الحكومة والمخابز .. عندما تتصارع الأفيال تموت الحشائش!!

تجمّع أصحاب المخابز: حكومة الولاية في وادٍ والواقع المعاش في وادٍ آخر

صاحب مخبز:   ليس لدينا عداء مع الحكومة ونبحث عن حقوقنا 

بيع لجان المقاومة للدقيق المدعوم تجاوزات جديدة ومدخل للفساد

سوء الأوضاع يجعل الصفوف للموت وليس الخبز

شلقامي: هناك خلل في عدد المخابز وصعوبة مراقبتها وهو مدعاة للفساد

صاحب مخبز: الحكومة تريدنا أن نتراجع عن الإضراب دون التوصل لاتفاق

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس

تنفيذ التهديدات 

رغم التهديد والوعيد من قبل الحكومة بسحب التراخيص من المخابز التي دخلت في إضراب عن العمل،  إلا أن الواقع يؤكد أن أصحاب المخابز شرعوا فعلياً في تنفيذ تهديداتهم بالتوقف عن إنتاج الخبز، ودخلوا  يومهم الثالث ووصفوا الإضراب بالناجح  بنسبة ٨٠٪  علماً بأنهم لجأوا إلى الإضراب بعد مطالبات عديدة  للأجهزه التنفيذية بزياده سعر الخبز من ٢ جنيه الي ٣ جنيه حال ابقاء  الدعم او تحرير الخبز ليصبح سعر الرغيفه الواحدة ٥ جنيهات

 تكلفة غير مجزية

ويؤكد أصحاب المخابز بأن تكلفة الخبز الحالية غير مجزية وأدخلت عددا كبيراً منهم في خسائر كبيرة وأدت الى توقف بعض منها عن العمل نسبة للمشكلات التي تواجهها المتمثلة في ارتفاع الغاز وأجور العمالة وتراجع حصص الدقيق وارتفعت شكاوى اصحاب المخابز من ارتفاع تكلفة إنتاج الخبز في ظل تصاعد مستوى الأسعار.

تنفيذ المطالب

وشدد عدد من أصحاب المخابز تحدثوا لـ(الصيحة) على أهمية  تنفيذ مطالبهم المتمثلة في زيادة أسعار الخبز إلى ٥ ج تماشياً مع الزيادات في أسعار مدخلات الإنتاج لتغطية التكاليف محذرين من تأزم الوضع خلال الفترة القادمة في حال استمرار الإضراب وعدم التوصل إلى حلول عملية مرضية لجميع الأطراف.

سحب التراخيص

وكشف عضو تجمع أصحاب المخابز، عصام عكاشة، عن سحب حكومة ولاية الخرطوم، ترخيص عددٍ من المخابز وعدم تسليمها أيِّ كمية من الدقيق بحجة توقفها عن العمل، فيما شرعت لجنة مقاومة بالخرطوم في الاستيلاء على الدقيق المدعوم من أفران مضربة ومتوقفة عن العمل وباعته للمواطنين وتأسف عكاشة على الخطوة وقال في تصريح  لـ(الصيحة)، إن “حكومة الولاية في وادٍ والواقع المعاش في وادٍ آخر”، واستنكر تعامُل الحكومة مع مشكلات المخابز ووصفها بالمنطقية، وأضاف “العقلية التي تُدير البلاد لا تصلح لإدارة مدرسة، ناهيك عن دولة”، وشدد على أنّ التوقُّف عن العمل كان إجبارياً، بسبب تزايُد الخسائر وعدم قُدرة مُلاّك المخابز على مُجابهتها، وزاد: “أصحاب المخابز لا حول لهم بهذه الخسائر”.

الدقيق المدعوم

وفي سياقٍ مُتّصلٍ، شرعت لجنة مقاومة بالعاصمة الخرطوم في الاستيلاء على الدقيق المدعوم من أفران مُضربة ومُتوقِّفة عن العمل وباعته للمواطنين.

وقال عكاشة، إن لجان مقاومة دخلوا مخابز بـ”الجريف غرب” شرقي الخرطوم وأخذوا الدقيق وقاموا ببيعه للمواطن بواقع 20 جنيهاً للكيلو، ونوه إلى أن سعره يبلغ 16 جنيهاً فقط، ووصف الخطوة بالفساد واعتبرها مدخلاً لتجاوزات جديدة، وأكد عكاشة تسليم دقيق الحكومة للجان المُقاومة التي طالبت بذلك.

نجاح الإضراب

وفي ذات السياق قلل عضو شعبة المخابز صاحب مخبز بالخرطوم أحمد عبد المجيد لـ(الصيحة) من حديث والي الخرطوم وقال إنهم يصرون علينا أن نتراجع عن الإضراب ونعمل في ظل هذه الظروف دون التوصل إلى اتفاق، مؤكداً على نجاح الإضراب بنسبة فاقت الـ ٨٠ % وأضاف نحن ليس لدينا عداوة أو خلاف مع أي جهة حكومية أو مواطن، بل نبحث عن حقوقنا وفي القترة الماضية كنا نتحمل الخسائر ولكن الآن في ظل الارتفاع الكبير للأسعار ومدخلات الإنتاج والجاز أصبحنا عاجزين عن الإيفاء بها وكان برميل الجاز إلى أن يصلنا إلى أماكن العمل إضافة إلى الترحيل بـ ١٥٠٠ جنيه والآن برميل الجاز وصل إلى ١٠٢٠٠ جنيه، وهذا فارق كبير في السعرين من أين لنا كأصحاب مخابز تغطية هذا الفرق؟ .

توفيق أوضاع

ومن جانبه قال صاحب مخبز ببحري  لـ(الصيحة) ظللنا نطالب الجهات التنفيذيه بتوفيق الأوضاع ودعم مدخلات الإنتاج على رأسها الغاز والجاز، ولكن ما حدث فعلياً ارتفعت أسعار مدخلات إنتاج الخبز بصورة خيالية حيث ارتفع سعر جوال الدقيق من ٥٥٠ ج الى ٧٢٠ ج  والغاز من ١١٥٠ ج الى ٤ الف ج  والجازولين من٨٥٠ ج الى ١١ الف ج  وهي تمثل ٢٥٪ من إجمالي مشتقات إنتاج الخبز و٧٥٪ الأخرى لديها علاقة مباشرة بالسوق الموازي ونوه الى الزيادات الكبيرة في الخميرة من ٢٢٠٠ الى ٦٥٠٠ ج الزيت من ١٦٠٠ ج الى ٥٨٠٠ ج . الملح. العمالة من ٤٠ ج الى ١٥٠ ج للعجنة الواحدة . والإيجارات التي ترفع من قبل أصحاب المحلات بصورة شهرية ومعدات العمل التي يشتريها أصحاب المخابز من السوق الحر وقال وصلنا مرحلة إذا حدث عطل لا نستطيع إصلاحه نتيجة ارتفاع أسعار الإسبيرات.

 

خسائر كبيرة.

ومن ناحيته أوضح نائب رئيس اللجنة التسييرية لشعبة المخابز إسماعيل عبد الله أن الإضراب عن العمل في قطاع المخابز دعت اليه لجنة تجمع أصحاب المخابز، وأقر بأن أصحاب المخابز واجهوا خسائر كبيرة وقعت عليهم جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج والتي تم الاتفاق على مراجعتها كل ٣ شهور والآن مضى عام كامل دون اعادة النظر فيها، ولفت إلى أن زيادة نسبة الاستخلاص أدت الى رداءة الخبز وتراجع الأوزان والحجم وأكد أن الحل يتمثل في زيادة أسعار الخبز وأكد بأنهم كشعبة قاموا بمخاطبه الولاية في شان إشكاليات الخبز، وأقر بقصور والي ولاية الخرطوم في إيجاد حلول عاجلة وقال الوالي أبت نفسه الجلوس معنا للتفاكر والشعبة عملت ما في وسعها ولا تستطيع إجبار أي أحد للعمل بالخسارة، ونحن كشعبة ندرك بأن المواطن لم يتبق له إلا الخبز، وقال بأن خلافهم مع تجمع أصحاب المخابز حول أن الإضراب يتضرر منه المواطن وليس الحكومة وقطع بأن الأوضاع حرجة وحمل الوالي مسؤولية لرفضه الاستجابه لبرامج الشعبة.

 

معاناة مضاعفة

عدد من المواطنين  أجمعوا على زيادة  معاناتهم للحصول على حصتهم من الرغيف وقال المواطن محمد عبد الله  إنه يذهب  الى المخبز في ساعات الفجر الأولى وفي كثير من الأحيان يعود (بخفي حنين ) بسبب انتهاء الخبز أو بسبب حدوث مشادات بين المواطنين . ويضيف من المؤسف أننا أصبحنا نعاني من أزمة ضمير، ويشير  إلى انتشار بيع الخبز وسط النساء لأصحاب الكافتريات، لافتاً إلى أن العديد من النساء أصبحت المخابز مهنة لهن يأتين للوقوف في صفوف الخبز ومعهن أطفالهن ويأخذن كمية كبيرة  من الخبز ويتوجهن لبيعه لأصحاب الكفتريات حيث  يتجاوز سعر (الرغيفة) عشرة جنيهات . ويقول إنها تجارة رابحة وبالتأكيد صاحب الكفتريا أو المطعم  لا يهمه  شيء، وفي الآخر فإنه كسبان فطلب الفول وحده يصل الى (150) جنيهاً لذلك (عيشة أو عيشتين) مع ذلك الطلب لا يكلفه شيئاً.

وضع كارثي

ويصف أحد أصحاب المخابز الوضع بالكارثي، ويرجع أزمة الخبز لعدم توفر الحصة الكاملة من الدقيق  وليس خلل مخابز أو إنتاج ، ويقول في السابق كانت حصة أي مخبز أسبوعيًا (72) جوالاً، ولكن هذه الحصة تقلصت لـ(62) مما أحدث ربكة شديدة، والنتيجة أن أي مخبز بولاية الخرطوم يضطر للإغلاق يوما او يومين في الأسبوع لأن الحصة غير كافية، بجانب ذلك فإن المخابز ولنفس السبب تغلق أبوابها مابين الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً. ويضيف نتيجة لانعدام الدقيق  وإغلاق المخابز فإن المواطنين يلجأون لمخابز أخرى تبعد عن منطقتهم، وهذا الأمر يحدث ربكة، وقد تصل في بعض الأمر الى مشادات واشتباكات بسبب أن لجان المقاومة حددت بأن يستلم  أي مواطن  حصته من المخبز الذي يجاور منزله،  ويتساءل فإذا لم يكن المخبز يعمل فأين يذهب المواطن؟ ويقول بالتأكيد سوف يتوجه الى مخبز آخر ومن هنا تأتي المشاكل. ويقول حالياً نحن كأصحاب مخابز متهمون بإعطاء الخبز لأصحاب الكافتريات، ولكن هذا الأمر غير صحيح، والصحيح  قد يأتي عدد من المواطنين ويقفون في صف الخبز ويأخذون كمية كبيرة ومن ثم يقومون ببيعه فكيف لنا أن نعرف أنهم من منزل واحد؟ ويضيف أن أصحاب الكافتريات حاليًا أصبحوا يتوجهون للشراء مباشرة من المخابز التجارية، حيث تصل تكلفة الرغيفة الواحدة عشرة جنيهات. ويشير الى وجود عدد من المخابز تحولت للبيع التجاري وتركت المدعوم  نسبة لعدم توفر الدقيق بجانب أن التكلفة لا تغطي ويقول إن شركة ويتا كانت مغلقة لـ(13) يومًا بسبب انعدام القمح ولا توجد حلول واضحة وكل ما يحدث الاستعانة بمطحن لمعالجة مطحن آخر. وأرجع رداءة الخبز هذه الأيام بعدد من المناطق بسبب تقليل نسبة الاستخلاص للقمح، غير أنه أكد بأن المواطن حالياً لا يهمه إن كان الخبز رديئاً  بقدر ما تهمه الوفرة. وتوقع أن تذهب الأوضاع إلى الأسوأ.

خلل المخابز

ومن جانبه حمل رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي مسؤولية توفير الدقيق لوزارة المالية، وعندما يطحن ويرحل فهو مسئولية المحليات وفقًا للقوانين مشيراً إلى وجود مشاكل في تمويل القمح في المرحلة الأولى بجانب التوزيع و عدم الضبط من المحليات والجهات المعنية، فهناك أربعة آلاف مخبز، فإذا أردنا أن نخصص شرطة نحتاج لـ(٤) آلاف شرطي. ويقول شلقامي في اعتقادي  أن هناك خللاً في كمية المخابز وأقر  بصعوبة مراقبتها الأمر الذي اعتبره مدعاة للفساد وتسرب الدقيق وتهريبه، واستنكر  استمرار المحليات التصديق بإنشاء مخابز جديدة بدون أي شروط، مما يعمق الإشكالية

ويؤكد أن مسئولية المحليات تسلم الخبز وأن لا يكون الدقيق قد هرب أو بيع بجانب ضبط الأوزان، ويشاركهم حالياً في هذه المسئولية لجان المقاومة.

أما الحلول المقترحة من قبل حماية المستهلك أوردها شلقامي في رفع استخلاص الدقيق حتى لا يتسرب ويستخدم في صناعة الباسطة والبسبوسة، وتقليل نسبة الردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى