صلاح الدين  عووضة يكتب : وهــكذا!!

29ديسمبر2021م

فقد فترنا..

وفتر الوطن… والشعب… والثورة… والشارع… وحتى العالم فتر معنا..

ثم كبـرنا..

وكبرت أحزاننا… ومآسينا… وبلاوينا؛ بكبر تاريخنا السياسي منذ الاستقلال..

وبقدر هذا الكبر صغرنا… وصغر واقعنا..

 

وصديقي عمر الجزلي لديه قصيدة يقول فيها (لقد مضى العمر يا سيدتي)..

ويخاطب هنا محبوبة افتراضية… أو حقيقية..

وفي كلا الحالين ما من حبيبة تستحق أن يبدد عاشقها عمره من أجلها..

فإن مضى العمر فليمض هو نفسها عنها..

فالعمر ليس (بعزقة) ليُبعثر على خطى من تمضي مبتعدة عمن يهواها..

وليكن الأمر – إذن – هكذا..

 

فعمر ثورتنا نفسها لا يُمكن أن ننثره على خطى حمدوك وهو يمضي بسلحفائية..

ولا أعمارنا… ولا عمر بلادنا..

فليمض حمدوك هذا إلى حيث يريد – أو إلى حيث أتى – تصحبه السلامة..

فرأينا فيه – ومنذ البداية – أنه ليس برجل المرحلة..

فهو ضعيفٌ… مُتردِّدٌ… مُتبلِّدٌ… مُفتقرٌ إلى حساسية التفاعُل مع الأحداث..

وأثبتت الأحداث هذه فعلاً – الآن – صدق رأينا فيه..

 

وهذا لا ينفي أنه رجل شاطر في مجاله؛ مجال المال… والأرقام… والاقتصاد..

ولكنه لا يصلح لمناصب ذات قرار..

فهو لا يتّخذ قراراً إلا بعد أن يكاد يشاور فيه حتى عاملة البوفيه بمكتبه..

ثم يحرص على أن يُرضي قراره هذا الجميع..

جميع مكونات حاضنته السياسية؛ وجميع – كذلك – حواضنه الخارجية..

ثم برهان؛ وبقية شركائه من السياديين..

 

وهكذا إذن؛ هكذا..

ونتمنى ألا يتراجع – هذه المرة – عن قرار استقالته رضوخاً لضغوطٍ ما..

وتستمر دواعي (هكذا)..

فأحزابنا عليها ان تصرف أنظارها – وشهواتها – عن الكراسي فوراً..

وتوجهما إلى حيث الوجهة الصحيحة..

إلى صناديق الاقتراع؛ فالانتخابات وحدها هي من تُضفي صفة الشرعية..

وليس الشارع كما يتبجح البعض الآن..

 

ولم نر في الدنيا حزباً حكم بحجة أن الشارع معه؛ هكذا (من الباب للطاق)..

ثم يذهب إلى قصر الرئاسة بشرعية (شوارعية)..

كما لم نر في الدنيا – والتاريخ – حزباً يتحسس قاعدته عند ذكر كلمة انتخابات..

ولا نعني قاعدته الجماهيرية بالطبع..

وإنما التي (يقعد) بها على كراسي السلطة؛ وإن لم تأت به (القواعد) إليها..

ثم يمضي بقاعدته هذه – وسمعه – بعيداً كلما ذُكرت..

يمضي بهما – قاعدته وسمعه – كمضي سني الجزلي وهو يخاطب محبوبته..

ويقول لها (لقد مضى العمر يا سيدتي)..

فأحزابنا تريد من عمر ثورتنا أن يمضي دون انتخابات..

يمضي هكذا… ثم تحكم هي هكذا… ثم يُخلي لهم الجيش الساحة هكذا..

ونمضي نحن مع (هكذا) هذه اليوم..

ونقول إنه من غير المنطقي أن ينصب البعض أنفسهم ممثلين للشمال هكذا..

ثم يريدون نصيباً من السلطة باسم الشمال هذا؛ هكذا..

فقط هكذا؛ بلا انتخاب… ولا تفويض… ولا حتى شرعية (قعدة) شجرة..

بل ولا حتى بتفويض من (جلسة عُمد)..

ثم يا برهان لا يمكن أن تمضي الأمور هكذا..

فلا تزدِ النار ضراماً… ولا الطين بلة… ولا الأُثيفتين أخرى كثالثة أثافي..

فليس هذا وقت منح حصاناتٍ للشرطة..

 

ولا أن تُعيد لجهاز الأمن صلاحيات سيرته الأولى بذريعة حالة الطوارئ..

ففن الممكن السياسي لا يكون هكذا..

سيما أن النفوس – بما فيها نفوس عناصر الشرطة والأمن – مشحونة للغاية..

مشحونة جداً بفعل عوامل الراهن..

وهذا الشحن تكمن في جوفه محاذير الانفجار..

والبلاد – في ظروفنا هذه – بحاجة إلى خراطيم مطافئ لا قاذفات لهب..

 

بحاجة إلى كبار..

كبار بعقولهم… ووطنيتهم… وضمائرهم..

وإلا فلنعشق محبوبة حقيقية – أو افتراضية – اسمها الديمقراطية الرابعة..

ونغني لها (لقد مضى العمر يا سيدتي)..

وهكــــذا!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى