حكومَة الثورةَ.. دواعِي وأسباب الذُّبُول!!

 

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

التداعيات الأخيرة التي وجدت الحكومة أنّها مُضطرة لمُواجهتها، خاصةً تلك التي تتعلّق بالوضع الصحي العالمي جرّاء انتشار جائحة كورونا، جعلت الحكومة في موقفٍ حرج نتاج ضعف البنية الاقتصادية والتنموية، لجهة أن جائحة كورونا عملت على تعطيل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مَا أدّى بدوره لتعطيل الإنتاج على ندرته، إضافة للتركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة الانتقالية من النظام القديم البائد، كل هذه الأزمات المُستجدة والقديمة، دفعت المحلل السياسي الحاج ورّاق لمُطالبة قوى التغيير ورئيس  الوزراء عبد الله حمدوك، إلى إجراء مُعالجات عاجلة وسريعة تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية المُتفاقمة، خُصُوصاً مع تزايُد حالات الإصابة بفيروس كورونا، مشيراً إلى ضرورة أن تبدأ هذه المعالجات بقطع الفروع الميتة في الطاقم الاقتصادي، وإلا فإن كامل الشجرة “الحكومة الانتقالية” مُهدّدة بالذُّبُول والموات، وأبدى وراق استغرابه من استمرار بعض الوزراء الذي يرى بأنّ أداءهم سيئ ولا يُمكن التغاضي عنهم، مشيراً إلى فشل الطاقم الاقتصادي في إيقاف التدهور والخراب.. هذه التساؤلات وبعضها من القضايا التي وضعها الحاج ورّاق ودرجة تأثيرها في المَشهد الاقتصادي وتأثيرها على الحكومة الانتقالية، هل ستؤدي إلى ذُبُول شجرة الحكومة كما قال هو، أم أن الأمر يختلف عما قاله ورّاق؟

هَدفٌ مُشتركٌ

لم يكن هذا التحدي هو الذي يقلق الحاج ورّاق فحسب، وإنما هناك الكثير من القِوى السياسية بقوى الحرية والتغيير تُشارك ورّاق الرأي، وترى أن العملية لا تبدو إلا وأن تكون في سبيل المُدافعة لأجل الوطن.

ويقول نور الدين صلاح نائب الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني لـ(الصيحة)، إنّ المُشكلة تكمن في أن الحكومة تُواجه تحديات كبيرة ليس في المجال الاقتصادي الحرج فحسب، بل لا يوجد ملف لا تُواجه فيه الحكومة الصِّعاب، وأكّد أنّ مُجابهة الحكومة للتحديات أجبرتها على تجاوُزها بطرقٍ مُختلفةٍ حيث أن أمر التجاوُز يختلف من ملفٍ إلى آخر، وأكّد نور الدين أنّ التبايُنات في إدارة الملفات المُختلفة التي بحوزتها أصلاً موجودة وقال إنه فعلاً هناك خلافات بين الحرية والتغيير في إدارة الملف الاقتصادي، لكن ليس  بدرجة أن يصل لدرجة القطيعة بين الحُرية والتغيير كَحَاضِنَةٍ سياسيةٍ والحكومة كجهاز تنفيذي، وأوضح أن الهدف واحدٌ لكليهما ولكل طرف دعواته التي توصِّله للهدف المُشترك، وأن أية آلية موجودة مسنودة بوجهة نظر، وقال إنّ الأمر كله يُخضع للمُفاضلة في الاختيارات المطروحة، وإنه لا يوجد تحديدٌ مُسبقٌ للأفضليات السِّياسيَّة، ولا تُوجد تعلية عُنصر سياسي على حساب آخر دون النظر لمُحتوى مُنتوجه ومُشاركته وفاعليته، وقطع نور الدين أنّه لا يُوجد حجرٌ على أيِّ وجهة نظر ناقدة لسياسة الحكومة الكلية إذا ما كانت داعمة للعمليّة التنمويّة التي تَسعى لأجلها الحكومة وفق سياساتها المُختلفة، مُشيراً إلى أنّ الأمر يُخضع في النهاية لعملية مُعالجة في أوجه القُصُور التي وقعت فيها الحكومة عبر الطرق الإيجابية المَطروحة عبر وجهات النظر كالتي ألقى بها الحاج ورّاق إذا ما وجدت التأييد، ومن بعد تَعمل على تجويد الأداء بالصُّورة المَطلوبة حتى تُلافِي أوجه القُصُور والمَطَبّات التي كادت أن تقع فيها بناءً على رؤية الخُبراء والاستراتيجيين والسياسيين.

صرخات تنموية

بيد أن البعض الآخر مِمّن ينظرون للتحديات برؤى غير التي تراها الحكومة، لم يكن التحدي بزوال الحكومة أو بقائها هو ما يجعلهم يصرخون، ولكن بالطبع هناك تحديات أعمق تُحدِّد سيرورة الحكومة الانتقالية والثورة في آنٍ واحدٍ. ولعلّ ما يعتمل عند ورّاق يعتمل أيضاً عند آخرين جعلوا من أمر التنمية المُتوازنة أمراً ناجعاً في ظل الظُّروف التي يعيشها السودان وتهدِّد بقاء واستمرار حكومته جرّاء الأزمة الاقتصادية التي ضربت معظم دول العالم.

ولذلك يقول د. الوليد مادبو، إنّه وكي يكون النموذج التنموي مستداماً فعليه أن يكون مُفيداً وفَعّالاً ومُنتجاً من الناحية البنيوية، إذ لا يمكن لتنمية أن تحدث “دعك من أن تكون مُستدامة” في ظل الاختلالات الوظيفية، وقال إنّ أصحاب النماذج التنموية الناجحة في القرن العشرين بدأوا بمخاطبة الظلامات التاريخية وحققوا تسوية وطنية قننت الحقوق الدستورية ومن ثَمّ انطلقوا لتصميم استراتيجيات التنمية الوطنية، وكانوا أكثر استعداداً للتعامُل مع الصّدمات التي أحدثتها ظُرُوف الانتقال الكُبرى.

ناقوس الخطر

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي د. أبوبكر آدم، أنّ موقف قوى التغيير والسيد وزير المالية، ناتجٌ عن الحرص الكبير لكليهما، حفاظاً على مُكتسبات الثورة وآمال إنسانها وشبابها الذين قدموا أرواحهم لأجل التغيير، بينما تظل سِياسة رفع الدعم عن الوقود والمحروقات والخُبز وغيرها، واحدة من الأشياء والسياسات التي دفعت هؤلاء الشباب للخروج بقوة ضد حكومة النظام البائد، وقال أبوبكر لـ(الصيحة) إنه إذا كان حرص السيد الوزير أكبر من القوى السياسية التي تمثل الحاضنة السِّياسيَّة لحكومة السيد الوزير، لكنه يبقى من الضروري التفاهُم بين المكونين لعبور مطبات المرحلة بطريقة سلسة ودون مصاعب، وقال إنّ واحدة من مطبات هذه المرحلة، هو الخلافات الجوهرية التي واجهت المَوقف الاقتصادي، ويرى أن تصريحات الحاج ورّاق لا لَبس فيها، لأنّ الواقع المُعاش يفسح المجال لمثل هذه الرؤى التشاؤمية وهو من باب دق ناقوس الخطر المحدق بالحكومة الانتقالية، وأشار أبوبكر للتظاهرا ت المناوئة التي ظهرت في مخلتف أحياء الخرطوم، تُندِّد بالوضع الاقتصادي، وتُطالب الحكومة بالاستقالة وإلغاء الوثيقة الدستورية وتشكيل حكومة على نسقٍ جديدٍ لا يقصي الآخرين، بيد أنه قال لا يستبعد أيادي النظام المحلول من الوقوف ورائها، لكنه قال: هي بادرة وإشارة قد تستفحل لتعم نطاقاً أوسع، مِمّا يُوجب على حكومة حمدوك أن تتداركه قبل أن يخرج من دائرة المُحاصرة..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى