عدم استقرار أمني.. تنظيم القاعدة.. هل يعود بالموجة الثانية للسودان؟

 

الخرطوم- الطيب محمد خير      4فبراير2022م

تشير الدعوة التي وجّهها أبو حذيفة السوداني القيادي البارز بتنظيم حراس الدين في سوريا، أحد أهم أفرع القاعدة، لعناصر القاعدة بالسودان,  تشير إلى ان التنظيم اعتمد تحركات، ومُحاولات إعادة وجوده وانتشاره في السودان بالاستفادة من حالة عدم الاستقرار الأمني فيه, وذلك بتشكيل خلايا جهادية وتأسيس جماعات جهادية تابعة  تتمركز في العاصمة والاقاليم، حيث دعا أبو حذيفة السوداني حسب مؤسسة “بيت المقدس” الإعلامية، المحسوبة على تنظيم القاعدة التي أوردت الخبر, دعا أحد رفقائه الذي لم يكشف اسمه الحقيقي للبدء في تكوين خلايا جهادية بنظام حرب العصابات بحيث تتركّز تلك الخلايا خارج وداخل العاصمة الخرطوم، ولا يقتصر نشاطها على العاصمة فقط، حتى تضمن وجود قواعد خلفية للإمداد والدعم، محرضاً أنصار التنظيم على استهداف جهاز المخابرات العامة السوداني وحدة مكافحة الإرهاب, لجهة أنهما يتوليان مواجهة الجهاديين على حد تعبيره، بالإضافة لضرب المفاصل الاقتصاديّة للجيش السوداني حتى يواجه أزمة مالية تؤدي إلى هزيمته.

أسس التكوين

المشهور أن تنظيم حراس الدين أسّسته مجموعة من المقاتلين الأجانب الذين انشقوا في العام (2016) عن تنظيم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا بعد أن أعلنت انشقاقها عن تنظيم  القاعدة وغيّرت اسمها إلى جبهة فتح الشام، ثم هيئة تحرير الشام, ما دفع المتشددين من المقاتلين الأجانب داخلها للانشقاق، والاتجاه لإنشاء تنظيمهم الخاص بهم تحت اسم تنظيم حراس الدين، وحافظوا على ولائهم لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، والتحق بتنظيم حراس الدين عدد من الجهاديين ذوي التاريخ القتالي الطويل داخل تنظيم القاعدة، وظَلّ التنظيم يتبنى في منشوراته التي يصدرها، بروباغندا تنظيم القاعدة العابر للأوطان، ويتطلّع لتوسيع نشاطه في الدول العربية والإسلامية.

ويؤكد الخبراء في الجماعات المتطرفة, أن تنظيم حراس الدين يعتمد على الخلايا النائمة في تكتيكاته لزعزعة الاستقرار بشنّ حرب العصابات، المتمثلة في الاغتيالات على الدراجات النارية والتفجير بواسطة السيارات المفخخة, ويحرص التنظيم على رفع قدرات مجنّديه ليتمتّعوا بمهارات كبيرة في جمع المعلومات الاستخبارية.

ضرورة الانتباهة

ونبه مختصون عسكريون لضرورة الانتباه لخطر تنظيم حراس الدين, وقال إنه من خلال دعوة أبو حذيفة ورسائله لخلايا التنظيم النائمة في السودان,  يسعى لترتيب صفوفه لمزاولة نشاطه, لكن بعد أن يطمئن لقُوّته، وشددوا على تكثيف استعداد الدولة السودانية لمُواجهته بضربة استباقية حتى ان لم ينفذ أي عمليات مسلحة في الوقت القريب، محذرين من خطر المرحلة المقبلة, حيث اكدوا انه يتطلب تغيير استراتيجية الدولة في مواجهة الإرهاب التي بدت غير مُناسبة للظروف ولا لخطر التنظيمات التي تواجهها، مُشيرين الى ان هناك عدة أسباب ربما تُساعد في ظهور موجة ثانية للقاعدة في السودان، في مقدمتها حالة اللا دولة التي يعيشها السودان الآن والسيولة الأمنية, فضلاً عن أن الجهود الدولية لمكافحة الجماعات الإرهابية الآن منصبة على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي برز بصورة كبيرة في العراق وسوريا, بجانب مجموعة الحوثيين في اليمن.

مجال خصب

وقال الناطق الرسمي للقوات المسلحة الاسبق, الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان لـ(الصيحة), ان التنظيم موجود في السودان وله خلايا نائمة، وما يعانيه السودان الآن من صراع ودعوة لعلمانية الدولة ومحاربة التوجه الإسلامي للدولة, ما خلق عدم توافق بين الكيانات السياسية، كل هذه يمكن ان تكون مدعاة لأن يسعى تنظيم القاعدة ليكون له دور من خلال ما طرحه هذا القيادي من رؤية متطرفة  في رسالته لأتباعه الذين يزعم أنهم موجودون داخل السودان, وقال ان المشهد السياسي المرتبك هذا يمثل مجالا خصبا لأن يكون لهذا التنظيم دور, واضاف سليمان وما يؤكد وجود هذه الجماعات المتطرفة هناك معلومات رفعتها الأجهزة الأمنية للمجلس السيادي ولجنة الامن العليا رصدت فيها حراكاً لهذا التنظيم لإيجاد قواعد له في السودان, حيث تم إنشاء قوات مشتركة لمحاربة التنظيمات المتطرفة التي من بينها تنظيم القاعدة، بجانب وجود تنظيمات اخرى تستهدف امن الدولة السودانية من خلال القيادات السياسية والوجود في المواقع الاستراتيجية, والمستهدف الأول من هذا دون شك هو القوات المسلحة باعتبارها الجهة المعنية بمحاربة هذه الجماعات والقضاء عليها, بجانب ان القوات المسلحة الآن هي سلطة حاكمة وهذا التنظيم واضح انه يستهدف الدولة السودانية بتهديده بضرب مؤسساتها السيادية والدفاعية باعتبارها ستشكل عائقا له في تحقيق اهدافه.

مكونات محفزة

ولفت سليمان ان حالة الاضطرابات والصراع الدائر بين المكونات وغيرها, جميعها محفزة لان يسعى تنظيم القاعدة لإنشاء قواعد له داخل السودان في إطار ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية.

وعما اذا كان السودان سيجد مساندة من المجتمع الدولي لمواجهة هذا التهديد, قال الفريق محمد بشير, إنّ هذه الرسائل والدعوة التي وجّهها هذا التنظيم لأتباعه داخل السودان ستكون سبباً قوياً يجعل القوى الدولية والإقليمية أن تأخذ الأمر محمل جد, ولا سيّما أنها الآن تسعى بكل السبل ألا يكون السودان دولة مُضطربة, لأن أي انفلات يجعل السودان في حالة اللا دولة كما في اليمن وليبيا, يكون مدخلا سهلا لهذا التنظيم بأن يتسلل للسودان بعد ان تتوفر له البيئة الخصبة لنمو انشطته, خاصة أن هذا التنظيم موجود الآن في المحيط الإقليمي للسودان ونشط، وبالتالي لا بد من تفعيل وتأسيس اتفاقيات الأمن المُشترك بين السودان ومحيطه الإقليمي والدولي, ويشمل ذلك المنظمات الدولية المُهتمة بمكافحة الإرهاب, وتسهم في منع أن يصل السودان لمرحلة الفوضى, وأن تكون القوات المسلحة هي الجهة الأكثر تماسكاً والمسؤولة عن حفظ الأمن والكف عن استهدافها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى