مراجعة قرارات التمكين.. أين تكمن الحقيقة؟

 

تقرير: صلاح مختار    8فبراير2022م

جدل واسع وتباين كبير حول قرارات، لجنة استلام الأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين، الذي أصدره رئيس المجلس السيادي الفريق اول عبد الفتاح البرهان في نوفمبر 2021, وتم بموجب ذلك تجميد عمل لجنة إزالة التمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989, ففي الوقت الذي ترى فيه بعض قوى الثورة المؤيدة لأعمال لجنة التفكيك. فان تشكيل لجنة مراجعة قرارات اللجنة الهدف منه قطع الطريق امام التغيير واعادة النظام البائد الى الدولة والمشهد السياسي, وقطع الطريق أمام إكمال مهمة اللجنة والتي وصلت إلى مراحل مُتقدِّمة وان القضاء السوداني غير مؤهل للنظر في قرارات لجنة التمكين. مما ادى الى تأخير النظر في القضايا المطروحة.

فإن فريقا آخر ينظر الى قرارات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو بأنها حرب دون قانون وانتهاك لحقوق المواطنين في ظل غياب عنصر الدفاع, بجانب دخول عوامل شخصية في القضية. وشبّه بعضهم تلك القرارات بحملة (كتشنر باشا) في السودان, مما يستدعي وضع اطار قانوني ومنهجي ودستوري لعمل اللجنة ومكافحة الفساد. لذلك كل طرف يدافع عن حقيقة موقفه من القرارات ومن تشكيل اللجنة اذا اين تكمن الحقيقة؟.

خلل قانوني

ابتداءً، استهجن المحلل السياسي د. عمر عبد العزيز الحديث عن القضاء السوداني بأنه غير مؤهل للنظر في قضايا او قرارات لجنة التمكين, وقال انّ الطعن فيه غير مقبول مطلقاً. اما الامر الثاني اشار الى وجود خلل في قانون لجنة التمكين المجمدة, ورأى ان سلطاتها الممنوحة لها غير قانونية لجهة في يدها سلطة التحقيق والقضاء، واضاف لـ(الصيحة) أنها أي اللجنة تمارس دور الشاكي في القضية, وتلعب دور القاضي وبالتالي القانون هنا معيب. وتساءل لماذا السكوت عن الاجهزة الاعلامية باصدار قرارات ضد الشروق وليس سواءها من المؤسسات الإعلامية. مبيناً ان اللجنة اختارت المؤسستين فقط دون الآخرين واطلقت الحكم عليهما. واكد ان لجنة التمكين لم تعط فرصة الدفاع للذين اوقفتهم، ورأى أن المشكلة في القانون الذي منح السلطة للجنة.

عمل معيب

ورأى عبد العزيز ان لجنة المراجعة تبدو غير معنية بالافراد، وانما بالمؤسسات والاشياء التي استولت عليها اللجنة، وقال القضية ليس خطأً في تطبيق عمل اللجنة الذي شابه تجاوزات ومُخالفات وعمل اللجنة معيب لجهة أنها تعمل في عمل لم يمنحها لها القانون. لان القانون لم يمنحهم سلطة إدارة الأموال, وانما تصرفوا في الأموال والعربات. ولذلك كلها تجاوز للقانون، وأكد ان لجنة المراجعة مُحقة فيما تفعله من عمل في اطار القانون الذي منحه.

محاولة مغرضة

وعن الحملة ضد أعمال اللجنة، يقول القيادي في الحرية والتغيير، جعفر حسن، إن الهدف من ذلك هو تشويه صورة الأشخاص الذين كانوا يعملون بها، وقطع حسن في حديث لـ(الجريدة): إن المهاجمين يرغبون في إعادة اموالهم التي استردتها اللجنة خلال السنوات التي كانت تعمل بها، واعتبر ذلك مُحاولة وصفها بالمغرضة واليائسة، وليس لها أي معنى، مؤكداً أن كل ذلك يحدث بأمر من السلطة الانقلابية، بالتعاون مع فلول النظام السابق، وتابع: “رئيس اللجنة ياسر العطا بنفسه أقرّ ذات يوم بأن اللجنة تعمل بطريقة جيدة”.

غياب المؤسسات

لم يذهب بعيداً عن ذلك المحلل السياسي الفاتح محجوب، وأكد أن أكبر أخطاء الحكومة الانتقالية بخصوص لجنة تفكيك التمكين هو أنهم سمحوا لها بالعمل من دون أن تعمل إلى جنبها مؤسسات عدلية تراقب عملها، بل اعطوها صلاحيات مطلقة، وأضاف محجوب في معرض حديثه لـ(الجريدة): كانت هناك جهات تراقب وتحاسب، وتغييبها تماماً عن عمل اللجنة بسبب عدم ممارسة لجنة استئناف قرارات لجنة تفكيك التمكين عملها، وبالتالي أصبحت قرارات اللجنة لا تُخضع لمراجعة وهو ما أحاط عملها بكثير من الغموض واللغط والفساد، خاصة من طرف من استعانت بهم اللجنة وهو ما أثبتته اللجنة نفسها عبر تصريحات صحفية عن فساد بعض موظفيها. وأكد محجوب أن أهم الدروس المُستفادة من تجربة اللجنة هو أن السلطة المطلقة مفسدة عظيمة، وإن محاربة الفساد يجب أن تتم وفق الضوابط القانونية وعبر المؤسسات العدلية، وإلا نتج عنها فساد عظيم، وأشار إلى أن الخطأ لا يعالج بخطأ مثله، وأن الهجوم على القضاء الذي الغى معظم قرارات اللجنة، كان بسبب عدم استيفاء الشروط القانونية، مؤكداً أن اللجنة تمتلك صلاحية مطلقة في ظل غياب لجنة استئناف قرارات لجنة تفكيك التمكين، ويضيف بأن ذلك أمر نتج عنه ظلم حاق بعدد كبير من المواطنين، وبكثير من الشركات، ويقول محجوب: “أعتقد أن الدرس المُستفاد من عمل اللجنة أن الإجراء القانوني حتى وإن كان بطيئاً، فإنه يظل أفضل السبل لمعالجة الفساد.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى