السرطان القاتل الخفي.. يفتك بشعوب الدول الفقيرة

الخرطوم- الصيحة
مرض السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، وعبئه آخذ في الازدياد، وبحسب منظمة الصحة العالمية، تجاوز العالم عتبة جديدة في عام 2021، حيث تم تشخيص ما يُقدّر بنحو (20) مليون شخص مصاب بالسرطان، فيما توفي (10) ملايين شخص بسببه.
وفي تصريحات من جنيف أمس، قالت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن رعاية المرضى بالسرطان تعكس عدم المساواة في العالم.
وأضافت: “أوضَح أشكال التمييز- بهذا الشأن- هو بين البلدان ذات الدخل المرتفع وتلك ذات الدخل المنخفض، وبحسب التقارير، فإن العلاج الشامل متاح في أكثر من 90 في المائة من البلدان ذات الدخل المرتفع، ولكنه متاح بأقل من 15 في المائة في البلدان ذات الدخل المنخفض”.
سد فجوة الرعاية
ولهذا، فإن شعار اليوم العالمي للسرطان هذه السنة (الذي يوافق 4 فبراير من كل عام) هو “سد فجوة الرعاية”- وتتركز جهود منظمة الصحة العالمية على سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، وسرطان الأطفال، وتستهدف مبادراتها الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، لتحقيق أكبر مكاسب الصحة العامة.
وفي بيان مشترك للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايال ماريانو غروسي، ومدير عام منظمة الصحة العالمية، د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، فإن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تتأثر بشكل غير متناسب فيما يتعلق بحالات المرض بالسرطان والوفيات المرتبطة به.
ومع حلول عام 2040م، من المتوقع أن تحدث 70 في المائة من الوفيات في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وبحسب المنظمتين، لم يتم تنفيذ التدخلات الموصى بها للوقاية من السرطان وغيره من الأمراض غير السارية بشكل كافٍ، ولا يزال العلاج غير متاح في أجزاء كثيرة من العالم.
وعلى الصعيد العالمي، قد يحتاج ما يُقدّر بنصف الأشخاص المصابين بالسرطان إلى العلاج الإشعاعي كجزء من رعايتهم، ومع ذلك لا يوجد لدى العديد من البلدان آلة واحدة للعلاج الإشعاعي.
ويظهر هذا التفاوت الحاد بشكل خاص في أفريقيا، حيث أبلغت حوالي 70 في المائة من البلدان أن العلاج الإشعاعي غير متاح بشكل عام للسكان.
وبحسب البيان المشترك، تتطلب معالجة عبء السرطان اتباع نهج متعدد القطاعات ومتعدد التخصصات وقائم على الأدلة يستند إلى التغطية الصحية الشاملة للوقاية الفعّالة من السرطان، والكشف المبكر والتشخيص والعلاج والرعاية التلطيفية.
والرعاية التلطيفية هي علاج لتخفيف الأعراض الناجمة عن السرطان ولتحسين نوعية حياة المرضى وأسرهم، ويمكن أن تساعد الناس على العيش براحة أكبر.
وحثّت جمعية الصحة العامة، جميع الدول على بناء استجابتها الوطنية على استراتيجية شاملة لتوجيه أنشطة الوقاية من السرطان ومكافحته.
إقليم شرق المتوسط
بحسب منظمة الصحة العالمية، يتسبب السرطان في إقليم شرق المتوسط “السودان جزء منها” في وفاة ما يقرب من (459,000) شخص كل عام.
وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030 سيرتفع عبء السرطان في الإقليم ويصبح الأعلى بين جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية الست.
و13 في المائة تقريبا من حالات السرطان التي تم تشخيصها على مستوى العالم تعود إلى حالات عدوى مسرطنة، بما في ذلك فيروس الورم الحليمي الذي يتسبب في زيادة خطر الإصابة بعنق الرحم، وفيروس التهاب الكبد سي وبي الذي يتسبب في زيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد.
كما أن 14 في المائة فقط من مرضى السرطان الذين يحتاجون إلى رعاية ملطّفة يحصلون عليها.
مبادرة “أشعة الأمل”
استكمالا لهذه الجهود المستمرة، تطلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية مبادرة بعنوان “أشعة الأمل” لدعم الدول الأعضاء في تزويد سكانها بإمكانية الوصول إلى تشخيص وعلاج السرطان باستخدام الطب الإشعاعي، بدءا من البلدان الأفريقية الأكثر حاجة.
ويأتي إعلان مبادرة “أشعة الأمل” عشية قمة رؤساء الدول الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. فمن بين دول الاتحاد الأفريقي الـ(55)، أكثر من (20) دولة ليس لديها آلة إشعاعية واحدة.
وقال السيد غروسي: “الملايين من الناس الذين يعيشون في البلدان الأقل نموا يموتون بسبب السرطان، الذي غالبا ما يمكن علاجه والشفاء منه. لدينا واجب أخلاقي أن نبذل قصارى جهدنا لتغيير هذا الوضع المحزن.”
وتبني المبادرة على ستة عقود من خبرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال العلوم النووية لتشخيص وعلاج أنواع مختلفة من الأورام.
وتهدف إلى حشد الموارد المالية والشركاء وحشد الإرادة السياسية لتكثيف الحرب ضد كارثة تقتل العديد ممن كان من الممكن علاجهم بنجاح باستخدام التكنولوجيا الطبية الحديثة.
“الجائحة الصامتة”
من المتوقع أن يرتفع العدد الإجمالي لوفيات السرطان في جميع أنحاء العالم بأكثر من 60 في المائة في العقدين المقبلين، إلى (16) مليون شخص كل عام، مع معاناة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل – في أفريقيا وغيرها – من عبء هذه المأساة الصحية العالمية، ومعدلات وفاة تفوق بكثير المناطق الأكثر ثراء.
وتوفي (700.000) شخص في أفريقيا وحدها بسبب السرطان في عام 2020، حيث يقتل السرطان في أفريقيا نفس عدد الأشخاص الذين يتوفون بسبب الملاريا كل عام.
وينجو (7) من بين كل (10) مرضى بسرطان عنق الرحم وسرطان الأطفال في الدول الغنية، مقابل ثلاثة أو أقل في أفريقيا.
وقال السيد غروسي: “هذه الجائحة الصامتة لا تحصل سوى على حصة ضئيلة من التمويل المتاح في أماكن أخرى وللأمراض الأخرى.”
وبحسب تقرير شاركت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إعداده في عام 2021، من الممكن أن يؤدي سد الفجوة في التصوير والعلاج وجودة الرعاية إلى تجنب (2.5) مليون وفاة بالسرطان في أفريقيا.
وتنطلق مبادرة “أشعة الأمل” من أفريقيا، أملا في انتقالها إلى دول نامية أخرى.
وستبدأ المرحلة الأولى من المبادرة فورا في سبع دول وهي: بنن، تشاد، جمهورية الكونغو الديمقراطية، النيجر، ملاوي، كينيا والسنغال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى