آمال عباس يكتب : وقفات مُهمّة

11ديسمبر2021م

رحيـــــــل المرافئ القديمة

عندما فرغت من قراءة القصص الست التي ضمتها المجموعة القصصية الصادرة من دار الآداب للقاصة اللبنانية غادة السمان بعنوانها رحيل المرافئ القديمة.. وجدت نفسي أفكر بعمق بعيد في قضية هامة.. وهي قضية الواقع الفعلي للمجتمع العربي بعد نكسة يونيو ودور الأديب والشاعر وكل مبدع في ذاك المُجتمع.

الدانوب الرمادي – وأرملة الفرح – حريق ذلك الطيف – جريمة شرف – ساعتان والغراب – عذراء بيروت.. هذه الست قصص وكلها تناقش قضايا اجتماعية غاية في الأهمية.. إلا أني هنا لست بصدد تقديم نقد أو عرض للمجموعة.. وربما فعلت ذلك بصورة أوسع وفي وقت قريب.. ولكن هذه وقفة قصيرة ومهمة لطرح مسائل أدبية هامة.. تناقشها الأوساط الأدبية في العالم العربي منذ وقبل النكسة وبعدها.. وستظل إلى أن نستطيع أن نُغيِّر بما بأنفسنا ليغير الله واقعنا هذا الملئ بالنقاش والخطب والاختلاف والضياع.

وقضية التزام المبدع يحددها هو بنفسه منذ البدء عندما يشرع في تحويل أي فكرة إلى عمل واقع متمثل في كلمات أو أنغام أو خطوط.. ويدور في رأسه من أين أبدأ وإلى أين انتهى حوار صاخب قد يطول أو يقصر.. وماذا أريد أن أقول وإلى أي غاية أهداف.

وفي الغالب المبدع المُلتزم لا يلامس أداة إبداعه قبل أن يكون قد عرف على وجه التحديد إجابة السؤال الكبير في رأسه لماذا أريد أن أعبر.. أن أكتب.. أن أعزف.. أن أرسم لوحة..؟

فاذا كانت الإجابة لدى جميع فنانينا منذ الخامس من يونيو 1967م أريد أن أخلق لشعبي سلاحاً قوياً في حرب البقاء التي يخوضها ضد قوى القهر والعُدوان.. ففي هذه الحالة لا نجد سوى أن نُحاسب الفنان على ما أبدعه وفقاً لما جاء على لسانه.. أو موقفه من التزام ذلك الاتفاق, فالتزام الفنان في قضية مثل القضية العربية بعد يونيو لا يُمكن أن تكون التزاماً بالموضوع وحده.. أو بالمعنى وإنّما هو التزامٌ بالأسلوب.. وإن سلاح الفن, ويجب أن نعتبر الفن سلاحاً طالما يعبر عن الوعي والمعرفة والشعور.. لا يؤثر بمعانيه أو مقاصده وحسب وإنما يؤثر بأسلوبه أيضاً.. فالأسلوب عليه أن يشعرنا لحظة فعاليته كل ما أراده لنا من وعي ومعرفة وشُعُور.. وإلا لم يؤثر فينا إلا بشكل مهزوز.. قد يزيد أفكارنا تخبُّطاً.

وفي مجموعة غادة السمان أربع قصص تتحدّث عن النكسة وما بعدها والقصص هي الدانوب الرمادي – أرملة الفرح – حريق ذلك الصيف وجريمة شرف.. ناقشت فيها غادة من خلال شخصياتها لكل قضايا المُجتمع العربي السياسية والاجتماعية وغضبت ورفضت وحلمت وتعبت وحتى في القصتين الأخيرتين ساعتان والغراب وعذراء بيروت.. كان النقاش من خلال آثار النكسة على نفسية العرب.

وكما أسلفت هذه خاطرة أردت أن أضعها وعلى ضوئها نعيد معاً قراءة رحيل المرافئ القديمة إلى حين أن ندرسها معاً, وعلى كل قد التزمت غادة السمان بجعل الفن سلاحاً في يد شعبها ومن هُنا تكون مُحاسبتنا لها.

  • من التراث:

في قاموس اللهجة العامية في السودان للدكتور عون الشريف جاء الآتي:

ديغة (غرب السودان) حالة عصبية أو تخيلات في الحلم.

قال الحمري: البارح بعد ما نمت حصلت لي ديغة وزي مغزلن تمت ديغوت “في شمال القلة المطبوخة بالماء – قال الجعلي الهنباتي يوم بتمطق الديغوت قبل نورانا. ديغة شمال. قطعة الأرض من الجدول المتفرع من الجدول الرئيسي في الساقية”.

دايوك – ضرب من الردوك قال الشاعر

شعراً بلا دايوك هدل الوسادة

سنا بلا مسواك برقاً مكادة.

مقطع شعر:

في ديوان أقول لكم للشاعر صلاح عبد الصبور ومن قصيدته الشئ الحزين إليكم هذا المقطع:

هُنَاكَ شَىءٌ فِي نُفُوسِنَا حَزِيْنْ

قَدْ يَخْتَفِي وَلاَ يَبِيْنْ

لَكِنَّهُ مَكْنُوْنْ

شَىءٌ غَرِيْبٌ … غَامِضٌ … حَنُوْنْ

لَعَلَّهُ التَّذْكَارْ

تَذْكَار يَوْمٍ تَافِهٍ بِلاَ قَرَارْ

أَوْ لَيْلَةٍ قَدْ ضَمَّهَا النِّسْيَانُ فِي إِزَارْ

“لَوْ غُصْتَ فِي دَفَائِنِ البِحَارْ

لَجَمَّعَتْ كَفَّاكَ مِنْ مَحَارِهَا …

تَذْكَارْ”

لَعَلَّهُ النَّدَمْ

فَأَنْتَ لَوْ دَفَنْتَ جُثَّةً بِأَرْض

لأَوْرَقَتْ جُذُورُهَا، وَأَيْنَعَتْ ثِمَارْ

ثَقِيْلَةَ القَدَمْ

مربع شعر:

قال الحاردلو:

واحدة منهن قالت ولوفنا تراهو

فتى ليهن نعم محسوبكن إياهو

الصبا والجمال الدايرو ها البراقو

نرى هذا الهرد قلبو وقسمها كلاهو

من أمثالنا:

دَربَ السّلامة للحول قَريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى