الصادق المهدي.. العرّاب يُعلِن الزهد

الخرطوم: عوضية سليمان

جملة مواقف يعدها البعض متناقضة لقرارات المهدي السياسية في الفترة الأخيرة، ليأتي موقفه الأخير عبر خطوة غير متوقعة من رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي أكد فيها عدم القبول بأي وظيفة خلال المرحلة الانتقالية، وأوضح أنه سوف يكتفي بلعب دور العرّاب السياسي، وأنه لن يكون من ضمن المرشحين في الانتخابات المقبلة، وتعهد بالعمل بكافة الوسائل لإقناع الحركات المسلحة بالانضمام لعملية السلام.

ليبرز السؤال من هو الخليفة الشرعي للإمام لقيادة طائفة الأنصار في وقت أكد فيه محللون وخبراء سياسيون للصيحة استحالة أن تترشح كريمته مريم الصادق لرئاسة الحزب بالرغم من أنها تشغل منصب نائب رئيس الحزب في دورته الحالية، لاعتبار أن حزب الأمة طائفة دينية تقدم الرجال في تسنم المناصب الريادية، مرشحين إبراهيم الأمين للمنصب كونه أحد أبرز قادة الحزب الذين حققوا مكاسب ضخمة للحزب في أضابير السياسة السودانية.

موقف رافض

مصدر مقرب من حزب الامة ــ فضل حجب اسمه ــ قال للصيحة، إن نية اعتزال الزعيم الصادق المهدي للسياسة يعد أمراً طبيعياً باعتباره قد أشار إليه أكثر من مرة، موضحاً أن المهدي يتشبع بالسياسة لحد بعيد جداً وأنه لا يستطيع العيش بعيداً عن السياسة التي تعد بالنسبة له لعبة قديمة وموروثة بقدر ما هو (غرقان) في متاهاتها عبر سنين بعيدة مرّ خلالها بكل مراحل الفترات الانتقالية والانقلابات، وكان دوره البطولي والوطني واضحاً في تلك الفترة، وقال المصدر إن القرار ليس بالبعيد عن قرارات الصادق المهدي، قبل أن يتساءل عن سر الدهشة في القرار، علماً بأن هنالك قرارات أكبر من ذلك من قبل قررها الصادق المهدي لم تصل مداها، ولم يتم تنفيذها، مما جعل البعض يصفه بأنه سياسي ذو تصريحات هشة ومتناقضة بناء على تصريحاته المتوالية والمتناقضة في آن واحد إبان الظروف السياسية، لذلك تصريحاته باعتزال السياسة لم يقف عندها الناس كثيراً، وتعتبر مثل غيرها من التصريحات.

وأضاف المصدر: من حق أي رئيس حزب أن يتخذ قراراته يبين ويوضح فيها أسبابه والدوافع التي دعته لذلك الاعتزال، ولكن نحن كحزب أمة موقفنا رافض له تماماً بأن يتخلي عن السياسة وعن رئاسة الحزب العريق الذي مر بمراحل تاريخية مشهودة له في تاريخه السياسي. وكشف المصدر عن أنهم لم تتم مشاورتهم إلى الآن في كيفية إدارة الحزب أو من يخلف المهدي في الفترة القادمة، والتزمنا الصمت بسبب المرحلة السياسية الحرجة التي تمر بها البلاد الآن، موضحاً أن حزب الأمة أول من وقع على إعلان الحرية والتغيير وأن حزبهم كبير ويحتاج إلى شخص يقوده كما كان يفعل الإمام الصادق المهدي بحكمته وخبرته وخوفه على الوطن قبل الحزب.

استبدال

وفي السياق، أبان نائب رئيس الحزب إبراهيم الأمين أنهم في الحزب بصدد إعادة بناء مؤسساته من القاعدة وحتى القمة، وقال الأمين في حوار له مع “الصيحة” إن المؤتمر القادم سيعيد بناء الحزب من القاعدة إلى القمة على أسس واضحة جداً بشفافية مطلقة، إذ لا يمكن لأي شخص مهما كانت مكانته أو انتماؤه أن ينال موقعًا ما لم يتوفر فيه شرطا االكفاءة وقبول الناس، في إشارة لترشيحات سابقة لكريمة المهدي مريم لخلافة والدها في رئاسة الحزب. ونفى الأمين ما تردد حول إمساك آل المهدي بزمام القرار داخل الحزب العريق، وقال في ذات الحوار: بيت المهدي فيه ألف حفيد، كما أن هنالك أناساً ليست لديهم علاقة بالحزب، ونحن في الحزب لدينا عمل مؤسسي يستطيع أن يحجم أي محاولة لسيطرة أي شخص يحاول بانتمائه لبيت المهدي أن يتولى العمل، نافياً بأن تكون هنالك خلافات بين مكونات الحزب وبيت المهدي، مشيراً إلى أن استبداله لمريم الصادق ضمن وفد التفاوض مع العسكري ممثلة لنداء السودان، جاء نتاج تغييرات روتينية يجريها الحزب لممثليه.

الثقافة تناسب عمره

(جاء الوقت المناسب ليعلن الإمام الصادق اعتزاله العمل السياسي بعد تجاوزه الثمانين)، هكذا بدأ المحلل السياسي عبد الرحمن أبوخريس حديثه للصيحة، مضيفاً أن الثقافة بعيدة عن السياسة، ولكننا نخشى أن يخلط المهدي بينهما وأن إعلان اعتزاله في هذا التوقيت ربما يكون لعبة جديدة في عهد جديد، متمنياً أن تكون هذه الخطوة من قِبل الصادق خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنه دخل السياسة مبكراً جداً، وهو في الثلاثين، وخاض السياسة بكل مطباتها ومتاريسها فخسر مرة وكسب مرات، مضيفاً أن الصادق المهدي قد تقدم به العمر، وهو أمر لا يُمكّنه من مجاراة العمل السياسي الذي يحتاج لعصف ذهني مستمر. وحول رئاسة حزب الأمة في حال تنحي المهدي، يقول أبو خريس إن رئاسة الحزب تحتاج إلى شخص يجمع بين الإمام والسياسة باسم حزب الأمة، لذلك فإن الأقرب لذلك المنصب ابنه صديق، وقال أبو خريس إن المهدي له دور كبير الآن في التغيير، ورفض الإضراب العام، وسبق له ان رفض الوثيقة الدستورية التي رفعت إلى                     المجلس العسكري، لذلك هو صاحب الحق والأفضلية في الشورى، وقال إن المهدي سيكون على صواب إن اتخذ قراراً باعتزال السياسة الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى