محيط القصر الجمهوري والقتل .. هل يُغيِّر الثوار وجهتهم؟

 

الخرطوم: صلاح مختار      1فبراير2022م 

بعد أكثر من عام, برزت اتجاهات وسط المحتجين بضرورة تغيير منهجية التظاهرات , وفسر ذلك بأن الطريق نحو القصر أصبح محفوفاً بالقتل والمخاطر والمشاق, ويتساءل بعض الثوار عن ضرورة التوجه الى القصر, إذا كان في حد ذاته قد لا يوجد فيه أحدٌ من المسؤولين, كي يستقبل أو يخاطب الثوار فقط يواجه بمتاريس والبمبان, كذلك يرى البعض انه ما دام الوصول الى القصر اصبح من الصعوبة بمكان نسبةً لوجود الطوق الأمني,  فلا بد من البحث عن وجهة اخرى يقصدونها.

ولهذا يقترح مراقبون لماذا لا يكون هنالك منصات لمُخاطبة المتظاهرين وتقديم المقترحات ومناقشتها وطرح الحلول.

مخاوف مشروعة

وقال المحلل السياسي محمد احمد علي, إن العنف الممارس من السلطات الأمنية ليس حكرا على التظاهرات التي تتجه صوب القصر, وسبق ان تعرضت مواكب مختلفة في شارع الـ(60) للعنف المفرط, وأيضاً المواكب المستمرة في شارع الشهيد عبد العظيم سقط فيها العديد من الشهداء, وفي بحري ايضاً تمارس ذات الأفعال.

وقال لـ(الصيحة) وما نود الاشارة اليه إنما يحدث من عنف يرتبط بسلوك القوات النظامية تجاه الاحتجاجات, وان كان للقصر رمزيته بوصفه مكاناً لقادة الانقلاب, ورأى أن من يتحدّث بأن الثوار عليهم أن يتّجهوا الى مناطق أخرى بعيداً عن القصر لتقليل الكلفة والخسائر في الأرواح, لم ينظر الى الأمر من زاوية كلية, والشاهد انه كلما خرجت مواكب سقط شهداء والدليل على ذلك ما حدث في مدني مؤخراً, أما عن الوجهة التي ينبغي ان يتبناها الثوار أو تغيير التكتيكات, فكل الوسائل السلمية متاحة ومجربة, ولكن تبدو أقل فعالية من الضغط الجماهيري المباشر, لذلك نجد ان لجان المقاومة مُتمسكة بتسيير المظاهرات وما تخشى منه السلطات ليس المواكب في حد ذاتها وإنما مخاوفهم أن تتحول الى اعتصام مفتوح أمام القصر.

رسالة للآخر

يرى أحد الثوار بشرق النيل يدعى أبو بكر ناصر ان الهدف من المسيرات هو توصيل رسالة للنظام القائم, وقال لـ(الصيحة) ان الإجراءات التي اتخذت في (25) أكتوبر من العام الماضي مضى عليها أكثر من تسعين يوماً كانت الوجهة هي القصر, وعندما اندلعت المليونية سقط فيها عدد من الثوار, وبالتالي أصبح التوجه الى القصر محفوظا مساراته عند الاجهزة الامنية, ولهذا لا بد من تغيير المسارات  والبحث عن تكتيك آخر أو وجهة جديدة للمليونيات, فاذا كان الهدف منها إرهاق الأجهزة  الأمنية عليها تحديد وجهات جديدة للمليونيات يستدعي الأجهزة الأمنية البحث عن خطط جديدة وعقد اجتماعات وتخطيط حول كيفية التعامل مع الثوار.

مقترحات مفتوحة

وأكد ناصر ان هنالك مقترحات لم تتبلور بعد الى أفكار ويمكن تنزل الى أرض الواقع, منها أن توجه التظاهرات الى مطار الخرطوم  لشل حركة الطيران, وبالتالي تكون هنالك صعوبة وخطورة في اطلاق الرصاص حول المطار, أو استخدام القنابل الصوتية التي تسبب مشكلة كبيرة قد تواجه الأجهزة الأمنية في حال استخدمتها, كذلك هناك مقترح بالتوجه الى شارع الستين مما يؤدي الى شلل واختناق في وسط الخرطوم, كذلك هنالك مقترح العودة الى الشكل القديم المتبع في عهد نظام البشير بإطلاق مواكب الأحياء من جديد, الذي من ميزاته قدرة الثوار على تأمين أنفسهم بحيث تصبح أعلى درجة من المواكب المركزية أو المفتوحة ودرجة التأمين فيها أعلى, وقال من المقترحات التي تجد رواجاً من البعض, استنساخ تجربة المنصات التي كانت مضروبة في القيادة, من خلالها يمكن تقييم تجربة المليونيات التي يرى البعض أنها أوصلت رسالتها رغم أنها لم تحدث أي تغيير في ظل تباعد مواقف القوى السياسية.

دعاة التغيير

ويقول رئيس مبادرة التعايش السلمي والسلام المُجتمعي أحمد عيسى تغيير, إنه من دعاة التغيير في وسائل التعبير بان يكون التعبير بوسائل مختلفة ليس فقط الاحتجاجات والتظاهرات, وقال لـ(الصيحة) التعبير في ظل توجه فكري وعقائدي يتطلب حواراً في منصات تعبر عن شورى حقيقية لنقل الأفكار ووضع المشاريع التي تتصل بكثير من المعلومات, ورأى أن النظام السابق كان لا يؤمن بالحوار, استخدم كل الوسائل القمعية حتى لا يمنع الطرف الآخر من التعبير, الآن هنالك حكومة تغيير بشراكة بين المدنيين والعسكريين, صحيحٌ هنالك خلافات وتباعُد في المواقف السياسية, التي انفضت بسبب تلك الخلافات ورغم تباعد الرؤى بين المكونين العسكري والمدني لا بد من منطقة وسطى للحوار ويمكن للطرف الآخر ان يصل الى نقاط التقاء دون التمترس حول لاءات الرفض.

منصات التعبير

ورأى تغيير أنّه بدلاً من أن تصبح منصات التعبير خلال المواكب أو المليونية مُواجهات يُقتل فيها الأبرياء, يمكن التوجه نحو المنصات للتعبير عن قضايا السودان الحقيقية, لجهة أن بعض المتظاهرين من خلفيات حزبية لا يؤمن بالحوار, بالتالي لا بد من مشاريع يجمع عليها الناس تقوم على حوارات ومنصات مثل الحوار الذي دعا له المبعوث الأمريكي, وقال إن الحوار الذي يدور بين لجان المقاومة يمكن أن يتم تطويره ليصبح حواراً سودانيا – سودانيا. واضاف قائلاً: يمكن ان تصبح تلك المنصات تحت حماية الأجهزة الامنية, وراى أن هنالك من يسعى الى توريط العسكريين والأجهزة الامنية والمدنيين في أحداث القتل المتبادل, وقال إن المخرج أن يكون اسلوب التعبير عبر الحوار وقيام المنصات للتعبير عن مطالب الثوار, وبالتالي لا بد من بلورة رؤية للدولة في اتجاه التعامل مع الشارع, وبدلاً من منصة المصادمة بين الأجهزة الأمنية والمدنية لابد من انتهاج منهجية للحوار لوقف العُنف المُتبادل وانتهاج أسلوب الشارع في عملية التوعية والتعامل مع المطالب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى