الدولة العميقة

*مساء الثلاثاء المنصرم، كان المجلس العسكري يعقد مؤتمره الصحفي لتوضيح رؤيته حول وثيقة قوى الحرية والتغيير التي قدمها بداية هذا الأسبوع.

*وربما في ذات الوقت الذي كان يتحدث فيه الناطق الرسمي باسم المجلس الفريق شمس الدين كباشي، عن الكثير من المواضيع التي تهم الوطن في هذا المنعطف الخطير، كانت بعض أحياء الخرطوم تفجر غضبها في الشوارع لما تواجهه تلك الأحياء من تردٍّ في تقديم خدمات المياه والكهرباء.

*المجلس العسكري يعلم جيداً أن الدولة العميقة موجودة وجزم قادة المجلس على تفكيكها، ولكن هذا لن يحدث في يوم ولا شهر ولا عام، جهد ثلاثين عاماً مضت، لا يمكن تفكيكه في أيام وشهور.

*خرجت أمس الأول أحياء الصحافة والكلاكلات معلنة غضبها على انقطاع المياه والكهرباء، وربما تشهد الأيام المقبلة غضب آخرين من نقص خدمة أو تردي أخرى، فكل شيء وارد مع الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد منذ الحادي عشر من أبريل المنصرم.

*في مؤتمر العسكري، تحدث قادته بما نريد قوله، وما قلناه تكراراً، وهو ليس هناك حق لقوى الحرية والتغيير اختيار الجهاز التنفيذي والتشريعي، وكل شيء لتجعل المجلس هزيلاً لا وجود له، ولا يعقل أن يكون كل شيء من قوى الحرية والتغيير في إقصاء واضح لبقية الأحزاب الأخرى.

*المجلس ذكر نقطة مهمة جدًا في المؤتمر الصحفي، وهو إجراء انتخابات عاجلة في حال عدم الوصول إلى صيغة اتفاق مع القوى السياسية المختلفة في تشكيل الحكومة الانتقالية، وحدد فترة ستة أشهر لقيام هذه الانتخابات.
*طبعاً الكثير من الأحزاب السياسية ستتضرر من هذه الانتخابات، إن قامت باعتبار أنها غير جاهزة لخوض غمار مثل هذه الانتخابات، وسينحصر التنافس في أحزاب محددة ومعروفة بخبراتها وتجاربها في خوض مثل هذه الانتخابات.

*الفترة التي حددها العسكري بعامين وبعدها قيام انتخابات هي فترة جيدة جداً لكافة الأحزاب السياسية حتى تجهز برنامجها ومرشحيها للمنافسة في الانتخابات، ولكن إن وصل الجميع إلى طريق مسدود، فستكون الانتخابات بعد ستة أشهر فقط، وهذا سيضر بالكثير من الأحزاب التي غابت سنوات طوالاً من الحراك الديمقراطي، وفقدت الكثير من لياقتها الانتخابية خاصة أحزاب “التوالي السياسي”، التي صنعتها الإنقاذ في سنوات حكمها الثلاثين.
*بأي حال، قيام انتخابات بعد ستة أشهر سيكون ضررها أكثر من نفعها، خاصة وأن الدولة العميقة لا زالت موجودة، وإن أجريت انتخابات خلال الستة أشهر سيكون الفائز للحزب صاحب البرنامج الجيد والقادة المميزين، وهذا لن نجده –على الأقل في الوقت الحالي- وسط الأحزاب السودانية التي تريد ان تمارس الديكتاورية منذ سقوط الآنقاذ وحتى الآن.

*وإن كان قوى الحرية والتغيير طلبت أن تكون الفترة الانتقالية أربعة أعوام للانتهاء من الدولة العميقة، فكيف سيكون الحال لفترة انتقالية ستة أشهر، وبوجود الدولة العميقة التي يخشاها الجميع الآن، ويحاول العسكري تفكيكها بيسر وسهولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى