستشفى يعتبر صفراً  مع عدم وجود أي نظام خاص بالنظافة اليومية،  فضلاً عن توقف جميع الأجهزة الطبية عن العمل، كما يوجد جهازان فقط للفانتولين، إلا أنهما متوقفان عن العمل نتيجة للضغط العالي عليهما.

تخوّف وغياب

فيما شكا المرضى والمرافقون  من عدم وجود كادر طبي بالمستشفى، وقال أحد المرافقين “للصيحة”، إنه جاء منذ الصباح الباكر وحتى منتصف النهار لم يتمكن من مقابلة الطبيب،  الأمر الذي جعله يغادر المستشفى على أن يعاود في صباح الغد على أمل أن يقابل الطبيب المختص.

فيما قال مرافق آخر إن شقيقه قد أجريت له عملية إلا أن الطبيب المختص لم يعاود المريض منذ إجراء العملية رغم مرور أكثر من 24ساعة،  فضلاً عن أنهم كمرافقين قاموا بنظافة العنبر بأنفسهم  حفاظاً على بيئته العامة بعد أن فشلت المستشفى في توفير عمالة للنظافة، وأضاف: حتى الجناح الخاص لم يسلم من التدهور البيئي حيث تتناثر النفايات في كافة أرجاء المكان،  فضلاً عن الأبواب ودورات المياه المتهالكة.

وقال أحد المرافقين إن مريضهم بترت قدمه وأنهم قاموا بتوفير كافة مستلزمات العملية ورغم دفعهم لمبالغ طائلة، إلا أن العملية تأجلت لعدم وجود اختصاصي تخدير، فضلاً عن ضعف  مستوى الخدمات وتخوف المرافق من تلوث جروح العملية بعد إجرائها نسبة لعدم وجود خدمات طبية فائقة، وقال للصيحة، إنهم كانوا يرفضون الدخول إلى مستشفي بحري، الا أن الطبيب الجراح هو من ألزمهم بالدخول إليها.

كما شاهدت “الصيحة” مجموعة كبيرة من المرضى الذين يقفون أمام مكتب خدمات التأمين الصحي في ظل غياب تام لضباط  التأمين حيث كان هناك استياء وسط المنتظرين .

صيانة ومديونيات

المدير الطبي العام لمستشفى بحري التعليمي الصديق الصادق محمد، كشف عن وجود مديونيات بالمليارات على المستشفى من قبل عدة جهات منها شركات ومؤسسات وموردي الأجهزة الطبية ومقاولو الصيانة وغيرها من الإلتزامات المالية،  وقال للصيحة إن الصرف الصحي من أكبر الإشكالات التي تواجه المستشفي،  والذي يكلف أكثر من 300 ألف جنيه  شهرياً كاشفًا عن توفيرها من المعينات الخاصة دون أن تتمكن الوزارة من توفيرها،  وأضاف أن النظام البائد قد عمل على تجفيف  أكثر من خمسة أقسام كانت موجودة، وهي قسم العيون وقسم الأطفال والجلدية وقسم الأنف والأذن والحنجرة، إلى جانب قسم الأسنان، وقال إن تلك الأقسام قد تم هدم مبانيها بالكامل الأمر الذي انعكس بصورة سالبة على مواطني المناطق التي تتلقى العلاج بمستشفى بحري دون أن تتمكن الوزارة من نقل تلك الأقسام إلى مناطق طرفية، واعتبر الصديق ان نقل العيادات المحولة من المشاكل الأساسية للمريض، لأنه يحتاج إلى نوع محدد من الفحوصات والتحاليل  الطبية والأشعة والموجات الصوتية والتي تنعدم تمامًا بالمستشفى.

وكشف عن نقص حاد في الأجهزة والمعدات داخل المعمل المركزي وعن تعطل أجهزة تحليل  الأنسجة وتزريع العينات والتي يتم تحويل المريض للمعامل الخارجية، ويرى أن وزارة الصحة الولائية فشلت في إدارة مستشفيات الولاية.

وناشد الصديق الصادق المجتمع السوداني بكافة ألوان طيفه تقديم الدعم لإعادة تأهيل المستشفى الذي يحتاج إلى المليارات من الجنيهات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى