استمرار المواكب.. كيفية تجسير هوة الخلاف

 

الخرطوم: وفاق التجاني         15فبراير2022م 

حالة من الهدوء الذي وكأنه يسبق عاصفة ما تترى في الأفق، حيث خمدت كل مبادرات الساحة السياسية ولم تصل الى نتائج في الأزمة السياسية السودانية، ولا تزال جماهير الشارع تصر في تنظيم المواكب حسب الجداول التي وضعتها لهذا الشهر فبراير، وسيّرت امس موكباً اوضحت توجه الى البرلمان بدلاً من القصر الجمهوري في اطار تغيير تكتيكاتها في مسيرتها نحو تحقيق اهداف الصورة.

بينما رهنت قيادات بأحزاب سياسية حل الأزمة السياسية الراهنة بوقف التصعيد من الجانبين، وأبدت كذلك أحزاب نيّتها في قيادة مبادرة جديدة من شأنها تجسير هوة الخلاف بين المكونين المدني والعسكري.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي قد قال امس الأول في لقاء جمعه مع مزارعي الولاية الشمالية، انه رفع “كرتاً” في يوم الخامس والعشرين من أكتوبر لتصحيح المسار، وان الجيش لا يريد ان يحكم انما كان الهدف هو الوصول الى تراضٍ وطني لا يستثني الا المؤتمر الوطني. كما قال انه في حال الوصول الى تراضٍ فإنهم سيسلمون له السلطة.

وكان الشارع السوداني قد طرح شعارات لا تفاوض لا شراكة ولا شرعية للسلطة الحاكمة، بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر والتي استلمت فيها المؤسسة العسكرية، السلطة الانتقالية وانفردت بها ضمن ما أسمته تصحيح المسار.

ويقول مراقبون، إن حل المشكل السوداني يستلزم الاتفاق على شراكة عسكرية مدنية تجد القبول والتوافق من الاطراف المتنازعة، واوضحوا بانه لا سبيل لانفراد طرف بالحكم دون الآخر.

الأمة

وكان حزب الأمة بقيادة الفريق صديق اسماعيل قد صرح لـ”الصيحة” بأن الحزب يقود مبادرة خارطة طريق والتي من شأنها حل المشكلة بين العسكريين والمدنيين، وأكد أن المبادرة تتضمن شراكة عسكرية مدنية في مجالس الحكم، ووصف المشهد السياسي بالمرتبك ويتطلب جهدا جماعيا، وليس جهدا فرديا ليتمكن من الخروج من هذه الازمة، وكذلك لوضع حد لتدخلات المجتمع الدولي، ومعرفة ماذا يريد هذا المجتمع من السودان؟

وقال إن المبادرة التي يقودها فولكر لن تفضي الى نتيجة، وقد قام بمقابلة معظم القوى السياسية حتى في الأقاليم، وقد قدمنا له تنويرنا فيما يخص خارطة طريق.  واوضح ان المبادرة تعتمد على جمع كافة القوى السياسية في حكم مدني ديمقراطي كامل، يبتعد فيه عن القضايا الشخصية وتصفية الحسابات، والاختلافات بين الجانبين. واعتبر صديق شعارات الشارع التي يرفعها هي شعارات واهية، وأشار الى أن قرارات ٢٥ اكتوبر أدت إلى قطيعة ومهّدت لعودة السودان للعزلة الدولية مجدداً،  وقال ان عددا من المؤسسات الدولية علقت دعمها وربطته بعودة حكومة مدنية برئيس وزراء مدني.

تنازل

أما القيادي والناطق الرسمي  باسم تجمع المهنيين السودانيين الوليد علي،  فقد شن هجوماً لاذعاً على الأحزاب وقيادتها التي تمهد للتقليل من أهمية اللاءات الثلاثة التي ينادي بها الشارع السوداني، وأكد في حديث لـ”الصيحة” أن أي حزب يتبرأ من تلك الشعارات سيذهب إلى مزبلة التاريخ،  مشيرا الى وجود  قيادات بأحزاب سياسية  تتقمص مقترحات لا ترضي  قواعدها، وشدد على أن تجمع المهنيين ما زال متمسكاً ولن يتخلى عن شعاراته، وأشار الى أن الشعب استطاع أن يسقط النظام البائد دون التفاوض أو الحوار، مبيناً أن  هذا الدرب الذي يسير فيه تجمع المهنيين  لا يمكن أن يتنازل عنه.

التخلي

أما المحلل السياسي استاذ العلوم بجامعة بحري د. عبد العزيز، قد رهن حل الأزمة الحالية بالتخلي عن اللاءات الثلاثة والجلوس في طاولة حوار لا تستثني احداً، مبيناً أن الشارع الذي ينادي بهذه الشعارات لا يمثل كافة المواطنين، وأشار أن المتظاهرين الذين يقودون هذا الحراك يعتبرون واجهات لأحزاب اليسار وأولها الحزب الشيوعي،  وقال إن هذا الشعار ينافي السياسة، ولمح الى أن خيار ألا تفاوض يعتبر غير واعٍ  للصدام مع المؤسسة العسكرية، واكد ان ما يتعرض له المتظاهرون لا يمكن ان تلام عليه المؤسسة العسكرية، اذ ان الشارع المتظاهر أجبرها على استخدام هذا الأسلوب، ولفت الى أن أي مشكلة وأي قضية لا بد أن تنتهي بالتفاوض حتى وإن تطرقت للحل العسكري، فإنها لا بد أن تنتهي بالتفاوض، مستبعداً ان يحدث استقرارٌ سياسيٌّ من دون اللجوء للتفاوض والجلوس مع المكون العسكري في طاولة واحدة،

ولفت أن الفترة الانتقالية قد بدأت بشراكة مع المكون العسكري، وأن الشعب السوداني نفسه قد احتمى بالجيش وطلب منه الانضمام عند بوابة القيادة وهذا الطلب التمس فيه مبدأ الشراكة التي وقعتها قوى الحرية والتغيير مع الشق العسكري، وتابع أن من الأخطاء التي ارتكبها المكون المدني هو ممارسة الإقصاء، فهو يحاول مراراً وتكراراً إقصاء الكيانات ذات التأثير للانفراد بالقرار، وفي آخر المطاف تريد إقصاء المؤسسة العسكرية نفسها!!

وشهدت الساحة السياسية عددا من المواقف السياسية المتناقضة لبعض الأحزاب وقياداتها السياسية، والتي رفضها المحلل السياسي عبد الباسط الحاج والذي تحدث لـ”الصيحة” عن اختلافات الكيانات السياسية، وانشقاقاتها وعدم توحدها في كيان واحد ينادي بجميع الأهداف دون الانشقاق أو الانقسام أو سحب العضوية، ولفت ان الانفراد بالقرارات أو التصريحات دائماً ما يضر بالكيان السياسي، مفيداً أن اللاءات الثلاثة الآن تواجه عددا من المواقف ووجهات نظر، وأشار إلى أن هناك كيانات مستعدة الآن للتفاوض، وهناك كيانات تستبعد ذلك وتتمسّك بموقفها الموحد. لكن مع ذلك يجب ألا تنفرد قيادات الأحزاب بالمواقف، كما يجب أن تصرح الأحزاب بمواقفها دون التردد أو المُناورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى