توقّفت بنسبة فاقت 90% .. مصانع الزيوت.. هل من مُعالجات؟

 

اقتصادي: زيادة أسعار الكهرباء خطرٌ يُهدِّد القطاع

صاحب مصنع: هناك دُخلاءٌ تسبّبوا في تشويه القطاع

غرفة الزيوت: الحكومة شرعت في وضع ميزانية دون استشارة أصحاب العمل

الخرطوم: انتصار فضل الله    13يناير2022م 

كشفت غرفة الزيوت، عن توقف إنتاج ضبط مصنع زيوت مُخالف للقوانين الصحية والبيئية بكرريالزيوت بالسودان لأكثر من ثمانية أشهر منذ توقف ميناء بورتسودان، وأرجعت ذلك الى ضعف الحكومة وحل الاتحادات عقب سقوط حكومة الإنقاذ.

مشاكل وتحديات كثيرة تُحيط بأكثر من 3 آلاف مصنع منتشرة في ولاية الخرطوم، مما أسهم في خروجها من دائرة الإنتاج لتفسح المجال للمصانع العشوائية لتجد طريقها الى التصنيع العشوائي بدون مواصفات معتمدة.

ويقبع بالمنطقة الصناعية بحري، العديد من المباني المُتناثرة هنا وهناك، هجرها أصحابها بأمر الإغلاق النهائي لتُضاف إلى أسطول المصانع التي عصفت بها الرياح ليتحوّل قطاع الزيوت الى شبح يهابه المستثمر المحلي.

أسباب عديدة ساهمت في إيجاد هذا الوضع الذي وصفه متحدثون لـ”الصيحة” بالخطير، وقالوا من شأنه أن يتمدّد ويقضي على الصناعة المحلية التي تبحث عن مَخرج آمن يستعيد من خلاله أصحاب المصانع عافيتهم.

عاصفة عاتية

لم يعد المُستثمر السوداني عبد القادر الريح يرغب في الاستثمار أمام عاصفة التحديات التي واجهته، فقرّر تصفية أعماله والهجرة الى الخارج عسى أن يجد مبتغاه ويحقق ما عجز عن تحقيقه في أرض الوطن، بعد ان أوصد أبواب مصنعه بـ”الطبلة والمفتاح”.

العمل في صناعة “الزيوت” ليس بالأمر المشجع بالنسبة لعبد القادر الذي قضى قرابة عشر سنوات يتكبّد فيها الخسائر دون إيجاد معالجات، حتى فاقت مديونيته 100 مليون جنيه خلال السنوات الأخيرة لحكومة الإنقاذ بسبب قطع الغيار فقط، فاضطر للتصرف في ممتلكاته والاستدانة من الأهل والأصدقاء لسداد الديون في ظل خسارة مستمرة للمصنع!

بالرغم من ذلك، استبشر خيراً في فترة الحكومة الانتقالية لمُعاودة العمل مجدداً، غير أن الوضع ازداد سوءاً بسبب الخلافات السياسية التي انعكست على الوضع الاقتصادي والإنتاج عموماً، وقال: يعاني العاملون في قطاع الزيوت مشاكل متفاقمة تأثر بها مئات العاملين في القطاع الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية سيئة، مشيرًا الى عطالة مقننة طالت مُلاك المصانع مقابل تشرد أسر كثيرة تعتمد في دخلها على هذا المجال.

عملية تشويه

وكشف عبد القادر لـ”الصيحة”، عن دخلاء تسبّبوا في تشويه القطاع من خلال الصناعة العشوائية للزيوت وتوزيعها في أسواق طرفية وأخرى مركزية بولاية الخرطوم مع وضع ديباجات جديدة، مشيراً الى وجود استغلال من قِبل أصحاب النفوس الضعيفة وغياب الرقابة، فاتخذوا من صناعة الزيوت داخل بيوت صغيرة في الأحياء باباً للكسب والتربح غير الشرعي.

عبد القادر ليس وحده من يُعاني جرّاء الأوضاع التي أدّت لتوقف انتاج المصانع، فهناك أكثر من 203 مستثمرين بالخرطوم هجروا القطاع واتّجهوا إلى مجالات أخرى بعد أن أغلقوا مصانعهم ولحقت بهم أضرار جمة!

وضعٌ مُخيفٌ

تقول تقارير إعلامية، بدأ توطين صناعة الزيوت في السودان على يد رأس المال السوداني في أربعينات القرن الماضي، حيث كانت تتوفّر العديد من المواد الخام التي تُستخدم في الصناعة ويغطي السودان 6,7% من حاجة العالم للفول السوداني وهو الأول على مستوى أفريقيا والوطن العربي في إنتاج الفول السوداني، كما يحظى السودان بإنتاج عال للسمسم الأبيض والأحمر والمختلط بنسبة تصل إلى 350 ألف طن في العام الواحد.

فبالرغم من توفر المواد الخام والأيدي العاملة وتراكُم الخبرات، يُحيط بالقطاع وضعٌ مخيفٌ جداً وتراجعٌ كبيرٌ، فبحسب المعطيات شهدت الأشهر الماضية انخفاضا ملحوظا في اسعار الفول السوداني من 320 الف جنيه إلى 280 ألف جنيه للطن، فيما انخفض سعر عبوة زيت الفول زنة 36 رطلًا من 14000 الى 13000 جنيه، ارجعها مختصون الى المعوقات تجاه الصادر لأسباب عدة، منها أحداث ميناء بورتسودان، مشيرين الى خطر حقيقي يهدد هذه الصناعة.

ماذا بعد؟

يقول معتز الباقر صاحب مصنع، الآن بعد الزيادة غير المتوقعة في تعرفة الكهرباء بشكل جنوني سوف تزيد معها تكاليف الإنتاج وبالتالي زيادة في أسعار الزيوت، مؤكداً أن هذا الوضع سوف يقود الى خروج ما تبقى من مصانع مازالت تعمل بإنتاج مُتراجع!! مؤكداً ان المصانع تقف عاجزة أمام منافسة الزيوت المستوردة للاستهلاك، عليه قرر أصحاب مصانع الزيوت العاجزة التوقف حينما يكون المستورد أقل سعراً من المنتج محلياً بنسبة اكثر من 50%، مطالبا بإنقاذ القطاع والنظر اليه من قبل السلطات.

وفي إفادة سابقة، أكّد عضو الغرفة أسامة الأنصاري، توقف عدد كبير من المصانع تجاوزت نسبته 90% من المصانع، مبيناً أن الحكومة شرعت في وضع ميزانية دُون استشارة أصحاب العمل، وقال “الإنتاج توقف تماماً”!

مشاكل مُستمرّة

ويؤكد الخبير الاقتصادي سعد محمد أحمد، أنه بالرغم أن إشكالات ميناء بورتسودان ما زالت قائمة، فضّل أصحاب المصانع تصدير الفول خام نقاوة عن طريق مصر مهما زادت تكاليف الصادر، معتبراً أن هذا الاتجاه أفضل خيار من تشغيل المصانع، مبيناً أن الصادر يعود إليهم كمنتج زيت وهذا يعني بما وصفه بـ”غباوة” الجهات المعنية التي قرّرت زيادة تعرفة الكهرباء، والتي عادت “بخراب” اقتصادي للبلاد برؤية تتمثل في جهل الجهات المعنية بالتخطيط الاقتصادي، مشدداً على تحسين سعر الصرف مع ضرورة أن تضع الدولة برنامجا اسعافيا جادا وسريعا، وسياسة تتوافق مع مطلوبات التحول الصناعي، وطالب بضرورة توفير للتمويل متوسط الأجل بالتركيز على الإنتاج بتقانة مع مراجعة سياسة الصادر، وبتزويد المصانع بالطاقة الكهربائية وتوفير الوقود باعتبارهما أهم المشكلات التي تُواجه المصانع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى